الأمين حافظ الصايغ في لقاء خلدة…
} رمزي عبد الخالق
لمناسبة انعقاد لقاء خلدة يوم السبت 26 حزيران 2021، والذي حُكي عنه الكثير لجهة أنّ أبرز إنجازاته تمثل في كونه لقاء ثلاثياً حضره رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهّاب إلى جانب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط وصاحب الدعوة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان، الأمر الذي كسَر ثنائية عمرها مئات السنين بين العائلتين الجنبلاطية والأرسلانية في منطقة جبل لبنان الجنوبي.
هذا صحيح طبعاً ويُسجّل للوزير وهّاب أنه ثابر وتمكّن من تحقيق هذا الإنجاز. لكن اللقاء أعادني بالذاكرة إلى لقاء سابق عُقد في أواخر ثمانينيات القرن الماضي أيضاً في خلدة، وكان أرسلان قد استهلّ نشاطه السياسي بعدما أنهى دراسته الجامعية في واشنطن.
حضر اللقاء إلى جانب أرسلان يومها شيخ العقل الشيخ محمد أبو شقرا، وجنبلاط (الوزير آنذاك في حكومة الرئيس د. سليم الحص إبان عهد الحكومتين). كما حضر وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي ضمّ نائب الرئيس الأمين محمود عبد الخالق وعضو المجلس الأعلى الأمين حافظ الصايغ (وحضرتُ معهما بصفتي الصحافية). كذلك شارك في اللقاء عدد من ممثلي الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية في منطقة الجبل.
افتتح اللقاء الشيخ أبو شقرا، فأكد ضرورة توحيد الصفوف لحماية الجبل وأبنائه وحفظه في الخط الوطني والعربي.
وتحدث بالمنطق نفسه تقريباً جنبلاط وأرسلان. ثم أخذ الكلام الأمين حافظ الصايغ، المعروف بشخصيته الكاريزمية وحضوره الطاغي وثقافته الواسعة وعقله المنظّم وصوته الجهوري، بحيث لا يبقى مجال أمام الحاضرين إلا الإصغاء…
وهذا ما حصل تماماً… أصغى الجميع للأمين حافظ الذي قدّم مطالعة مطوّلة شرح فيها بإسهاب خلفية مشاركة وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي في لقاء له طابع طائفي ومذهبي.
هنا لا حاجة كثيراً إلى الذاكرة لأنّ ما قاله الأمين حافظ يومها هو وجهة نظر الحزب السوري القومي الاجتماعي التي يصحّ قولها وشرحها وتفصيلها في أيّ اجتماع أو لقاء لأيّ شريحة من شرائح مجتمعنا على امتداد مساحة الأمة، خاصة أنّها وجهة نظر مدعّمة بالحجج والبراهين والدلائل وتثبت دائماً صحتها ودقتها وراهنيّتها في الزمان والمكان.
وقد أوضح الأمين حافظ موقف الحزب القومي الثابت في مواجهة العدو «الإسرائيلي» وعملائه أينما كانوا، خاصة أنّ منطقة الجبل عانت كثيراً في تلك الفترة من الاجتياح «الإسرائيلي» وما تلاه من حروب ومعارك ومواجهات مع مَن خلّفهم العدو وراءه لكي يحاولوا استكمال مخطط التقسيم والتفتيت. لكن هؤلاء اندحروا عن الجبل كما اندحر قبلهم الاحتلال الصهيوني بفعل بطولات المقاومين وفي الطليعة القوميون الاجتماعيون.
وحين أراد الأمين حافظ أن ينهي مداخلته تدخل الشيخ أبو شقرا مُعبّراً عن الإعجاب بمضمون كلامه وأسلوبه، وتوجّه للأمين حافظ قائلاً: «من فضلك لا تتوقف، هاتِنا بالمزيد مما عندك… أنا أعرفك قبلاً ولنا لقاءات عديدة، لكنني للمرة الأولى أستمع إلى هذا الشرح المفصّل والواضح والحقيقي».
بعد ذلك تحدث الكثير من الحاضرين، لكن الشيخ أبو شقرا عاد في نهاية اللقاء وتمنى على الأمين حافظ أن يعدّ البيان الختامي ويستند خاصة إلى ما ورد في مداخلته هو التي أيّدها الجميع وأبدوا إعجابهم بها. وبالفعل وضع الأمين حافظ نص البيان الختامي للقاء وتمّ اعتماده كما هو من دون أيّ تعديل…
وقد تحوّل لقاء خلدة إلى لقاء دوري صار يُعقد في بيت الدين، ويُعرف بإسم «لقاء بيت الدين»، واستمرّ انعقاده إلى أن جرى إقرار اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الداخلية. وكان الجميع وأوّلهم الشيخ أبو شقرا ينتظرون دائماً مطالعات الأمين حافظ الصايغ ومداخلاته العميقة والصائبة…