هل دخلت عمليات المقاومة مرحلة التصعيد لفرض رحيل القوات الأميركية عن العراق وسورية؟
} حسن حردان
طرح العدوان الأميركي الأخير على مواقع لفصائل المقاومة العراقية على الحدود السورية العراقية، والردّ السريع من قبل المقاومة بقصف مواقع قوات الاحتلال الأميركية في حقل العمر النفطي في دير الزور، طرح الأسئلة حول أبعاد ذلك.. هل يندرج في سياق ما اعتبره بعض المراقبين بأنه انعكاس لمعركة شدّ الحبال والضغوط المتبادلة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة بشأن شروط العودة الأميركية إلى الاتفاق النووي؟.
ام أنّ الأمر يأتي في سياق احتدام المواجهة بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال الأميركي، على خلفية تواتر عمليات المقاومة ضدّ مراكز ومواقع القوات الأميركية لإجبارها على الانسحاب من العراق ترجمة لقرار البرلمان العراقي وإرادة الشعب العربي العراقي..
الأمر الأكيد انّ احتدام وتصاعد المواجهة بين قوى المقاومة وقوات الاحتلال الأميركي إنما يندرج في سياق قرار المقاومة فرض رحيل القوات الأميركية عن أرض العراق، لا سيما بعد اغتيال الجيش الأميركي للقائدين في محور المقاومة الشهيدين اللواء قاسم سليماني، وابو مهدي المهندس، وبعد أن انكشفت أهداف واشنطن من وراء رفض الانسحاب والإصرار على البقاء على أرض العراق، وهذه الأهداف هي:
اولاً، السعي الى فرض الهيمنة على العراق بغطاء مساعدة القوات المسلحة العراقية على محاربة تنظيم داعش الإرهابي ذات الصناعة الأميركية، وذلك لأجل نهب ثروات العراق النفطية، وتحويل العراق إلى قاعدة للتآمر على إيران…
ثانياً، منع التواصل بين سورية والعراق وإيران والمقاومة في لبنان.. لما يشكله ذلك من تطور هام في مصلحة محور المقاومة.
ثالثاً، مواصلة دعم وتغذية عناصر تنظيم داعش الإرهابي وتمكينهم من الاستمرار في عملياتهم الإرهابية في العراق وسورية لاستنزاف البلدين وإبقائهما في حالة من عدم الاستقرار بهدف تبرير استمرار تواجد القوات الأميركية في العراق وشمال شرق سورية، والعمل على تعطيل الحلّ السياسي في سورية والحيلولة دون إنهاء ما تبقى من وجود إرهابي، وقوى أمر واقع تعتمد في وجودها على بقاء قوات الاحتلال الأميركي، وبالتالي منع تحقيق السلام والبدء بمسيرة إعادة الأعمار، وذلك لابتزاز الدولة الوطنية السورية وفرض الشروط الأميركية لتسهيل الحلّ السياسي…
رابعاً، منع انتصار سورية النهائي على الحرب الإرهابية، وعرقلة تعافي العراق وتعزيز دوره العربي المقاوم، للحيلولة دون ازدياد قوة محور المقاومة وتكريس البيئة الإستراتيجية الجديدة في مصلحة هذا المحور، التي تخلّ بموازين القوى لمصلحة المقاومة والانتفاضة في فلسطين المحتلة، مما يجعل كيان العدو الصهيوني محاصراً ببيئة استراتيجية للمقاومة لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وتشكل خطراً داهماً عليه تهدّد وجوده الاحتلالي العدواني في فلسطين المحتلة…
ولهذا فإنّ ما يجري من مفاوضات في فيينا بشأن شروط العودة للاتفاق النووي، وشدّ الحبال الحاصل بهذا الشأن، عشية التوصل إلى اتفاق، لن يوقف عمليات المقاومة ضدّ قوات الاحتلال الأميركي كما يتوهّم البعض، بل انّ ما هو متوقع أن تزداد العمليات تأجّجاً إذا لم تسارع واشنطن إلى سحب قواتها والتخلي عن أوهامها في محاولة فرض أهدافها الاستعمارية في العراق وسورية، وفي هذه الحالة فإنّ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ستجد نفسها أمام واحد من احتمالين:
الاحتمال الأول، تعرّض قواتها المحتلة لحرب استنزاف، توقع في صفوفها قتلى وجرحى، تجبر قيادة الجيش الأميركي على الزجّ بقوات إضافية لتعزيز وحماية القوات الموجودة وبالتالي التورّط تدريجياً في حرب جديدة مكلفة للولايات المتحدة مادياً وبشرياً، لأنّ المقاومة التي أجبرت القوات الأميركية على الرحيل عن العراق عام 2011، باتت اليوم أكثر خبرة وقوة وقدرة وشعبية، على خوض حرب استنزاف ضدّ القوات الأميركية لإجبارها على الرحيل مجددا دون قيد ولا شرط…
الاحتمال الثاني، ان تسارع واشنطن إلى اخذ قرار الانسحاب خوفاً من التورّط في حرب مكلفة، ومعروف مسبقا انّ واشنطن لن تنتصر فيها وسيكون مصيرها الفشل والمزيد من التراجع في هيبة وسطوة القوة الأميركية…
لهذا فإنّ ما هو متوقع، انّ واشنطن عندما تجد نفسها أمام خيار الانزلاق الى حرب استنزاف لا قدرة لها على احتمالها، أو أخذ قرار الانسحاب، فإنها ستختار الانسحاب باعتباره أفضل الخيارات السيئة بالنسبة لها، وعندها ستجد المخرج السياسي لانسحابها بحيث تقلل من تداعياته السلبية على نفوذها في المنطقة الذي سيتأثر بكلّ تأكيد، كما سيتأثر كيان الاحتلال الصهيوني، بالقدر الذي استفاد فيه كثيراً من الاحتلال الأميركي للعراق، وأجزاء من سورية، وكذلك من الحرب الإرهابية ضدّ البلدين… وسيكون العدو الصهيوني وكلّ من يعتمد في وجوده على وجود القوات الأميركية، أكثر المتضرّرين عندما تدنو لحظة نجاح قوى المقاومة في إجبار واشنطن على سحب قواتها المحتلة…