عمل عظيم وسخيّ للعالم الاجتماعيّ والفيلسوف أنطون سعاده
الدكتور جوزي جيل*
*كاتب ورئيس تحرير صحيفتي «أغوا فيردي» و»كينزي دي نوفيمبرو» البرازيليتين
إنه لشرف كبير ان أكتب بعض الكلمات عن أحدث كتاب يصدر للكاتب والمترجم يوسف المسمار المثقف المتخصّص في نشر الفكر والإنتاج الفلسفي والاجتماعي في البرازيل والعديد من البلدان للخالد الذكر العالم الاجتماعي والفيلسوف أنطون سعاده.
في كتاب، «أفكار فيلسوف دائمة الحداثة» ينتقي المؤلف وينظم بعض العبارات والنصوص والأجزاء من الخطابات والمحاضرات من الإنتاج السخيّ والعظيم لأنطون سعاده رابطاً إياها ربطاً عميقاً ومتيناً بهذا الزمن العصريّ الذي نعيش فيه، مبرهناً مرة جديدة أن الأعمال الخالدة تنتصر على الزمن وتتجاوز البدع والعادات السائدة في المجتمعات.
فمنذ عهد اليونان القديم، استمرّ الفلاسفة الخالدون بأشعة نور حكمتهم تضيء مسارات الإنسانية مما يسمح ويساعد على الفهم الأوسع للمشكلات التي تتعلق بعلاقات المجتمعات فيما بينها.
لقد عاش أنطون سعاده فترة من حياته الرياديّة في مدينة سان باولو في البرازيل، وكانت أفكاره بارزة في صحيفة «سورية الجديدة» التي أسسها وأطلقها في البرازيل من عام 1939 الى عام 1941، حيث كانت تنشر أفكاره وتحليلاته عن شتات المهاجرين في مجتمعات أميركا اللاتينية الى جانب مقترحاته وآرائه حول الوحدة وتعزيز قوة المجتمع الأميركي اللاتيني لمواجهة التحدّيات والأعداء الذين يتربّصون بهذه البلاد بشكل دائم.
ولذلك، فإن كل أو أي نشاط وجهد يهدف الى نشر فكر العالم الاجتماعي والفيلسوف أنطون سعاده يجب دعمه وتثمينه، لأنّه يتعلّق بإنقاذ جوهر الشعوب والأمم من التلاشي، من أجل تأسيس وإطلاق العمليّة الصعبة والشاقة لبناء سيادة واستقلال الأمم والشعوب.
فالشعوب كما كانت في زمن أنطون سعاده تعيش مهدّدة من قبل امبريالية وطغيان حكومتي فرنسا وانكلترا، فإنها لا تزال مهددة في حياتها بهذه العملية المخزية المستمرة الهادفة الى مصادرة واستلاب مقوّمات حقوق حياتها معززة بامبريالية أميركا الشمالية (الولايات المتحدة الأميركية) ودولة «إسرائيل» المصطنعة التي هي في الواقع سرطان حقيقيّ في العالم.
فالهيمنة الاقتصادية وتدمير المجتمعات الحديثة لا يزال متصلين ومتواصلين في صناعة السينما في هوليود، ووكالات الأنباء العالمية، والصحف، وشبكات التلفزيون كلها أدوات رئيسية لخداع الرأي العام الدولي وإخضاعه لهيمنة الحكومات الإمبريالية.
وبدون هذا العمل الشائن الذي يروّج بواسطة وسائل الإعلام الغربية لم يكن ولن يكون من الممكن للحكومات الإمبريالية التسلطية أن تستمرّ في استغلال الشعوب والبلدان الأخرى والسيطرة عليها.
وفي هذا السياق، فإن كل المعلومات المضادة لتلك الوسائل الإعلامية هي صحيحة وضرورية، وتفكير وأفكار أنطون سعاده هما أعظم الأسلحة التي يمكن أن تستخدمها الشعوب لمواجهة عملية الهيمنة السياسية والفكرية السائدة، لأن تفكيره يعلّم الناس في كل مكان أن يفكروا هم أنفسهم ولا يخضعوا للتفكير السائد المهيمن.
إن عمل الخالد الذكر أنطون سعاده فكراً وعملاً خضع للرقابة إلى حد ما عبر التاريخ، لأنه نتيجة لفهم حقيقي للمشاكل والتحديات التي تؤثر على حياة المجتمع. إنه أداة لتحرير الشعوب والأمم، لأنها من خلال معرفتها تفهم المعنى الحقيقي للقومية الاجتماعية كفلسفة ووسيلة فعالة للنضال والمقاومة، وللغلبة والتقدم.