لماذا تعارض السعودية و«إسرائيل» اتفاق فيينا؟
} د.وفيق إبراهيم
الموقف السعودي – الإسرائيلي من اتفاق فيينا أكبر من اعتراض بسيط يؤسس لحرب تعيد الأوضاع في الشرق الأوسط وجزيرة العرب نحو حرب ضروس لتطويق إيران بين محوري إيران وسورية من جهة و»إسرائيل» والسعودية والأميركيين من جهة ثانية.
هنا تختلف مواقف المتحالفين بكل تأكيد لأن الأميركيين يعملون على بناء موقف أممي يعزل إيران عن روسيا والصين مع العمل على جذبها نحو السياسة الأميركية.
فالأميركيون يعتبرون بشكل أكيد ان بناء تحالف ثلاثي صيني روسي إيراني تفتح الطرق من الصين الى سورية ويضع نهاية للمستقبل الأميركي في العراق وسورية. وهذا التحالف الصيني الروسي يستطيع عبر هذا الحلف المفترض مجابهة الهيمنة الأميركية وتمتين الوضع السوري الإيراني وتعزيز نفوذ حزب الله في أدواره السورية واللبنانية والإمكانات العالية لمجابهة «إسرائيل».
الأميركيون هنا يقرأون هذه التطوّرات بشكل آخر ويرون إمكانية جذب إيران ومنعها من الاندماج مع المحور الروسي الصيني وبعثرته.
مقابل تثبيت الدور الإيراني غير المعادي للسعودية والمحرك لأدوار حزب الله في الاقليم اللبناني السوري وشرق الفرات، حيث يؤكد الأميركيون ان إيران المتهادنة معها هي التي تمتلك دوراً كبيراً يوافق عليه الأميركيون في شرق الفرات والعراق الحدودي والوسطي.
لذلك يتهيأ الأميركيون لتسهيل نجاح مؤتمر فيينا على أساس السيطرة على عدة دول ينافس معظمها الدور الأميركي في الشرق الاوسط.
فهناك إيران المدنية، أي الدولة المتمكنة داخل حدودها لموارد أولية ضخمة وحدود استراتيجية وتطوّر داخلي علمي مقبول وهناك إيران النووية التي يعمل الأميركيون على تجريدها من طابعها النوويّ، هناك إيران الشرق الأوسطية التي تُمسك بتحالفات كبيرة من الحشد الشعبي في العراق ودولة سورية ومنظمات الفلسطينية وحزب الله، وهذه من أقوى التحالفات المرصوصة والقادرة على مجابهة معظم القوى المحسوبة على «إسرائيل» والسعودية والأنظمة الموالية للأميركيين.
يكفي استحضار لبنان الهابط الى أسفل سافلين والمتحطم اقتصادياً وسياسياً حتى يلتقط المراقبون قدرات حزب الله في دعم دول وإسقاط أخرى بومضة عين وتشكيل تحالفات ترفع من دور دول وتراجع أخرى، فحزب الله اليوم هو من القوى القادرة على ترجيح أحلاف وتأخير قوى أخرى.
لذلك فالسؤال اذاً هو التالي: إذا كان الأميركيون يرون ان من مصلحتهم جذب إيران اليهم؟ فلماذا الاعتراض السعوديّ – الإسرائيليّ؟
هذا يدل على الفور أن عملية الجذب الأميركية لإيران تقتصر على ضرب دورها النوويّ والاستمرار في تحالفاتها مع سورية وحزب الله على القاعدة السياسيّة نفسها أي مقاتلة «إسرائيل» والسعودية من دون اي تغيير يذكر، هذا مع تأييد إيراني مضاعف للفلسطينيين بالسلاح والتدريب والمال خصوصاً بعد معارك غزة.
أما خليجياً فلن تتراجع إيران ابداً عن مجابهة الدور الإسرائيلي في الخليج.
وهو دور سعودي – إماراتي قطري خليجي لذلك تعتبر السعودية وإسرائيل معها ان الدور الإيراني متواصل في مواجهتها حتى لو تهادنت مع الأميركيين.
لذلك يتضح ان الاعتراض السعودي الإسرائيلي يتركز على التأييد الإيراني للفلسطينيين وحزب الله والسوريين، فلا ينفع بعده مدى التقارب الإيراني الأميركي لانه سيستلزم حصراً بالموضوع النووي الإيراني.
فهل يمنع هذا الاتفاق النووي إمكانية تقارب إيراني مع الصين وروسيا؟
المحاولات الأميركية لجذب كامل الأدوار الإيرانية هي عملية مستحيلة، لأنها تحتاج الى السيطرة على تحالفات إيران في الشرق الاوسط وكسر الدور السوريّ وحزب الله والمجابهة الفلسطينية المفتوحة.
لذلك قد يكتفي الأميركيون بإلغاء الدور النوويّ الإيرانيّ مع العودة الى استعداء إيران في أدوارها اللبنانية السورية الفلسطينية والعراقية.
فالمنطقة تتحضّر لقتال ضار مع الأميركيين في شرق سورية والحدود مع العراق ومناطق كردستان، حيث لا يقبل العراق على الإطلاق استحداث دولة متأمركة لديها وظيفة واحدة وهي دعم الاحتلال الأميركي للعراق، وما تبادل المواجهات بين الحشد الشعبي والجيش الأميركي الا مقدمة لصراعات عميقة يبدو فيها العراقيون أكثر إصراراً من ذي قبل على سحب القوات الأميركية من بلادهم.
فهل ينفع الاعتراض السعودي – الإسرائيلي على المفاوضات الإيرانية الأميركية؟
يعتقد الخبراء أن هذه المفاوضات لن تعطي اي نتيجة مقابل الذهاب نحو تشكيل محور ثلاثي صيني روسي إيراني سيكون له دور كبير في التأسيس للكثير من الصراعات العنيفة في الإقليم.