فضل الله: لتأصيل ثقافة الدين وإسقاط المحميات عن الفاسدين ومواجهة مراكز النفوذ المبنية على الظلم والفساد والتسلط
أكد رئيس «لقاء الفكر العاملي» السيد علي عبد اللطيف فضل الله على «ضرورة إسقاط المحميات الدينية عن الفاسدين لأنّ المؤسسات الدينية يجب أن تجسّد المنظومة الثقافية والأخلاقية التي تواجه كلّ مراكز النفوذ المبنية على الظلم والفساد، وكلّ حالات السلطة التي تسوغ إسقاط مصالح الإنسان لاعتبارات السياسة»، معتبراً «أنّ قمة الفساد هي عجز الطبقة السياسية عن تشكيل حكومة في الوقت الذي تشتدّ فيه معاناة المواطنين الذين ضاقت عليهم سبل الحياة الكريمة».
كلام فضل الله جاء في لقاء شعبي أقيم في مسجد بلدة عيناثا وحضرته فاعليات اجتماعية وأهلية ودينية، بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله والعلامة السيد علي فضل الله والمربّي السيد نجيب فضل الله.
وقال السيد فضل الله: «عندما نلتقي في ذكرى المرجع والعلامة والمربي فإننا نستعيد الذاكرة العاملية المتوهّجة والقيمة الإيمانية الأصيلة بكلّ أبعادها الجهادية والأخلاقية والإنسانية، ونحن لا نستعيد ذكرى الأشخاص لأنّ الأشخاص يموتون، لكننا نستحضر القيمة التي تتوهّج وتبقى ولا تموت، والتي أكدها المرجع السيد فضل الله وهو الفقيه الذي استطاع أن يُنتج الخطاب الإنساني وأن يواجه كلّ موجات الجهل وجحافل التعصّب والغلوّ، وبذلك حفر في الواقع تلك الصورة البهية عبر خطابه الديني المنفتح والمعني ليس بقضايا المسلمين فحسب بل بقضايا العدالة وصيانة الإنسان في كرامته وحقوقه وحريته، لذلك ندعو لاستلهام هذا النهج الإصلاحي الحضاري الذي أرساه المرجع السيد فضل الله في تأكيد العيش المشترك وترسيخ حالة الحوار واحترام الآخر بعيداً عن كلّ التموضعات الفئوية والعصبيات الطائفية والمذهبية والصراعات والفتن الداخلية التي حوّلت لبنان الى ساحة مستباحة لحروب الآخرين على أرضه».
وشدّد على «أولوية إعادة تأصيل ثقافة الدين التي تعنى بحماية الإنسان كقيمة لا كسلعة، وكدور لا كأداة، وكمتفكّر يميّزه الوعي لا كمتملق تحكمه ثقافة الاستهلاك والتسليع».
ودعا إلى «تأكيد نهج المرجع السيد فضل الله في تقديم الاعتبارات الإنسانية على كلّ التوازنات السياسية والمصالح الشخصية»، مشدّداً على «أنّ المؤسسات الدينية التي لا تواجه الفاسدين هي مؤسسات مغلقة لا تمثل الدين»، معتبراً «أن لا شرعية لمنظومة مالية وسياسة مارست سياسات الخداع والكذب، واستباحت إنساننا وهجّرت شبابنا وجوّعت شعبنا حتى تحوّلنا الى شعب يبحث عن الأعطيات ودولة متسوّلة على أبواب المؤسسات الدولية التي تعمل على مصادرة قرارنا والمسّ بسيادتنا».
وسأل السيد فضل الله المسؤولين: «ماذا تقولون للجائعين والمرضى على أبواب المستشفيات والصيدليات، وللناس في الطوابير أمام محطات المحروقات، ولكلّ الذين يرزحون تحت وطأة أزمات الكهرباء والمياه وتدهور قيمة مداخيلهم وتحكّم المهرّبين والمافيات؟»
وحمّل «الحكم وكلّ مكوّنات السلطة مسؤولية الانهيار بسبب نهج تقاسم الحصص وعقد الصفقات والعمل بتوازنات المصالح والقبول بالهندسات المالية لحاكم المصرف المركزي التي أوصلتنا الى حالة إثراء مراكز النفوذ والسلطة على حساب إفقار الناس».
وأكد «أننا أصبحنا في واقع نشعر أننا نُقتل من الفساد أكثر مما قُتلنا من الاحتلال»، داعياً إلى «تشكيل مقاومة مدنية من كلّ الشرفاء والوطنين بهدف تحرير الإنسان ومواجهة سلطة الفاسدين والمستثمرين والمرتهنين لسياسات خارجية مشبوهة».