أولى

سعاده الشهيد الوليد…

 د. جورج جريج _

   تشهد الساحة الدولية اليوم، بفعل تأثير ثورة المعلوماتيّة، تبدّلاً غير مسبوق على مستوى أسلوب التفكير، والصراعات الدولية وموازين القوى المتحكمة بمصير الشعوب وقضاياها. وتبقى مسألة السيادة، أولى اهتمامات الشعوب المؤمنة بحقها في الحرية والكرامة الوطنيّة. وتشكل مسألة الهوية القومية حجر الأساس في صناعة المصير، والبنيان، بقاءً وارتقاءً.

أسّس أنطون سعاده أسلوب تفكير، يقوم على إيجاد إجابات منهجية، لسؤال تقوم عليه عمارة صرح الحضارات العالمية، فكان التفاعل الموحّد المحيي الجامع في المسار الارتقائي، كعنوان للسيادة، جواباً على سؤال: ما هي عوامل تطور الاجتماع البشري؟ وبذلك يكون قد وضع ركيزة البدء في اتجاه الصراع لتثبيت مبدأ السيادة…

   مسيرة حياة سعاده، لم تكن معبّدة بالورود، هي أشبه بمسيرة جلجلة، لقيامة إنسان المجتمع الجديد…

   فمنذ بدء تكوين أبجدية العقيدة، إلى صياغة لغة نهضوية صراعيّة، بتجسيد الحركة في اتجاه قيامة الوعي «ليست القومية إلا ثقة القوم بأنفسهم واعتماد الأمة على ذاتها»، و«الأمة أساس مادي يقوم عليه بناء روحي». هذه القيامة التي أسست لمعنى الانتماء، رسمت بعد اتجاه الولاء. وبالمنحى العملي، أسس سعاده الحزب كإطار ضمان لتوحيد الجهود باتجاه تحقيق فعالية الهدف المنشود، المبني على وعي الانتماء وتجسيد الولاء. وكانت مسيرة البناء عملاً رؤيوياً صراعياً، خارج إطار المفعول، باتجاه الفعل الهادف، أبجديته العقيدة، وآفاقه حركيّة صراع إنسان المجتمع الجديد…

   شكلت نهضة الأمة هاجساً، سكنها سعاده وسكنت فيه، ما استكان حتى الرمق الأخير، قولاً وفعلاً لتحقيقها وإخراجها من دائرة التمنّي إلى حيّز الوجود، وبهذا انقلب على التسليم بالمفعول ومفاهيم الاستكانة العتيقة والتردّي، إلى رحاب الفعل الموجز والمنجز، فكانت كلماته: «نحن جماعة لا تتخلّى عن مبادئها، لتنقذ جسداً بالياً لا قيمة له»، وتجاوز إيمانه موجبات حفظ الذات الفردية، متماهياً مع مصير الأمة وقضيتها، ليكون إشعاع النور في ظلمات مساحات غاب النور عنها…

   تعملق أنطون سعاده. جسّد التمايز بالتفاني، فجاءت شهادته على مذبح القضية، انتصاراً تعمّد بالدماء، ليكون يوم استشهاده، المقدّس. ويصبح لحركة النهضة، الشهيد الوليد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*عميد العلاقات العامة في الحزب السوري القومي الاجتماعي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى