الأمين غسان عز الدين أحد أكثر الذين تميّزوا بحضورهم الحزبي في الستينيات
عرفته في العام 1960، ثم ترافقنا كثيراً في السنوات الصعبة التي تلت الثورة الانقلابية، وأذكر أكثر عندما كنا نلتقي في مقهى على الروشة، نتسلى بلعب «البولينغ» فيما نحن نلتقي رفقاء ومسؤولين من المناطق، نبحث معهم في العمل الحزبي، ثم ننتقل الى منزل المخرج السينمائي المعروف جورج نصر(1) فنلتقي مفوض عام لبنان الرفيق (الأمين لاحقاً) هنري حاماتي، ومع الأمين غسان عز الدين تعرّضنا للكثير من مذكرات التوقيف، نسير على طرقات بيروت نحكي في الحزب، نخطط، نبحث في الكثير من المواضيع والهموم الحزبية، أيام تولي الرفيق جوزف رزق الله(2) للمسؤولية الأولى، ثم الأمين هنري حاماتي، فالأمين عبد الله محسن رئيساً للجنة المركزية(3).
كثير أيضاً ما توجهنا الى مكتب المحامي الرفيق عبد اللطيف غلاييني(4) الى مكتب المواطن الصديق مجدت عسيران، نلتقي شقيقه الرفيق رفعت(5) ونتوجه الى المصبغة التي يديرها الأمين المميّز بنضاله واستقامته، شكيب أبو مصلح(6) او نزور الأمين محمد جبلاوي(7) ثم الأمين ماجد ناطور(8) فالرفيق رستم فخران(9) وغيرهم من عشرات الرفقاء في بيروت الذين نشطوا واستبسلوا في الستينات واستمروا رغم متابعات عملاء المكتب الثاني وكلّ الأوضاع الصعبة التي رافقت السنوات التي كان فيها الرفقاء المشاركون في الانقلاب قيد الاعتقال، والرفقاء في الخارج يتحركون غير آبهين بكل ما قد يتعرّضون إليه.
في كلّ تلك السنوات، كان الأمين غسان عز الدين ركناً متقدماً، له حضوره المميّز في الكثير من المسؤوليات والمواقع والاتصالات الحزبية والسياسية.
هذا الكمّ الغزير من غسان عز الدين، نراه في الأجزاء الخمسة من سلسلة «حوار مع الذاكرة» التي قدّم الأمين غسان جهداً استثنائياً لجمع الكثير من المعلومات المفيدة جداً لتاريخ الحزب، فأصدرها في خمسة أجزاء من الحجم الكبير، والتي تشكل بما فيها من وثائق ومعلومات مرجعاً هاماً لكلّ باحث في تاريخ حزبنا.
من الجزء الأول من «حوار مع الذاكرة» اخترت التالي:
النشأة العائلية والحزبية
في الواقع انّ نشأتي العائلية منذ الطفولة ليست منفصلة الى حدّ كبير عن نشأتي الحزبية.. من حيث الإيمان بقيَم الحق والخير والجمال، والايمان الديني المنفتح، والبعد عن التعصّب والطائفية، والصراع الطبقي، واعتماد شريعة العقل، في مواجهة كل جديد، والحوار الموضوعي واحترام الرأي الآخر، وبالتالي البذل والعطاء وعمل الخير. فكل من جدّي ووالدي وخالي من علماء الدين المؤمنين بهذه القيم والداعين لها.
منذ كنت في السابعة من عمري وأنا أسمع عن الوحدة السورية، والنضال والجهاد والحرية يتردّد بين مجموعة من العلماء والمناضلين والادباء والشعراء، خلال لقاءات واجتماعات كانت تعقد في منزل جدي، العلاّمة الشيخ عز الدين علي عز الدين، وبعدها في منزلنا.
وخلال فصل الصيف كنت أمضي فترة من الصيف في منزل خالي في النبطية، العلاّمة السيد محمد الحسن، مستشار المحكمة الشرعية الجعفرية العليا. وكان أحد أبنائه (الدكتور علي) من عمري. وقد كان منزله في الأساس، منزل جدي، المجتهد العلاّمة السيد حسن يوسف مكه. وهناك ايضاً كنت أشاهد وأسمع ما أسمع وأشاهد في منزل كلّ من والدي وجدي في صور.
وأذكر من العلماء والمناضلين وغيرهم، سواء في صور او النبطية الشيخ أحمد رضا، الشيخ سليمان ضاهر، السيد نور الدين نور الدين، السيد يوسف الزين، السيد عبد الرؤوف الأمين، الشاعر موسى الزين شرارة، الشاعر الصافي النجفي، المؤرخ محمد جابر، علي بزي، السيد محسن رضا، الشيخ حسين شرارة، الدكتور بهجت ميرزا، السيد محمد يحي صفي الدين، الشيخ محمود عز الدين، السيد عبد الله رضا، الشيخ موسى عز الدين، الشيخ محمد جواد مغنية، الحاج توفيق حلاوي، السيد حسن الأمين، النقيب زهير عسيران، الشيخ عبد اللطيف شرارة، الحاج سليم حلاوي، الشيخ خليل عز الدين، السيد محمد نور الدين، السيد رضا التامر، السيد محمد صفي الدين، الشيخ عبدالله سبيتي، محمود جواد دبوق، الدكتور محمد علي رضا، معين جابر، السيد حسين الحسن مكي، الدكتور نزار رضا، المربي عبد اللطيف فياض، محمد قره علي، السيد نجيب بدر الدين، السيد رائف الحر، وجواد عسيران.
هذا مع الإشارة الى ان العديد من أسماء العلماء والادباء والشعراء والمناضلين والعائلات التي ذكرتها.. كان قد أتى على ذكرها الأديب المؤرّخ السيد محمد جابر في كتابه «تاريخ جبل عامل» وأورد تفاصيل بعض الاحداث والمواقف القومية والوطنية التي ساهموا فيها، والدور الكبير الذي كان لهم في نشر العلم والمعرفة والادب والروح الوطنية، والحث على النضال ضد الاستعمار والانتداب… وفي نهضة جبل عامل ومحاربة التعصب والطائفية، والدعوة الى المحبة والتضامن بين أبناء الشعب الواحد، والعاملين في سبيل العروبة، والوحدة السورية، وإنشاء المدارس العلمية والدينية، ولهم مؤلفات وكتب عديدة.. في الفقه واللغة والشعر والتاريخ والعلوم… وغيرها.
إنهم من الرواد الأوائل في نهضة الجنوب، وإذكاء روح المقاومة والفداء والنضال. إضافة الى عدد من المناضلين والعلماء والادباء والشعراء، من آل الحر، عسيران، سبيتي، صباح، مكي، هاشم، الحسيني، حيدر، بلاغي، صايغ، عواضه، دبوق، الخليل، إبراهيم، مغنية، مروة، صادق، أبو خليل، وشرف الدين.
في ما بعد، حين كنت في حوالي الثامنة من عمري، بدأت أسمع كلمات مماثلة الى حدّ ما، « تحيا سورية»، «فلسطين»، «القتال»، «الفدائيين»، «الزعيم»، «يحيا سعاده»، «يا أبناء الحياة»، «حرية، واجب، نظام، قوة»، «الانتداب» تتردّد في منزلنا خلال لقاءات شقيقي مصطفى مع مجموعة من شباب صور وضواحيها. ولم أكن في ذلك العمر أفهم بصورة واضحة معاني تلك الكلمات.
وبين التاسعة والعاشرة من عمري بدأت أحضر مع مجموعة من زملاء المدرسة والأصدقاء في تنظيم الأشبال لقاءات تشرح لنا معاني بعض تلك الكلمات بأسلوب ينسجم مع أعمارنا. وعندما شاهدت صورة الزعيم للمرة الأولى، أحببته وتعلقت به لدرجة تفوق من هم في مثل عمري.
ووضعت صورته فوق سريري. وحين كنت أستيقظ في الصباح كنت أقف مقلّداً الكبار في إلقاء التحية لصورة الزعيم.
في المناسبات العامة والحزبية، عندما كان عدد من الرفقاء يقفون مرددين الهتاف الحزبي «يا أبناء الحياة لمن الحياة؟»، كنت أقف على كرسي مقلدهم هاتفاً: «يا أبناء الحياة لمن الحياة؟» ويردد الحضور معي متابعاً الهتاف.
عندما تمّ إلغاء المهرجان الذي دعا إليه الزعيم لإعلان التعبئة العامة من أجل فلسطين، بعد قرار الحكومة اللبنانية يومها، بمنع الاحتفال في بيروت، قامت مظاهرة في صور احتجاجاً على المنع، وتوجهت الى سرايا الحكومة.
وحين تصدّى رجال الدرك للمتظاهرين، وكان شقيقي مصطفى على رأسهم، أعطى إشارة للمتظاهرين بالدفاع عن أنفسهم برميهم بالحجارة التي كانت موجودة بكميات كبيرة على جانب الطريق. وما زلت أذكر الأمر الذي أعطاه.. وهو – عليهم بالحجارة – فكنت أول من لبّى النداء.
مشاهداتي للزعيم سأرويها في باب خاص. أما تعلّقي به ومحبتي له. فكانت تكبر وتزداد في كلّ يوم. وعند استشهاده كنت في الرابعة عشر من عمري. وكان كلّ من شقيقيّ علي ومصطفى قد اعتقلا قبل استشهاده، وأصبحت بحالة مرضية، أقعدتني في الفراش، لمدة شهر كامل، نتيجة للصدمة والألم والحزن.
وبعد أشهر قليلة سيطرت على مشاعري واهتماماتي وأفكاري ضرورة الانتقام للزعيم والأمة. وبدأت وأنا في ذلك العمر أتدرّب على استعمال السلاح والرماية بإشراف الرفيق المناضل القدوة محي الدين كريدية. وكان بين الذين يتدرّبون ايضاً الرفيق حسين الشيخ.
وبعد فترة من الزمن، أشرف على تدريبنا الرفيق المناضل علي عوض الذي كان في طليعة الفرقة القومية الاجتماعية الأولى التي قاتلت في فلسطين عام 47، ومن مرافقي الزعيم. وكان يقيم في منطقة الناعمة حيث كنا نتدرّب، لأنّ المنطقة آنذاك كانت فسيحة، غنية بالأحراج، وقريبة.
محي الدين كريدية وحسين الشيخ
قاما في ما بعد بتأديب المدعي العام العسكري، يوسف شربل، وأصاباه بعدة رصاصات، أدت الى اصابته بالشلل.
خلال العمل الحزبي السري بعد استشهاد الزعيم، وإنشاء مفوضية لبنان العامة ونظراً لصغر سني، إذ كان لا يلفت النظر حيث كنت ما زلت ارتدي «الشورت» القصير كنت أكلّف بمهمات نقل الرسائل الى مسؤولي بعض المناطق، الخطية والشفهية. وبعدها كلّفت بمساعدة الرفيق القدوة، المناضل عبد الرحمن بشناتي، بالاهتمام بزيارة وتأمين متطلبات الرفقاء الأسرى في السجون اللبنانية، حيث كانوا يمضون العقوبة التي حكموا بها لمشاركتهم في الثورة القومية الاجتماعية الأولى، وعلى ما أذكر كانوا موزعين في سجون الرمل، صيدا، بعقلين، القلعة، دير القمر وغيرها. ومن الأسماء التي ما زلت أذكرها من الأسرى.. جوزف رزق الله، إميل رعد، خليل الطويل، عساف أبو مراد، إميل رفول وجورج هبر. وعندما بلغت السن القانونية (حسب الهوية) للانتماء رسمياً الى الحزب.. أقسمت اليمين. وأذكر ان الرفيق عبد الرحمن بشناتي والأمين جبران جريج كانا شاهدي القسم.
لم اعد أذكر ما هي المسؤولية المركزية التي كان يحملها الأمين جريج إضافة الى مسؤولية منفذ عام بيروت. ولكن ما زلت أذكر أنني قد تسلّمت مسؤوليات متنوعة في عدد من مديريات منفذية بيروت. ولكن الأمين جبران لم يكتف بذلك، بل دعاني الى التفرّغ والعمل في المركز الفرعي في بيروت، (واخترع لي اربع مسؤوليات محليّة ومركزية غير منصوص عليها في الدستور والنظام الداخلي). بعد ان كان قد أوجد لها المخارج الدستورية من خلال صلاحيات العمد والمنفذين العامين بإنشاء مكاتب مستقلة تابعة للعمدة او للمنفذية، فتسلمت دفعة واحدة اربع مسؤوليات وهي.. ناموس المعونة القومية الاجتماعية، مدير مكتب البناء والمطبوعات الحزبية في لبنان (عمدة المالية)، مدير مكتب الاتصالات والمواصلات الحزبية! ضابط ارتباط بين المركز الفرعي في بيروت ومركز الحزب الأساسي في دمشق.
هذه المسؤوليات أدّت الى تركي الدراسة باكراً وتفرّغي كلياً للعمل الحزبي، ولكنني تمكّنت من سرقة الوقت، وبكثير من الاجتهاد ان أدرس ليلاً حيث حصلت على شهادة دبلوم في التجارة والمحاسبة.
ولكنني لم أستفد منها سوى امتلاك المعلومات، لأنني لم أمارس أي عمل خاص منذ تفرّغي للعمل الحزبي، الذي استمرّ حتى العام 1982. وبالرغم من أنني عملت في بعض المراحل في حقل الصحافة، الا انني لم أمتهن هذا العمل، لأن عملي في هذا المجال كان من ضمن مسؤولياتي الحزبية المتنوعة.
سأتحدث في هذا الكتاب في أبواب خاصة، عن بعض المراحل التي ورد ذكرها في هذا الباب.
*
ومن الجزء الثاني:
سيرتي الحزبية
الانتساب رسمياً في آذار 1952.
من آذار 1952 لغاية آذار 1955.
مدير، ومذيع، وناموس في عدة مديريات ضمن نطاق منفذية بيروت.
ضابط ارتباط بين المركز الفرعي في لبنان والمركز في دمشق.
ناموس المعونة القومية الاجتماعية. مدير مكتب العمل.
مدير مكتب البناء والمطبوعات الحزبية في لبنان.
ناموس مجلس منفذية بيروت.
من شهر أيار 1955 لغاية شهر كانون الأول 1968.
ضابط ارتباط في عمدة الدفاع. ناموس عمدة المالية.
مدير مكتب إحصاء الأضرار خلال أحداث 1958.
من شهر كانون الأول 1959 لغاية شهر كانون الأول 1961:
رئيس مكتب الشؤون القضائية.
ناموس منفذية بيروت مع المنفذين أديب قدورة، محمد سلطاني، صبحي أبو عبيد، حافظ قبيسي، وعبد الله محسن.
من شهر آب 1961 لغاية 31/12/1961:
تحت تصرف رئاسة الحزب. مهمات خاصة وسرية.
من شهر نيسان 1962 لغاية 15 آذار 1969:
مفوض عام لبنان. عضو هيئة المفوضية
مسؤول سياسي في هيئة المفوضية.
منفذ عام بيروت.
من شهر آذار 1969 لغاية شهر كانون الأول 1970:
تحت تصرف رئاسة الحزب.
من اول 1971 لغاية 1975:
مدير العلاقات العامة في جريدة البناء. مدير عام جريدة البناء.
عميد مالية مع اللجنة الرئاسية الثلاثية… مسعد حجل، منير خوري وفؤاد صعب.
من 1975 لغاية 1981:
ناموس رئاسة الحزب، الأمين الدكتور عبد الله سعادة، خلال فترة حركة المنفذين.
وكيل عميد المالية، خلال رئاسة الأمين انعام رعد الأولى.
عميد المالية، خلال رئاسة الأمين انعام رعد الأولى.
مندوب مركزي في عبر الحدود. عميد دون مصلحة.
عضو وناموس المكتب السياسي المركزي.
من تاريخ انتخاب الأمين الدكتور عبد الله سعادة رئيساً للحزب، لغاية آخر عام 1981:
عميد العمل.. عميد دون مصلحة.. ناموس مجلس العمد.. ناموس رئيس الحزب.
مندوب مركزي في عبر الحدود.
منحتُ رتبة الأمانة بتاريخ 22/04/1968.
هوامش:
جورج نصر: مخرج سينمائي معروف . كان مستأجراً لشقة في إحدى البنايات المطلّة في منطقة الروشة، كان يقيم فيها أحياناً مفوض لبنان في حينه الأمين هنري حاماتي. مراجعة ما نشرت عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
جوزف رزق الله: المناضل المميّز، الشهيد. مفوض عام لبنان في الفترة الصعبة التي تلت الثورة الانقلابية. مراجعة الموقع المذكور آنفاً.
عندما تولى الأمين عبدالله محسن رئاسة اللجنة المركزية، كنت معه رئيساً لمكتب الطلبة، وأذكر من الأعضاء الأمين المميّز نضالاً وتجسيداً لفضائل الالتزام القومي الاجتماعي، كامل حسان، الأمين المميّز أيضاً بمواقفه البطولية وبتحمله لكثير من التعذيب بعد الثورة الانقلابية خليل دياب، الأمين المناضل سليم متري، الذي يصحّ ان أنشر نبذة تليق بتاريخه الحزبي، وبتفانيه.. كنت كتبت عن تلك المرحلة، ويصحّ أن أكتب اكثر.
عبد اللطيف غلايني: من طرابلس. عرفته موظفاً في بنك طراد ثم محامياً في مكتب القائد البعثي المحامي جبران مجدلاني. اقترن من شقيقته نورما، تابع دراسته حائزاً على شهادة دكتوراه في الحقوق. عمل الى جانب الأمين حنا الناشف في مكتب الأستاذ جبران مجدلاني. كنت أشرت إليه في أكثر من مناسبة ويصحّ أن أكتب عنه أكثر، وادعو حضرة الأمين حنا الى ان يكتب ما يعرف عن الرفيق المحامي عبد اللطيف غلاييني.
رفعت عسيران: مراجعة ما نشرت عنه وعن عضويته في نقابة المصارف. رفيق نشط في الستينات والسبعينات وما زال عند التزامه اللافت بقضية الحزب.
شكيب أبو مصلح: تحدثت عنه في اكثر من مكان. مراجعة النبذة عنه على الموقع المذكور آنفاً.
محمد جبلاوي: كما آنفاً.
ماجد الناطور: كما آنفاً.
رستم فخران: عرفته ناشطاً في ستينات القرن الماضي، وعرفته أكثر ابنه الرفيق نبيل، استاذاً ثانوياً، وناظراً للإذاعة في منفذية بيروت.