هل دخل لبنان مرحلة «المقايضة»؟
} عمر عبد القادر غندور*
من أهمّ تجليات يوم لبنان في الفاتيكان ان يعلن الكرسي الرسولي وبصوت عالٍ انّ إنقاذ لبنان هو أمانة في عنق العالم، بحضور رؤساء عشرة طوائف مسيحية في لبنان والشرق. وفي نهاية الصلاة الروحية التي أقيمت لإنقاذ لبنان، كانت الرسالة البالغة والمدوية للبابا فرنسيس لنصرة لبنان، والذي وضع العالم أمام مسؤولياته لإنقاذ بلد التعايش المشترك والتنوع، وان لا يكون لبنان ضحية للمصالح الدولية وعدم تركه للأقدار.
ولعلّ غياب المسؤولين اللبنانيين واستبعادهم عن قائمة المدعوّين لحضور الصلاة، صفعة مستحقة لهم…
ولا شكّ انّ مبادرة البابا جاءت في وقتها لتعبّر عن وجع اللبنانيين الذين لم يبق لهم إلا التحسّر والتوجّع، بعد فساد دهري استمرّ لنحو قرن وأسوأه العقود الثلاثة الأخيرة، رعوا في خلالها كارتيلات الوكالات الحصرية للدواء والغذاء والمحروقات والهندسات المالية والتواطؤ بين حاكمية المصرف المركزي والمصارف التي ابتلعت ودائع اللبنانيين، وتحوّل الشعب اللبناني الى متسوّل بامتياز وتحت خط الفقر.
وكان لافتاً ما قاله الوكيل السابق لوزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل انّ الوضع في لبنان يواجه كارثة كبرى، محذراً انّ انهيار لبنان بات وشيكاً!
وقال هيل في مقابلة مع قناة CNBC ردّاً على سؤال حول استمرار لقاءات المسؤولين الأميركيين بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة: “هو شخصية أساسية للمضيّ قدماً”، وأضاف: “لست هنا للدفاع عن سلامة او توجيه مؤشرات تدينه بما خصّ الفساد المالي والتحقيقات لم تنته، ونحن نلتقي مع الجميع في لبنان باستثناء “الإرهابيين” وانّ مفتاح الباب في أيدي القادة اللبنانيين، وعليهم ان يثبتوا لنا انّ لديهم الإرادة والقدرة على تنفيذ الإصلاحات اللازمة حتى لا يضيع ايّ تمويل دولي ولا يجب على اللبنانيين توقع خلاصاً خارجياً”.
ورأى هيل انّ اقتصاد لبنان في أزمة بسبب عقود من الفساد وسوء الإدارة من قبل قادته السياسيين.
وفي ضوء هذه المنزلقات التي تؤشر الى مستقبل أكثر سوداوية، جاءت مبادرة قداسة البابا في الوقت الإضافي الضيّق للفت العالم الى القضية اللبنانية التي يبدو أنها دخلت مرحلة “المقايضة” بين الكبار، وكان مقلقاً جداً ما حصل في طرابلس في الأيام الماضية حيث ظهر السلاح في أيدي المواطنين وجرى استعماله !
اننا في وضع خطير جداً وبائس ويائس ليس له من دون الله كاشف، ولذلك جاءت الصلاة لراحة لبنان، وأراد قداسة البابا ان يبرّئ ذمته، وربما تناهى الى سمعه ما هو خطير جداً…؟؟