صراع الديكة…
مريانا أمين
أيّ تسلية هي! أيّ مقامرة هي!
الرابح فيها خاسر والدجاج فيها مرفوس.
صالت وجالت في أكثرية دول العالم، من بلاد الفرس قبل آلاف السنين إلى بلاد الإسبان والفلبين، إلى أن حطت رحالها اليوم في لبنان.
إنها مصارعة الديكة؛ وتحت شعار “أنا أو لا أحد” أصبح الديك في بلادنا يتمختر كالطاووس ويمشي كالملك وعلى صدره عشرات الأوسمة والنياشين، ليقتحم ابن جنسه دون رحمة كي يشعر فقط بأنه الوحيد الأوحد في الصراعات والساحات.
لكنه نسيَ أنها كانت لعبة تسلية للباشاوات وما هي إلا صورة من العصور المظلمة التي نبذتها الشعوب بعد أن تحضّرت وأبعدتها إلى مواطن ضعفاء النفوس ومُحبي الذات.
فهلّ نحن ضعفاء النفوس؟
لروحه السلام الذي رَحَّل صراع الديكة عن مصر في عهد الباشاوات. فكم نحن بحاجة إلى من يضع حداً لصراع الديكة في لبنان!؟
كي يحوّله الى مهرجان ثقافي وأدبي بعيداً عن التناحر والعناد.
كي لا نبقى مرتبطين بالأساطير القديمة، فالواقع يتطلب من الجميع العمل على حلّ الأمور المصيرية.
ليتهم يعلمون أنّ من يدفعهم للصراع لا يشاهدهم بل يتلذذ بما يجنون من عواقب ليحقق رغبة عكس رغبتهم.
لماذا لا يرجع الديك لغريزته الطبيعة الثابتة، فيصيح لحماية القطيع عند شعوره بخطر ما يحيط به، أو عندما ينقص العلف والماء والطعام، وهو مواقيت لبزوغ النهار.
لماذا لا يحافظ على نظره الثاقب الذي يمتلكه دون الإلتفات لمن يغرّره بصراعات ما جنى منها إلا الويلات، حتى بات لا يرى أكثر من منقاره.
لماذا تخلى عن المثل القائل “الديك الفصيح من البيضة يصيح”، باختلاف أعداد صيحاته، فواحد يصيح عند الصباح وآخر عدة مرات في اليوم، ليصيح في وطننا باستمرار، وكأنّ لكلّ طائفة ديكها الصياح. لتؤكد هيمنتها على بقية الديوك المتواجدة حولها في مزرعة الطوائف.
على كلّ حال! هل ما زالت الدجاجات تعلم أنّ صياح ديك واحد يسبّب لها ابتهاجاً فلا بدّ من تقليل أعداد الديوك المتواجدة في نفس المزرعة!؟