سعاده خالد في النفوس لا يرحل…
كلود عطية*
إن الحياة لا تختصر بالكلمات بل بالأفعال ووقفات العز والبطولات.. هي سعاده الواقف في وجه العراة من الوطنية والإنسانية والانتماء الى القضية السورية القومية الاجتماعية.. ما أعظم القوة التي ترجمها وجه الزعيم بابتسامة الانتصار الأبديّ.. وتثبيت وجود حزب النهضة مهما اشتدت الأزمات ومهما أصاب الجسد من طلقات ورصاصات.. ما أعظم الروح التي واجهت ورفعت شعارات العز والمواجهة والصراع في وجه الأعداء.. نراها تحلق في سماء الأمة على أجنحة النسور.. توجّه رسالة الى كل العالم بأن الاغتيال المادي لا يمكنه قتل الروح القومية العظيمة ولا يمكنه سجن الحرية في سجن العبودية والتبعية والعمالة والغدر والخيانة.. الفكر يبقى والمبادئ تترسخ والعقيدة ترتفع في عظمتها فوق كلّ الجراح.. والرياح وحدها كفيلة في بعثرة كل مَن اجتمع وخطّط وتآمر وحكم ونفذ حكم الإعدام وأهدانا شهادة المعلم الذي أنهى في كلماته الأخيرة كلّ الكلام…
سعاده الذي زرع في نفوسنا المقاومة والصراع من أجل الحق القومي.. خاطبنا بلغة القوة في استرداد حقوقنا.. وبلغة العقل في بناء علاقاتنا.. هكذا هي مشاعر كل قوميّ حر نحو المقاومة وسيّدها وكل أبطالها.. هي فلسفة العظماء في الأخلاق والفكر وفلسفة الوجود.. لنكون حيث يجب أن نكون.. لا نطعن بسيف الجهل ولا نخون.. لا نتخلى عن رفقاء الدم.. ولا نغدر بمن غرس في رؤوسنا المحبة والتواضع والمعرفة..
هو سعاده الذي أهدانا ثقافة الحياة لنسكن في عقيدته وتسكن العقيدة في كل ذرة من أجسادنا وأعصابنا وأرواحنا.. قد يرحل في الجسد ولكنه يبقى في كلّ حرف وكل كلمة.. في كل موقف وكلّ خطاب وفي كلّ وقفة عز… هو الذي علمنا كيف نبحث في تاريخ وجودنا وحضارتنا وثقافتنا.. علنا نعيد للذات القوميّة إيمانها بقوتها وقدرتها على المواجهة وتغيير كل المعادلات القائمة على المؤامرات والصفقات والتحالفات الشخصانيّة الأنانية المريضة..
نحن أبناء مدرسة لا تقفل أبوابها لو اتفق واجتمع عليها العالم بأسره.. كما أننا أبناء عقيدة لا تزعزعها النفوس الجائعة والخائنة… فكيف للدماء التي تجري في عروقنا أن تكون وديعة الأمة فينا في أجسادنا وأرواحنا ونحن لم نعد نعترف أن ما يوحّدنا هو عقيدة تساوي الوجود ودماء ما وجدت الا لتروي أرضنا.. وقضية لا تقسم ولا تقبل التشتت أو البرودة في التعامل مع النار ونحن الذين تعمدنا بالدم والنار لنثبت أننا أبناء المواجهة والصراع والحق والخير والجمال.. أبناء أمة لا تليق بها الا الحياة…
كيف لنا أن نكون من أبناء الحياة ولا يوحّدنا ويجمعنا إلا الموت.. وننسى بأننا لم نختر الموت الا اذا كان طريقاً الى الحياة..
وعليه؛ ما علينا الا ان نتذكر أن الزعيم قد استشهد وحفر اسمه تحت جلد كل مقاوم.. وفي روح كل إنسان حر لا يزوّر حقيقة وجوده ولا يساوم..
هي فلسفة الفداء.. هي روح سعاده في كل نسر يحلق بالعز والكرامة والأخلاق والقوة والحق في السماء..
بناء عليه، لا بدّ من القول إنّ سعاده خالد في النفوس لا يرحل من فكر كل من قرأ وتعمق بالعلم والمعرفة والسياسة والاقتصاد وشؤون المجتمع والمقاومة بكافة أنواعها وأشكالها.. كما أنه لن يرحل من فكر كل عدو لهذه الأمة العظيمة بشعبها وأرضها..
ها نحن نرى كلماته ومحاضراته وأقواله في كل شؤوننا المعيشية والاقتصادية والاجتماعية.. نراه في علاقاتنا المحلية والإقليمية والدولية.. ونذكره عند كل مفترق طريق الى الفناء أو الى النهضة… فنحن الذين نفنى بالطائفية والتعصب والفئوية والتبعية والاستزلام لصغار النفوس.. لا نحيا الا كما قال سعاده بالإخاء القومي وبالانتماء والاعتزاز بأرضنا وقضيتنا ومقاومتنا وسلاحنا المعرفي وكلّ أنواع السلاح للحفاظ على الإنسان والإنسانية والأرض والهوية..
سعاده المقاوم الذي هز عرش كل المتآمرين حوّلنا مقاومين حقيقيين لا نبيع ولا نشتري بدماء الشهداء.. علّمنا أن نموت في سبيل القضية واقفين أعزاء..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ