عودة السجال السياسيّ حول المسار الحكوميّ… وسط تفاقم الوضع المعيشيّ وتحرّك السفراء / «القوميّ» يحيي ذكرى استشهاد مؤسسه بافتتاح دار سعاده… وحردان يندّد بالتدخلات الخارجيّة: / حكومة وفق مبادرة برّي حالة طوارئ اقتصاديّة قانون انتخاب لاطائفيّ مجلس مشرقيّ /
كتب المحرّر السياسيّ
وسط تقديرات واستنتاجات عن إقدام الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري على تقديم تشكيلة حكومية لرئيس الجمهورية تستند الى صيغة الـ 24 وزيراً قبل نهاية الأسبوع، تمهّد لاعتذاره، عاد السجال السياسي حول المسار الحكوميّ بين ثلاثي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل وحركة أمل، في ظل تراجع الوساطات والمساعي، مع تفاقم الأوضاع المعيشيّة وانهيار متزايد في سعر صرف الليرة، وتراجع تغذية الكهرباء، واستمرار طوابير الانتظار الطويلة أمام محطات البنزين، من دون وجود آفاق لحلحلة مقبلة، بينما يواصل سفراء الدول الأجنبية، وخصوصاً الثلاثي الأميركي والفرنسي والسعودي الحراك تحت عنوان البحث عن مخارج أو تخفيف وطاة الأزمة على الجيش والمؤسسات الأمنية.
على خلفية هذا المشهد القاتم أقام الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفال إحياء ذكرى استشهاد مؤسسه أنطون سعاده، مفتتحاً داراً ثقافيّة اجتماعيّة تحمل اسمه في ضهور الشوير، وقد تحدّث في الاحتفال رئيس المجلس الأعلى للحزب النائب أسعد حردان، عارضاً للأوضاع السياسية المحلية والإقليمية، ولرؤية الحزب للحلول، مندداً بالتدخلات الخارجية التي تستند الى عدم قيام المسؤولين اللبنانيين بما ينبغي القيام به لتشكيل الحكومة بعيداً عن الحسابات الطائفية، فيأتي الخارج بعرض ما يخدم مصالحه، معتبراً أن المطلوب في مواجهة تفاقم الأزمة هو حكومة لا تزال مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري تشكل اساساً صالحاً للحوار حولها، مشيراً إلى خطورة دعوات الفدرلة، والخطاب المتشنّج والعنصري الذي يمهد للحرب الأهلية، مؤكداً أن الحل يكمن في قانون انتخاب لاطائفي يفتح طريق بناء الدولة العصرية التي لا تميّز بين مواطنيها، وتقيم حكم المؤسسات والقانون، وفي الشأن المعيشيّ دعا حردان الى حالة طوارئ اقتصاديّة تستنهض مؤسسات الدولة وتحمي المواطنين من طوابير الذل ومن جشع الاحتكار المتوحش، تتكامل مع فتح الحدود وتنسيق العلاقات مع سورية مذكراً بدعوة الحزب الى إقامة مجلس للتعاون المشرقي.
دعا رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان إلى «تشكيل حكومة تحت سقف الدستور، قائلاً نرى في مبادرة الرئيس نبيه بري مرتكزاً لحوار بنّاء يفضي إلى تشكيل الحكومة بعيداً عن أية حسابات طائفية وجهوية، وبما يجنب لبنان تدخلات خارجية لا تنظر إليه إلا بعين مصالحها. لذلك نشدد على ضرورة أن يتفق المسؤولون على تشكيل حكومة جديدة، بما يضع حداً للتدخلات الخارجية النافرة.
كلام حردان جاء خلال إحياء الحزب السوري القومي الاجتماعي ذكرى استشهاد انطون سعاده في الثامن من تموز، وافتتاح «دار سعاده الثقافية والاجتماعية» وجناحاً خاصاً يحمل اسم الأمينة الأولى جولييت المير سعاده، في احتفال حاشد في ضهور الشوير، حضره رئيس الحزب وائل الحسنية وعدد كبير من أعضاء قيادة الحزب والمسؤولين.
ورأى أن طريق الخروج من المآزق والأزمات لا يكون بالكلام، وأن محاربة الفساد لا تكون بالشعارات، بل بإعلان حالة طوارئ اقتصادية وخطة متكاملة، تشترك فيها كل وزارات الدولة ومؤسساتها، كي لا تبقى هذه الوزارات والمؤسسات مستقيلة من مهامها، تاركة المواطنين فريسة لأصحاب الشركات الاحتكارية المتوحشة الذين يتسببون بالأزمات، وبإذلال الناس في طوابير البنزين والمازوت والخبز والدواء وحليب الأطفال وغيره. إن هؤلاء المحتكرين، هم جزء من منظومة مشبوهة هدفها حرف بوصلة الناس عن واجباتها الوطنية، وإشغالها بحاجاتها الغذائية والدوائية، ودفعها إلى اليأس والهجرة، على نسق وظائف الثورات الملوّنة التي تنشر ثقافة التوهين والتفكيك وتدعو إلى الانفكاك عن القيم المجتمعية المثلى».
ودعا «السلطة الرسمية في لبنان إلى تحمّل مسؤولياتها، وأن لا تبرر تقصيرها بما يدور من كلام عن حكومة اختصاصيين تارة وحكومة مستقلين تارة أخرى. السلطة السياسية هي المسؤولة وهي صاحبة الاختصاص الأول والأخير في معالجة شؤون المواطنين وتلبية حاجاتهم، وإننا نطالبها بأن تذهب إلى أي مكان، شرقاً وغرباً، ما عدا كيان الاحتلال الصهيوني، المهم أن تأتي بما يحتاجه المواطن للعيش الكريم».
وقال: «ما نسمعه هذه الأيام، من دعوات إلى الفدرلة وخطابات تغذّي النعرات الطائفية والمذهبية، هو بمثابة قرع أجراس العودة إلى الحرب الأهلية التي دمرت البلد وهجرت أهله وأرهقت ماليته واقتصاده، لذلك نقول، فليسقط كل دعاة الحرب والمنادين بها، ونؤكد أننا لن نتزحزح عن قناعاتنا وخياراتنا بالدفاع عن وحدة لبنان وسلمه الأهلي بمواجهة كل محاولات الشرذمة».
وأشار الى ان ألف باء الإصلاح، قانون انتخابي يوحد اللبنانيين على قاعدة المساواة، ويخرجهم من حظائر الطوائف والقبائل والملل، ونقول عيب على الذين رفضوا البحث في قانون انتخابي جديد. هؤلاء سيحملهم التاريخ مسؤولية الانخراط في مشروع الفدرلة والتقسيم. نحن لنا رؤية واضحة لمواجهة ما يتهدد لبنان، وقد دعونا النخب إلى الاشتراك في إقامة تيار وطني لا طائفي، يطلق صرخة قوية مؤثرة من أجل الإصلاح السياسي في لبنان، ونحن نجدد هذه الدعوة لكي نضغط معاً من أجل الإصلاح».
وأضاف: «أطلقنا مبادرة لقيام مجلس تعاون مشرقي لتحقيق التكامل الاقتصادي، وليكون لبنان أول المستفيدين من محيطه القومي. وعليه، فإننا نطالب المؤسسات الرسمية في لبنان، أن تتخذ قراراً حاسماً وسريعاً بإعادة العلاقات الطبيعية مع سورية والتنسيق مع الحكومة السورية لفتح الحدود وتعبيد خط الترانزيت، الذي هو ممر إجباري لتصدير المنتوجات اللبنانية إلى الكيانات والدول العربية وهو يشكل شرياناً حيوياً لاقتصاد لبنان. إن القيام بهذه الخطوة واجب الوجوب، وهناك ضرورة للتعاون مع سورية لحل العديد من المشاكل التي ترهق لبنان. ونحن على ثقة بأن سورية منفتحة ومستعدة لتقديم المساعدة».
وعلى خط الحراك الخارجي المتصل بالأزمة اللبنانية، يعقد اليوم اجتماع في السفارة السعودية في اليرزة يضم السفير السعودي وليد بخاري والسفيرتين الأميركية دوروثي شيا والفرنسية آن غريو لمتابعة وتقويم اجتماعات الرياض للسفيرتين الفرنسية والأميركية.
إلى ذلك، يتجه الرئيس المكلف سعد الحريري في الأيام المقبلة إلى مصارحة اللبنانيين بحقائق الأمور ووفق المعلومات التي تنقلها مصادر تيار المستقبل لـ «البناء» فإن الحريري فور عودته من مصر حيث سيلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فإنه سيحدد خياره خاصة أن الأمور تكون قد تبلورت في الداخل على صعيد الاتصالات، مشيرة الى ان الحريري لا يزال يحظى بدعم من روسيا ومصر لتأليف الحكومة فضلاً عن رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ابلغ الحريري أنه قد يقبل اعتذاره عن التأليف فى حال ذهب الأخير إلى تزكية شخصية سنية غيره ودعمها في عملية التشكيل، ولفتت المصادر إلى أن خيار اعتذار الحريري لا يزال مطروحاً بقوة علماً أن رؤساء الحكومات السابقين أسوة بالرئيس بري وحتى حزب الله يفضلون عدم اعتذاره. واعتبرت المصادر أن الحريري قد يُقدم في الأيام المقبلة على تقديم تشكيلة حكومية من 24 وزيراً إلى رئيس الجمهورية وعندها يكون قد وضع الطابة في مرمى بعبدا التي في حال رفضتها تكون مصرّة على سياسة التعطيل، وعندها لكل حادث حديث.
في المقابل تعتبر مصادر تكتل لبنان القوي لـ»البناء» أن ما يحصل من اتصالات خارجية وزيارات الى السعودية يؤكد المؤكد أن الرئيس المكلف ينتظر الضوء الأخضر السعودي لتأليف الحكومة، وبالتالي ثبت للجميع ان ما يحكى عن عرقلة عونيّة تعطل التشكيل ليس الا اتهام سياسيّ، معتبرة ان المشكلة هي في العامل الخارجي وليست في العوامل الداخلية التي يتم التذرع بها، مشيرة في موازاة ذلك الى ان هجوم حركة امل عبر وسائلها الإعلامية على العهد هو في اطار الخلاف السياسي الكبير في النظرة الى الاصلاح ومحاربة الفساد بيننا وبين الرئيس نبيه بري، قائلة هناك من يلقي الاتهامات جزافاً على وزراء التيار الوطني الحر في حين أنهم ويا للأسف يعلمون أين يكمن أصل المشكلة، مضيفة نحن أيضاً نستطيع نبش القبور، معتبرة أن إصرارنا على رفع الحصانات في قضية انفجار مرفأ بيروت أمر طبيعي ومنطقي ووطني وإنساني وبالتالي يفترض بالجميع تبني الموقف نفسه احتراماً لضحايا انفجار 4 آب، والاستجابة لطلب القاضي طارق البيطار.
وكانت محطة nbnشنت هجوماً عنيفاً على العهد في مقدمتها الاخبارية حيث أشارت كفاكم لفًا ودروانًا ونظرياتٍ، فأنتم في نظر مَن يريد دولة القانون منافقون وفق ما ثبت بالممارسة وبالوجه الشرعيّ.
وكما في ملف انفجار المرفأ الذي علمتم بوجود مسبّباته قبل أكثر من 15 يومًا من حصوله، كذلك في كل ملفات فسادكم التي دفعت الوطن والشعب من رأس جبلكم إلى أسفل وادي جهنم.
إلى الشعبويين الفاسدين اسمعوا جيداً نبيه بري أكد اليوم كما منذ أول يوم أنه لن يتهاون مع ملف انفجار المرفأ، لأن من حق أهالي الشهداء وكل اللبنانيين الوصول الى الحقيقة وعدم التغطية عليها، وقد أعلن أن مجلس النواب لن يسكت عن أي مرتكب أو مقصّر حيال هذا الملف من وزراء وغيرهم.
أما أنتم يا مدّعي العدالة فحاشيتكم العائلية فاسدة وبحكم مبرم منذ تلك الصفقات في الكهرباء وبواخرها، منذ السدود القاحلة كوجوهكم الكالحة مع تخطي دفاتر شروط المناقصات العمومية.
وفي خضم حرب التصريحات الإعلامية والاتهامات المتبادلة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل جدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الدعوة الى تنازل الفريقين من أجل تشكيل حكومة توقف الانهيار الحاصل والكارثة التي وصلنا اليها. وشدّد جنبلاط خلال جولة له على بلدتي بريح والفوارة الشوف على ضرورة عدم نبش الماضي والنظر الى المستقبل من خلال التعاون والتعاضد من دون تمييز بين تيار سياسي وآخر.
وأكد البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن «مطلوباً من الدولة اللبنانية وبإلحاح ملاقاة المجتمع الدولي من خلال تأليف حكومة تتمتع بالمواصفات الإصلاحيّة والحيادية. إن العالم يكرّر نداءاته، فيما المعنيون بتشكيل الحكومة يمتنعون عن القيام بواجباتهم الدستورية والوطنية حتى شكلياً. فرغم الانهيار الشامل لا يزالون يتبادلون الشروط المفتعلة قصداً لتأخير تأليف الحكومة. فلا عبارة الاتفاق مع الرئيس المكلف تعني تعطيل التشكيلات المقدّمة، ولا التكليف يعني تكليفاً أبدياً من دون تأليف حكومة. إن مصلحة الشعب تعلو على كل التفسيرات والاجتهادات الدستوريّة والحساسيّات الطائفيّة. لن نسمح، مع ذوي الإرادة الحسنة، بسقوط البلاد بين أطراف لا تريد حكومة وأطراف أخرى لا تريد دولة».
وقال: «إن الصداقات مع الدول شيء، والانحياز الاستراتيجيّ إلى محاور عربيّة وإقليميّة ودوليّة شيء آخر. لذلك، إن الحياد هو حل خلاصيّ للبنان، خصوصاً أنه لا يحول دون تعزيز العلاقات مع أي دولة وتقوية الصداقة معها لمصلحة لبنان، باستثناء تلك التي لا تكفّ عن استعدائنا».
أضاف: «نطالب الجماعة السياسيّة تسهيل عمل القضاء لأن الشعب لا يغفر لمن يعرقل مسار التحقيق أو لمن يسيّسه أو لمن يغطي أي شخص تثبت التهمة عليه. فلتكن نزاهة القضاء المشجع الأول للمثول أمامه من أجل الحقيقة. فلماذا تخافون إذا كنتم أبرياء؟ يجب التمييز بين الأذونات الإدارية لرفع الحصانة، والبحث القضائي عن الأدلة».
قضائياً، يمثل مدير المخابرات الأسبق العميد كميل ضاهر اليوم الإثنين أمام المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، كما يمثل العميد الركن جودت عويدات والعميد الركن غسان غرز الدين أمام القاضي البيطار غداً الثلاثاء.