أولى

المراحل الانتقاليّة تحدّد الأولويّات… ولبنان؟

– الأكيد أن العالم في مرحلة انتقالية لترسيم نظام جديد للعلاقات الدوليّة، فهذا مضمون كلام الرئيس الأميركي بقوله إن أميركا عادت لكن بالدبلوماسية، معلناً نهاية مرحلة عنوانها تراجع أميركا العسكري، وكلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقوله إن زمن تهميش روسيا انتهى، وكلام الرئيس الصيني وقوله إن زمن التنمر على الصين ولّى، وموقف إيران الثابت من ملفها النووي وتقدّمها على طريق الفوز به، وموقف قوى المقاومة من ردّ الاعتبار لحضور القضية الفلسطينية وما قالته معركة سيف القدس وتداعياتها.

– كل فريق على الساحة الدولية والإقليمية أثبت قدرته على تعطيل الفريق المقابل، فواشنطن التي يعترف الجميع بالعجز عن تجاوزها ويسلّمون بمكانتها الدولية المقرّرة، تعترف بالشراكة الروسية على الأقل في ملفات السلاح الاستراتيجي والأمن السيبراني والملف النووي الإيراني وسوق النفط والغاز وملفات ساخنة مثل أفغانستان وسورية وأوكرانيا، وتعترف بالشراكة الصينية في أمن شرق آسيا وفي التجارة العالمية وتعترف بحجم الصعود الصيني وتقدمه السريع والحاجة للتفاهم على قواعد جديدة معه، وتعترف بالدور الإيراني في المنطقة، وكما يعترف الذين يواجهون واشنطن بالعجز عن إلحاق هزيمة كاملة بها رغم تحقيقهم تقدماً كبيراً على حسابها في ملفات الخلاف، فواشنطن تعترف بأنها فشلت تجاوز خصومها بقوتها العسكرية، وهذا أهم ما قاله الانسحاب الأميركي من أفغانستان.

– المعارك الجانبية الدائرة دبلوماسياً وعسكرياً واقتصادياً ليست معارك حسم ولا معارك تسجيل مواقف، بل هي معارك فرض الأولويات، والتصعيد في فلسطين كما الانسحاب من أفغانستان، لم يصنعا حلولاً لكنهما فرضا أولويات على الروزنامة الدولية، وبعد تثبيت مكانة الملف النووي الإيراني يقع التصعيد في العراق وسورية ضد الاحتلال الأميركي في دائرة تثبيت الانسحاب الأميركي منهما على جدول الأولويات.

– المرحلة المقبلة التي تلي تثبيت الأولويات هي مرحلة تثبيت أوراق القوة فيها لرسم التفاهمات حيث يمكن ورسم قواعد الاشتباك حيث لا تتوافر شروط التفاهمات، والواضح حتى الآن أن لبنان في دائرة الانتظار عن الأولويات، وسقف المطروح هو إدارة الأزمة على قاعدة لا حلول ولا انفجار، وتشكيل غرف عمليات دبلوماسية وأمنية ومالية لضبط الإيقاع على الحافة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى