بينغ يحشد الحزب نحو سعي «لا يمكن إيقافُه» لتجديد الشباب الوطنيّ مع احتفال الحزب بمئويّة تأسيسه
احتفل الحزب الشيوعيّ الصينيّ أول أمس، بالذكرى المئوية لتأسيسه، وتزامن ذلك مع إعلان رئيس الحزب تحقيق هدف تنموي رئيسي، وإعلانه أيضاً أن الأمة الصينية «تتقدم بزخم لا يمكن إيقافه نحو تحقيق هدف تجديد الشباب الوطني».
وخلال كلمته التي ألقاها أمام حشد كبير في ميدان تيان آن مون الأيقوني، الذي أعلن منه الرئيس المؤسس ماو تسي تونغ، ميلاد جمهورية الصين الشعبية، أشاد شي جين بينغ، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، بالنجاح الذي أحرزه الحزب على مدى القرن الماضي، وحث الحزب بأسره على مواصلة عمله الجاد وخوض «نضال عظيم» لتحقيق هدف تجديد شباب الأمة الصينية.
ومن على منصة تيان آن مون، وأمام حشد ضم 70 ألف شخص، ألقى شي كلمته التي بثها التلفزيون بجميع أنحاء البلاد. وقد شهد هذا الحدث التاريخيّ أيضاً إنشاد أغنيات عن الحزب، وتحليق طائرات مقاتلة ومروحيّات، وإطلاق طلقات تحية، ومراسم لرفع العلم الوطني.
وفي كلمته، أعلن بينغ، وهو أيضاً الرئيس الصيني ورئيس اللجنة العسكرية المركزية، أن الصين قد حققت هدفها المئوي الأول المتمثل في “بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو شامل”.
وقال بينغ “هذا يعني أننا أوجدنا حلاً تاريخياً لمشكلة الفقر المدقع في الصين، ونسير الآن بخطى واسعة واثقة نحو الهدف المئوي الثاني المتمثل في بناء الصين لتصبح دولة اشتراكية حديثة في جميع المجالات”.
في استعراضه تاريخ الحزب خلال الأعوام المئة الماضية، قال بينغ: إن “الحزب وحّد الشعب الصيني وقاده في تحقيق نجاح عظيم في الثورة الديمقراطية الجديدة والثورة الاشتراكية والبناء الاشتراكي، والإصلاح والانفتاح، والتحديث الاشتراكي، فضلاً عن قيادة الشعب نحو الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد”.
حينما تأسس الحزب الشيوعي الصيني في عام 1921، لم يكن يضمّ سوى أكثر قليلاً من 50 عضواً. واليوم، أصبح الحزب الذي يضم أكثر من 95 مليون عضو في بلد يزيد تعداده السكاني على 1.4 مليار نسمة، أكبر حزب حاكم في العالم، ويتمتع بتأثير دولي هائل.
وأشاد بينغ في كلمته بالآباء المؤسسين للحزب، منهم ماو تسي تونغ ودنغ شياو بينغ، كما أشاد بالشهداء الثوريين الذين ضحّوا بأرواحهم فداء لقضية الحزب.
وقال بينغ “كل أعمال النضال والتضحية والخلق والإبداع التي وحّد الحزب من خلالها الشعبَ الصيني وقاده على مدى الأعوام المئة الماضية، ارتبطت جميعها بهدف واحد مطلق هو تحقيق تجديد شباب الأمة الصينية. لقد حققت الأمة الصينية عملية التحوّل الهائل من النهوض وتحقيق الرخاء وصولاً إلى تحقيق القوة، وأصبح تجديد الشباب الوطني الصيني حتمية تاريخية”.
ترأس الحفل لي كه تشيانغ وحضره لي تشان شو ووانغ يانغ ووانغ هو نينغ وتشاو له جي وهان تشنغ وجميعهم أعضاء باللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني. كما حضر الحفل نائب الرئيس وانغ تشي شان.
وخلال الحفل، قرأ وان أه شيانغ، رئيس اللجنة المركزية للجنة الثورية لحزب الكومينتانغ الصيني، رسالة تهنئة بالنيابة عن الأحزاب السياسية غير الشيوعية الثمانية في الصين واتحاد عموم الصين للصناعة والتجارة، وشخصيات من غير انتماء حزبي.
وتلا أكثر من 1000 شاب يمثلون عصبة الشبيبة الشيوعية الصينية ومنظمة رواد الشباب الصينيين، رسالة تهنئة وهم وقوفاً في ميدان تيان آن مون، وأعربوا فيها عن تمسك جيل الشباب بقضية الحزب الشيوعي الصيني.
وغطت كلمة بينغ، التي استمرّت ساعة، إنجازات الحزب الهائلة على مدى قرن من الزمان.
في ظل قيادة الحزب، انتشلت البلاد نحو 800 مليون شخص من الفقر على مدى أربعة عقود. والصين الآن هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مستقبل للاستثمار المباشر الأجنبي، وتفخر البلاد بكونها إحدى أكبر الأسواق الاستهلاكية على مستوى العالم. وقد تجاوز إجمالي الناتج المحلي في الصين 100 تريليون يوان (نحو 15.47 تريليون دولار أميركي).
وحدّد بينغ في كلمته المبادئ الواجب اتباعها خلال الرحلة المقبلة.
وأكد بينغ حتميّة التمسك بالقيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني، واصفاً إياها بأنها أساس الحزب والدولة، وشريان الحياة بالنسبة لهما، والركيزة الأساسية التي تعتمد عليها مصالح جميع أفراد الشعب الصيني وسعادته.
وتعهد بينغ في كلمته بالبقاء على التزامه تجاه مكافحة الفساد في الحزب، مؤكداً أنه يتحتم على الحزب مواصلة التقدّم على طريق المشروع الجديد العظيم الخاص ببناء الحزب.
وتابع بينغ “يجب أن نوحّد ونقود الشعب الصينيّ في العمل دون كلل من أجل حياة أفضل”.
وأوضح بينغ “أية محاولة للتفريق بين الحزب والشعب الصيني أو إحداث وقيعة بين الشعب والحزب، مآلها الفشل، ولن يسمح الحزب الذي يزيد أعضاؤه على 95 مليون والشعب الذي يزيد تعداده على 1.4 مليار، مطلقاً، بحدوث مثل هذا المخطط”.
وشدد الرئيس الصيني على مواصلة تكييف الماركسية مع السياق الصيني.
شدّد بينغ على مواصلة جهود التمسك بالاشتراكية ذات الخصائص الصينيّة وتطويرها، لافتاً إلى أن الحزب حينما قام بذلك تمكن من “خلق نموذج جديد للحضارة الإنسانيّة”.
وقال بينغ “نحن شغوفون بتعلم الدروس المستفادة من إنجازات الثقافات الأخرى، ونرحّب بالاقتراحات المفيدة والنقد البناء. لكننا لن نقبل وعظاً منافقاً من الذين يظنون أن لديهم الحق في ممارسة دور المحاضر علينا”.
وأضاف بينغ “ليس في جينات الأمة الصينية العدوانية أو الهيمنة”، متابعاً “لم نمارس التنمر ضد شعب أي بلد آخر ولم نقمعه أو نُخضعه”، مؤكدا أن الشعب الصيني، من ناحيته، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بالتنمر عليه أو قمعه أو إخضاعه.
وأردف مؤكداً “أي طرف يحاول ذلك سيجد نفسه في صدام مع جدار هائل من الصلب قوامه أكثر من 1.4 مليار من أبناء الشعب الصيني”.
وشدد بينغ على الارتقاء بالقوات المسلحة إلى معايير عالمية الطراز، من أجل توفير قدرات أعظم ووسائل أكثر موثوقية لحماية السيادة الوطنية والأمن والمصالح التنموية.
وحثّ بينغ على بذل جهود لتعزيز الوحدة العظيمة للشعب الصيني.
وشدّد على أن تسوية قضية تايوان وتحقيق إعادة التوحيد الكاملة للصين، مهمة تاريخيّة والتزام لا يتزعزع لدى الحزب الشيوعي الصيني، متعهداً باتخاذ إجراء صارم للقضاء على أي محاولة تسعى نحو ما يُسمّى “استقلال تايوان”.
وقال مؤكداً “يتعيّن على أي طرف ألا يستهين بالعزم الهائل والإرادة القوية والقدرة الاستثنائية لدى الشعب الصيني إزاء الدفاع عن سيادته الوطنية ووحدة وسلامة أراضيه”.