أولى

أفغانستان: تحدٍّ أم فرصة؟

مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان وإعلان الرئيس جو بايدن عن الفشل في تحقيق الأهداف رغم البقاء عشرين عاماً في أفغانستان، وحتمية الفشل ولو بقيت قواته فيها عشرين عاماً أخرى، انطلقت تحليلات كثيرة تتحدّث عن خطة أميركية لتعميم الفوضى وإرباك الدول المناوئة لواشنطن المنتشرة على حدود أفغانستان، وخصوصاً الثلاثي الروسي الصيني الإيراني، ووصل البعض الى تحويل الانسحاب من هزيمة الى نصر أميركي مقبل.

في موسكو وطهران وبكين لم يقع قرار الانسحاب الأميركي كمفاجأة، فهو الاحتمال المرجّح في السيناريوات المتوقعة للوجود الأميركيّ في أفغانستان، ولذلك شهدنا قبل أن يتمّ إنجاز الانسحاب وفداً من حركة طلبان في موسكو، ومواقف تتصل بمستقبل الحدود ومستقبل طاجسكتان، وشهدنا وفدين للحكومة وطلبان في طهران لمفاوضات تحت عنوان السعي للسلام بدلاً من الحرب، وشهدنا إعلاناً صينيا عن استثمارات ضخمة مقررة لأفغانستان ضمن خطة الحزام والطريق.

بالإضافة لموقف بكين وطهران وموسكو استنهض الثلاثي الروسي الصيني الإيراني جيران أفغانستان الآخرين، خصوصاً الهند وباكستان، رغم الخصومة بين البلدين لإقامة شراكة دول الجوار لرعاية الأمن والعمران في افغانستان، بالسعي لصيغة حكم قابلة للاستقرار، تقوم على فدرالية تجمع ولايات أفغانستان تضمن حكماً ذاتياً موسعاً للولايات، مقابل حكومة موحّدة في كابول تحظى بمساعدات مالية ضخمة للنهوض بالبلد المدمّر والخالي من أية مؤسسات جدية للتعليم والطبابة ومشاريع الإسكان والطرق ومرافق الخدمات.

يتعامل الثلاثي الصين الروسي الإيراني مع أفغانستان كفرصة للإثبات أن حلّ معضلات دول آسيا يأتي من آسيا نفسها، وأن تعاون دول الجوار من جهة والإقرار بخصوصيّة وسيادة كل بلد وأخذها بالاعتبار من جهة أخرى، عاملان قادران على حماية الاستقرار وتحقيق التقدّم في دول آسيا، وصولاً للقول إن الفشل في أفغانستان ممنوع لأنها دولة جوار لعمالقة آسيا، والفشل فيها يعني طعناً في اطروحة القدرة على النهوض الذاتي بعيداً عن التدخلات الخارجية في أي بلد آخر.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى