أولى

معركة مأرب على إيقاع إقليميّ

أظهر أنصار الله في اليمن قدرة على قراءة الثابت والمتحرّك في المعادلات المحيطة بالحرب التي يخوضونها في مواجهة العدوان الذي بدأته السعودية والإمارات عليهم برعاية أميركية وتشجيع من كيان الاحتلال، وهم بعد شهور من الإيحاءات بوجود مشاريع للتسويات، تصعد وتهبط، وضعوا في مواجهتها معادلة فك الحصار أولاً وقبل كل شيء، يجدون أن التباطؤ عاد إلى المشهد التفاوضيّ، فالتقطوا الإشارة كما العادة.

تشكل مأرب الخاصرة الرخوة لتحالف الحرب على اليمن، كما تمثل نقطة الثقل في حسم التوازنات في حسم تلك الحرب. وقد ضبطت حركة أنصار الله إيقاع حركتها في هذه الحرب على فهمها للمعادلات والفرص، وتبدو كأنها تقرأ اليوم متغيّرات تتيح المضي بجولة تقدم جديدة على جبهات مأرب.

ما جرى في معركة سيف القدس قدّم صورة عن موازين القوى الحاكمة للمواجهة الدائرة في المنطقة بين محور المقاومة الذي تقوده طهران ومحور تقوده واشنطن يضم السعودية والإمارات وكيان الاحتلال، وما يجري من تعقيد في مسار التفاوض حول الملف النوويّ يوحي بعجز واشنطن عن تحمل كلفة التهدئة في الملف الذي يعنيها وحدها وقد مهّدت له كثيراً، فكيف يمكن توقع قدرتها على المضي قدماً في ملفات شائكة كالملف اليمني وما يعنيه من تأثيرات على حليفيها السعودي والإماراتي، وهذا يعني بنظر أنصار الله عدم نضوج فرص بلوغ التسوية والحاجة للتغيير في موازين القوى يبدو ضرورياً لفرض شروط أكثر ملاءمة.

مأرب التي تشهد هذه الأيام أشد المعارك وأعنفها تشكل المكان المناسب لإحداث التغيير المطلوب. فالتقدم على جبهة مأرب يغير معادلة اليمن المقبلة، رغم ما يوحي به الضغط عبر استهداف العمق السعودي من أهمية إلا أنه ظرفي ولا يحمل تغييراً جذرياً في جغرافيا السياسة اليمنية التي ستتحرك فيها عملية بناء دولة التسوية اليمنية.

خريطة مأرب نموذج مصغّر عن خريطة اليمن الجديد.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى