بعض من حضورنا الحزبيّ في مدينة بورتو اياكوتشو ـ فنزويلا
} الرفيق نبيل عبد الخالق
شهدت فنزويلا حضوراً حزبياً على امتداد ولاياتها، وفيها برز عدد جيّد من الأمناء، ومئات من القوميين الاجتماعيين، وقد تسنّى لي الإطلاع على أوضاع الفروع بحكم مسؤوليّتي في مكتب، فعمدة شؤون عبر الحدود، ممّا جعلني أكتب عن أمناء ورفقاء تميّزوا بنشاطهم وتفانيهم، أذكر منهم الأمناء شفيق مفرّج، منير وعادل الشعار، موفق شرف، محمود الجوهري والرفيق داود أبو عنق.
من المؤسف، وهذا أقوله عن فروع الحزب في فنزويلا، وعن معظم فروع الحزب عبر الحدود، أنّ الأمناء والرفقاء المتقدّمين كفاءة والتزاماً، لم يتركوا لنا مذكراتهم او يكتبوا ما يعرفون عن الحضور الحزبي، بحيث أنّ فنزويلا ستغيب عن تاريخ الحزب، باستثناء ما نشرت من نبذات، حتى أنّ أعداد مجلة الندوة التي كان يصدرها الأمين عبدالله قبرصي في فترة اغترابه القسريّ في فنزويلا، فُقدت كلّها ولم أتمكّن من الحصول عليها رغم المتابعة، وهذا ما كنتُ أشرت إليه في نبذة خاصة.
*
كنتُ رافقتُ فرع الحزب في مدينة «بورتو اياكوشو» مع أولى سنوات تولّي مسؤولية رئيس مكتب الحدود، في الفترة التي كانت فيها الرفيقة شمس عبد الخالق مقيمة فيها، وأذكر أنّي تابعت الحضور الحزبيّ في تلك المدينة على مدى سنوات، ومع تبدّل القيادات المحليّة، ومن أبرزهم الرفيق الصديق نبيل عبد الخالق.
مؤخراً، وفيما كنت أراجع محفوظاتي، اطّلعت مجدداً على تقرير كان رفعه الرفيق نبيل عبد الخالق، وعلى الصفحة رقم 56 من عدد مجلة «صباح الخير – البناء» الصادر في 02/08/1988، ننشره أدناه لفائدة الإطّلاع:
«كانت فكرة إنشاء ناد عربي تُطرح دائماً منذ خمسة عشر عاماً، وكلّ لقاء اجتماعيّ أو سهرة عائليّة أو احتفال تنتهي دون تحقيق هذه الغاية. وبقيت كذلك حتى نهار 17 نيسان 1986 ذكرى جلاء الجيوش الأجنبيّة عن الأراضي الشاميّة واستقلالها، وبعد الاحتفال بهذه الذكرى طرحت فكرة إنشاء النادي رسميّاً وكان التجاوب عفويّاً ومتجاوباً. وفي السادس والعشرين من هذا الشهر، دعا السيّد منير عبود الأسعد، ابن مدينة محردة في الكيان الشامي، إلى اجتماع عامّ لجميع أبناء الجالية من لبنان وسورية، ومن جميع المذاهب والطوائف. وكان هذا الاجتماع بداية تأسيس المركز العربي – الفنزويلي، وانتخب السيد الأسعد رئيساً للنادي لسنة 1986، وبأقلّ من أسبوع استأجر بناءً وجهّزه بجميع لوازم النوادي.
عام 1987، انتُخب السيّد سليمان عبد الخالق رئيساً للنادي، وكانت تضحياته الماليّة والاتصالات السياسيّة مع المسؤولين لتأمين قطعة أرض من مركز البلديّة وهي بمساحة 12 ألف متر مربّع، وتعاون مع مساعديه في اللجنة لتسجيل الأرض وتسجيل عقد النادي وبناء تصوينة.
عام 1988، اجتمعت الجالية العربيّة في مركز النادي لانتخاب رئيس جديد وإدارة جديدة تعاونه في العمل، وتمّ انتخاب السيّد كمال نعنوع أسعد رئيساً.
السيّد فريد عبد الخالق، نائباً للرئيس.
السيد جرجس متى دلّا، أمين الصندوق.
السيد نبيل عبد الخالق، أمين السرّ.
السيّد سليمان عبد الخالق، مستشار عامّ.
السيد لبيب الأسعد، علاقات خارجيّة.
السيد مخايل حنّا الأسعد، علاقات خارجيّة.
السيّد جرجي حبيب، عضو أوّل.
السيد أنور عبد الخالق، عضو ثاني.
وبعد جلسة الانتخاب، طرح الرئيس الجديد خطة عمله لبناء النادي، وركّز بشكل خاص على الشأن المالي حسب الخارطة الهندسيّة التي تبرّع برسمها المواطن المهندس يمين، وهي تشمل صالة مساحة 600 متر مربع ومقصف وملاعب تنس وفوتبول ومسابح للكبار والصغار وبارك ألعاب، ويكلّف المشروع حوالى مليون بوليفر تقريباً.
وقد التقى مراسل «صباح الخير – البناء» برئيس النادي السيّد كمال نعنوع، وكان هذا الحديث:
هل يمكن أن تعرّف القرّاء بنفسك؟
كمال نعنوع أسعد، من مواليد قرية عيون الوادي قضاء تلكلخ – الكيان الشامي، العمر 58 عاماً. لمّا بلغت سنّ خدمة العلم تقدّمت إلى رئيس القلم في مدرسة الرّتباء الضابط فؤاد جديد، ثمّ انتقلت إلى حمص في فوج المشاة الثالث في دير الزور، وفي عام 1955 رقّيت إلى رتبة عريف في الجيش العربي السوري. وعندما حصلت عمليّة اغتيال العقيد المالكي، أصبحت جميع الأفواج تقريباً بدون ضباط، بسبب دخولهم السجن أو الهروب من أعمال العنف، وخصوصاً بعد مقتل مصطفى كمال المالكي آمر الفوج الذي كنت فيه، وهو قومي اجتماعي. ثمّ بدأت حركة التشكيلات الجديدة في الأفواج لتغطية النقص الحاصل. بعد الاعتقالات والتصفيات التي حصلت بحقّ القوميين الاجتماعيين، شاهدت وعانيت كثيراً، فأخذت أعي وأفكّر بما يحصل، خاصة أنني لم أكن أعرف شيئاً عن عقيدة ومبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي.
في أحد الأيام، ذهبت إلى مركز قضاء تلكلخ للحصول على إخراج قيد، وبمروري بالطابق الثاني من البناء، وجدت الرفيق جورج مغميّاً عليه من الإهانة والضرب واللكم، وكان الجنود يتحلّقون حوله ويصبّون عليه المياه، وعندما يفيق وتعود إليه الحياة يصرخ من جديد: تحيا سورية ويحيا سعاده، فيعاودون ضربه حتى يُغمى عليه من جديد، بعد هذه اللحظة بدأت أميل إلى الإطلاع على عقيدة ومبادئ هذا الحزب العظيم، وبدأت أسأل نفسي عن سبب اضطهاد هذا الحزب الذي ينادي بسورية.
عام 1958 سرّحت من الجيش وغادرت الوطن إلى فنزويلا، وبدأت العمل في التجارة شأن كلّ المهاجرين، وقبل السبعينات بقليل حلّ الرفيق توفيق عبد الخالق وزوجته الرفيقة شمس عبد الخالق (وشقيقة الأمين محمود عبد الخالق) جيراناً لي، فطلبت منهما بعض الكتب والنشرات والمطبوعات الحزبيّة، فوجدت أنّ الزعيم سعاده استشرف مستقبل الأمّة السوريّة وأحداث فلسطين قبل تأسيسه الحزب، وكم حذّر العالم العربيّ من خطر اليهود على جميع الكيانات وجميع أبناء الأمّة. وما أعجبني أكثر هو مبدأ فصل الدين عن الدولة، وعدم التفرقة بين الرسائل السماويّة. فبدأت أميل إلى القراءة أكثر وأكثر، وفي المغترَب يشعر المغترِب بأنّه يعشق الحريّة.
ما رأيك بالمقاومة القائمة حالياً ضدّ اليهود؟
إنّها الحلّ الوحيد واللغة الوحيدة التي يجب أن نتعامل بها مع اليهود، فلا مجال للغة أخرى. ولكن يُقلقني كثيراً قتال الأخوة في لبنان مع بعضهم البعض من لبنانيين وفلسطينيين، بينما نرى اليهود موحّدين ضدّنا من جميع الأعراق ومن جميع الدول والأمم، وعار على كلّ عربي أن يعيش ليأكل فقط، ولا يكون عنده أفق لاسترجاع حقّنا وكرامتنا ووطننا وتحرير الأرض والإنسان إن كان في فلسطين أو في الجولان أو في جنوب لبنان.
ما هو وضع الجالية في بويرتو اياكوشو؟
أنا أرى، وألمس وأشعر أنّها أفضل الجاليات العربية في فنزويلا، لأنّ الجميع متكاتفون ومتعاونون مع بعضهم البعض، ولا يوجد أيّ مجال للتعصّب الطائفي أو الإقليمي أو الكياني أو العائلي.. وكل فرد يقدّم مساعدة إلى مواطنه متى كان متمكّناً منها، بغضّ النظر عن الدين والعرق والسلالة.
هل من كلمة توجّهها إلى أبناء الوطن السوريّ الكبير عبر مجلة صباح الخير – البناء؟
«صباح الخير ـ البناء» هي صوت الحريّة وصوت الثورة، وهي الصوت الوحيد والمادة الإخباريّة الوحيدة التي تصلنا إلى هذه المقاطعة. وهي صوت المقاومة الوطنيّة في جنوب لبنان والجولان، وهي صوت الأطفال والشيوخ والشباب والنساء المقاوم في فلسطين المغتصبة. أمّا بالنسبة إلى الوطن، فإن الرئيس حافظ الأسد، ما زال وحيداً صامداً في الساحة العربيّة في وجه أقوى وأعتى هجمة أوروبيّة – أميركيّة – يهوديّة، محافظاً على كرامة العرب أجمعين، داعماً كلّ مقاومة شريفة وخاصة المقاومة الوطنيّة في لبنان، التي كرّم شهداءها بأن قال إنهم «أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر»، وأطلق أسماءهم على بعض الساحات والمدارس وخصوصاً الشهيدة عروس الجنوب سناء محيدلي.