الحراكان الروسي والفرنسي على الخط الحكومي مستمران والحريري طلب تأجيل اجتماعه مع عون إلى اليوم
فيما كان من المقرّر أن يلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الرئيس المكلّف تأليف الحكومة سعد الحريري، أمس في فصر بعبدا، حيث كان من المتوقع تقديمه تشكيلة حكومية من 24 وزيراً، بالاستناد إلى مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، على أن يتخذ الحريري في ضوء موقف رئيس الجمهورية من هذه التشكيلة، قراراً حاسماً إمّا بالاستمرار في مهمته أو الاعتذار عن التكليف، تلقّى عون بعد ظهر أمس اتصالاً من الرئيس المكلّف طالباً تأجيل الاجتماع إلى اليوم.
وفي هذا السياق، أعلن نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي بعد لقائه الحريري في «بيت الوسط»، أن الرئيس المكلّف أصبح مدركاً في مسألة تشكيل الحكومة «لكل أهدافها وأبعادها ومراميها ومغازيها، والتي يحاول قدر الإمكان أن يتعاطى مع هذا الشأن بذاته، والعواطف بشأنها، وفقاً للمتيسّر بين يديه، وهو سيحاول ترجمة الأمور في الوقت القريب والقريب جداً».
في الأثناء تابع الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، لقاءاته مع المسؤولين للبحث في الملف الحكومي والتقى لهذه الغاية الحريري ورئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل. وفي موزاة ذلك، تابع الممثّل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في «الشرق الأوسط» وأفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف اتصالاته مع المعنيين بالملف الحكومي فأجرى اتصالاً هاتفياً أمس بباسيل، شدّدا فيه على الضرورة القصوى للإسراع في تشكيل حكومة قادرة على الإصلاح وعلى وقف الانهيار.
وأكد بوغدانوف موقف روسيا الثابت بعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول، وحرصها على الاستقرار في لبنان وأهمية تحسين الأوضاع الاقتصادية والمالية فيه.
من جهة أخرى، غرّد الرئيس عون عبر حسابه على «تويتر»، رداً على الحملة التي تستهدفه، قائلاً «من يريد انتقاد رئيس الجمهورية حول صلاحيته في تأليف الحكومة فليقرأ جيداً الفقرة الرابعة من المادة 53 من الدستور».
وفي المواقف من الموضوع الحكومي، أعرب «تكتل لبنان القوي» في بيان إثر اجتماعه برئاسة باسيل، عن تطلعه «بأمل كبير إلى الزيارة التي يعتزم رئيس الحكومة المكلّف القيام بها إلى قصر بعبدا»، آملاً «وبصدق في ألاّ تكون زيارة رفع عتب، بل أن تكون فرصة جدية ليناقش مع رئيس الجمهورية بصدق مسألة تشكيل حكومة وفق الآليات والمعايير الدستورية والميثاقية، بحيث تولد قبل عيد الأضحى حكومة قادرة على الإصلاح تكون بمثابة هدية إلى اللبنانيين، خصوصاً بعدما تم تذليل كل العقبات الداخلية من أمامها». وأكد التكتل في هذا الإطار دعمه الكامل لحكومة تُنجز الإصلاحات المطلوبة، فتحظى بثقة مجلس النواب واللبنانيين والمجتمع الدولي.
بدوره، أكد عضو التكتل المذكور النائب فريد البستاني عبر «تويتر»، أن «صلاحيات الرئيس واضحة في الفقرة الرابعة من المادة 53 من الدستور»، متمنّياً على الحريري أن يزور القصر الجمهوري وأن يجتمع مع الرئيس عون حتى تأليف الحكومة الإنقاذية. وختم «ما لم يتحقق في 9 أشهر يُمكن أن يتحقق في يوم واحد».
من جهته، رأى النائب قاسم هاشم، أنه في «ضوء الضغط الدولي والإقليمي لحضّ المسؤولين اللبنانيين على خطوات حكومية متقدّمة، أي زيارة للرئيس المكلّف إلى قصر بعبدا ستكون للبحث الجدي والنهائي لمسار التأليف على أمل أن يكون إيجابياً، لأن البلد غير قادر على تحمّل المزيد». واعتبر «أن عصا العقوبات الأوروبية قد تشكل جانباً من العوامل التي حرّكت الجمود الحكومي».
ورداً على سؤال عن إطلاع الرئيس برّي على التشكيلة الحكومية التي سيطرحها الحريري أجاب هاشم «الرئيس برّي يُدرك جيداً حدود التعاطي المؤسساتي والتواصل دائم، وهمّه محصور بتنازل كل الأطراف السياسية وبلوغ التشكيلة الحكومية».
إلى ذلك، حذّر عميد المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، في بيان، من «التمادي في التعرّض لمقام رئيس الجمهورية، ولا سيما أنه رمز وحدة البلاد والمؤتمن على دستوره والمسؤول الوحيد الذي يُتوّج عمله قسم والتزام مقدسان».
وشدّد على «وجوب الإسراع في تشكيل حكومة من الشرفاء المستقلّين، تضع في أولوياتها مكافحة الفساد، واسترداد الأموال المهرّبة والمنهوبة إلى الخارج على حدّ سواء، وإعادة بناء دولة تسترجع احترامها في الأسرة الدولية»، متسائلاً «ألم يكف المواطن إذلالاً وإهانةً وخضوعاً، بينما لا هم لبعض من في السلطة سوى استغلال مناصبهم لمضاعفة ثرواتهم، وهم يحاضرون في العفة، بينما الشعب لا يحصد إلاّ الفقر والعفن؟».