في شرود..
أنا اغترابُ الثلجِ في ضلوعِ المدنِ، وشرودُ العشبِ على كتفِ الحقولِ المنسيّة..
وأنا النّافذةُ التي تتقن الشّرود، حرفًا تلو الحرف، وتكتبُ توقيتَ المطر وفقَ مواعيدِ الغرباء..
وأنا العتمُ المثقلُ بأرقِ مَن كفافهم مِن الحبِّ قطرةً لم يذرفها الغيمُ سهوًا..
أنا الحزنُ الخدّيجُ الطريّ، ودمعُ الرّجاء بين غدٍ تغيّب عن موعده وأمس لم يأتِ بعد..
وأنا الفرحُ الجنينُ الذي يعاند كلَّ الانتظارات وينتظر احتواءً ليُولد، فتجهضه الذاكرة..
أنا ابنةُ الأرحامِ المثخنةِ برهابِ العقمِ والأمومات المجرّحات بالخوف وبالقلق..
أنا البردُ يتوسّدُ كتفكَ ليصير شالًا بلونِ دعاء الجدّات، وكفوفِ الجدّات وذاكرتهنّ..
أنا الجدلُ الأزليّ بين نصلٍ عاقل جدًا وحكيمٍ، وجرحٍ أعياه الجنون..
أنا غيمٌ يطوفُ في حِمى رجلٍ يلقنّني اليتمَ غيابًا تلو غياب، ويمنحني بين يتمين لفتةً أحسبُها بلادًا وأهلًا وهوية..