في وقت تشتعل فيه المعارك في أنحاء أفغانستان بين «طالبان» والجيش الأفغانيّ، تحاول تركيا – وبضوء أخضر أميركي – أن تتولى مسؤوليّة مطار كابول بعد انسحاب قوات الناتو والقوات الأميركية من البلاد، إلا أن قرار أنقرة لم يحظ بموافقة حركة «طالبان»، التي بدورها سيطرت على مساحات شاسعة من الحدود في جميع أنحاء البلاد.
الحركة، وعلى لسان ممثلها في قطر، محمد نعيم، استنكرت إعلان تركيا إبقاء قواتها العسكرية لحماية مطار كابول، حيث أكد نعيم أن «بقاء القوات الأجنبيّة تحت أي عنوان مرفوض من قبل شعبنا، وأي وجود عسكري غير وطنيّ هو احتلال وامتداد للاحتلال ويُعامل الوجود العسكري الأمني الأجنبي كمحتل».
تحذيرات نعيم جاءت تأكيداً لتهديدات سابقة أطلقتها الحركة بأنها ستعامل أي وجود أجنبي في البلاد على أنه «عدو ومحتلّ»، تزامناً مع مباشرة الولايات المتحدة بسحب قواتها من البلد الآسيوي، استناداً لقرار الرئيس الأميركي جو بايدن الذي حدّد بموجبه تاريخ 11 أيلول/ سبتمبر المقبل موعداً لإنهاء هذا الاحتلال.
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اعتبر أن «استتباب الأمن» في أفغانستان بعد الانسحاب الأجنبي منها، هو مسؤولية أنقرة، وقال أول أمس إنه «يمكن لتركيا أن تتحمل مزيداً من المسؤولية في أفغانستان بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب منها».
وفي هذا السياق، توصّلت المخابرات التركية وقادة المسلحين الموالين لأنقرة إلى اتفاق في ملف إرسال مسلحين من الفصائل إلى كابول تحديداً، بحسب ما أعلن «المرصد السوري المعارض»، الذي أضاف أن «مهمة هؤلاء المسلحين قد تبدأ في أيلول/سبتمبر المقبل بإشراف كامل من المخابرات التركية بعقود رسمية، فيما ستتركز المهمة في حماية مطار كابول والمقار الحكوميّة وحماية القوات الدوليّة وفق رواتب مغرية»، بحسب المرصد.
وفي حال مضت تركيا قدماً في إرسال المرتزقة إلى أفغانستان، تكون هذه المرة الثالثة خلال أقلّ من عامين التي تقوم فيها أنقرة بإرسال مسلحين، خاصة من مجنّدي الفصائل الموالية لها المنتشرة شمال سورية، للمشاركة في معارك خارج حدودها، فقد سبق وأن أرسلت مسلحين مدعومين من قِبَلها إلى أذربيجان للقتال إلى جانب هذا البلد في وجه أرمينيا خلال المعارك في ناغورونو كاراباخ العام الماضي.
تركيا، وقبل زجّها المسلحين السوريين الموالين لها في معركة ناغورنو كاراباخ، زجّت بهم قبل ذلك ببضعة أشهر في الحرب الليبية، حيث أرسلت أنقرة مسلحين إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة «الوفاق» الليبية ضد القوات التي كان يقودها المشير خليفة حفتر، وكشف المرصد في أيار/ مايو العام الماضي، أن تعداد المجندين الذين وصلوا إلى الأراضي الليبية بلغ نحو 7850، رغم تقارير أشارت إلى عدم رغبة عدد من هؤلاء القتال في ليبيا، إلا أن تركيا أوقفت تمويل بعض الفصائل التي رفضت إرسال عناصر إلى ليبيا.
وفي تدخّلها في سورية أو ليبيا أو أذربيجان، كانت أنقرة تبرر هذا التدخل أمام شعبها والمعارضة الداخلية، بأنه «حرصاً على الأمن القومي»، وهذا ما لا ينطبق على النموذج في أفغانستان، خاصة في حال كان هذا التدخل مكلفاً عسكرياً أو بشرياً، مع تأكيد «طالبان» أنها ستتعامل مع الاحتلال التركي كـ»احتلال أجنبي».