الحريري: 9 شهور لشدّ العصب الطائفيّ وليس لتشكيل حكومة… واعتذار يُكمِل المشوار/ العهد والتيار: تحقّق الهدف… فما هو سيناريو الإنقاذ وكيف ستتشكل حكومة جديدة؟/ لبنان.. بين فرضيّات الاهتمام الدوليّ والإقليميّ ومخاطر شوارع الطوائف المستنفرة!/
كتب المحرّر السياسيّ
لم يعد مهماً التدقيق الا من باب الفضول بأسماء التشكيلة الحكوميّة التي قدمها الرئيس السابق سعد الحريري لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون (تفاصيل التشكيلة في متن النص)، ولا بمضمون تحفظات رئيس الجمهورية عليها، فالفريقان تعاملا منذ اليوم الأول على التكليف، على قاعدة أنهما يسعيان لهدف واحد، وهو اعتذار الحريري، فالحريري الذي اكتشف مع إعلان رغبته بالعودة لرئاسة الحكومة عبر مواقف حلفائه المفترضين والمشتركين مع السعودية الراعي الإقليمي المفترض لرئاسته، أن الفيتو السعودي مستمرّ على توليه رئاسة الحكومة مجدداً، لكنه كان يحتاج إلى التوقيت المناسب والمخرج المناسب للاعتذار، توقيت ومخرج يضمن معهما أنه أحسن توظيف ترشيحه واعتذاره في معركة الانتخابات النيابية المقبلة يقطع الطريق على أي عبث بشارعه التقليدي من السعودية وغير السعودية من أشقاء وغير أشقاء، وهذا له شروط، أولها رفع منسوب التوتر الطائفيّ تحت عنوان صلاحيات رئيس الحكومة، وإعادة توحيد مرجعيات الطائفة الدينية والسياسية وراءه، وتحميل العهد والفريق الرئاسيّ مسؤولية التعطيل، وشد العصب الطائفي في الشارع الذي أصابته أمواج وتداعيات الأزمة الاقتصادية ودفعت ببعض شرائحه إلى الشارع تحت عناوين أوحت بها انتفاضة تشرين عام 2019، واستهلاك الوقت الذي يتيح ولادة حكومة جديدة برئاسة سواه تحمل عنوان الإنقاذ الاقتصادي، قبل أن يصير المتاح الممكن فقط هو حكومة تشرف على الانتخابات، أو البقاء بلا حكومة، تحت شعار تولي حكومة تصريف الأعمال مهمة الإشراف على الانتخابات، وقد دأب الحريري منذ استقالته وصولاً لترشيح نفسه وانتهاء بالاعتذار على إدارة الوقت بهذه الطريقة، فهكذا أطاح بفرضيات ترشيح سمير الخطيب ومحمد الصفدي وبهيج طبارة ولاحقاً مصطفى أديب، ومستقبلاً بمن يرد اسمه مرشحاً لرئاسة الحكومة، مبشراً سلفاً بعدم المشاركة بالاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، وعدم المشاركة بأي بحث بتسمية جديدة، أي فرض الحرم الطائفيّ على كل مَن يرشّح نفسه أو يتم التداول به كمرشح بديل، فاعتذار الحريري الذي أكد أن ليس هناك مبادرة مصريّة ونفى تمنياً مصرياً بعدم الاعتذار، كشف ان ما نقلته قناة العربية التي يملكها ولي العهد السعودي قامت بحملة إعلاميّة للتشويش على الاعتذار، الذي جاء بنصف أسبابه محكوماً بمحاولة الحريري عدم التصادم مع السعودية وولي عهدها.
من طرف الفريق الرئاسي في بعبدا والتيار الوطني الحر لم يكن خافياً أن الرغبة بعدم تولي الحريري رئاسة الحكومة كانت العامل الحاكم لتعامل العهد والتيار مع الملف الحكومي، وأن كل مقاربات الفريقين للتشكيلات الحكومية والمفاوضات حولها كان يتم تحت عنوان تسريع الاعتذار الذي تم أمس، وقد خاض الفريقان خلال شهور تكليف الحريري معركتهما داخلياً وخارجياً تحت عنوان السعي لهذا الاعتذار، ووضعا الصلاحيات الرئاسية وخلفيتها في التوازنات الطائفية عنواناً للاشتباك، أملاً باستعادة ما نزف في الشارع بعد انتفاضة تشرين 2019، ومحاصرة الخصوم في الطائفة، ومخاطبة الخارج الغربي بلغة الوجود المسيحي، وقطع الطريق على المرجعيات الدينية في الطائفة للعب أي دور وسطي، وبنسبة غالبة نجح الفريقان في تحقيق الكثير خلال الشهور التسعة بمثل ما نجح الحريري، لكن مهمتهما اليوم تبدو أشدّ تعقيداً من مهمة الحريري الذي سيكون سهلاً عليه المضي بخطاب تصعيدي واستنهاض شارعه الطائفي ومحاصرة المرشحين لرئاسة الحكومة بدلاً منه، وصولاً للانتخابات النيابية، فيما سيكون على العهد والتيار إثبات مقولة أن إزاحة الحريري تفتح طريق الحلول، فالفيتو السعودي على الحريري ثبتت صحته، لكن هل يترجم بتزكية سعودية لسواه، أم أنه كما قال الحريري فيتو على لبنان وعلى العهد قبل الآخرين، وهل الخيار الأوروبي والغربي المالي للتعاون مع لبنان هو خيار إنقاذي منفتح على حكومة جديدة يرضاها العهد أم أن حدوده هي مجرد منع الانهيار بإجراءات إنعاش اجتماعيّ لا تحتاج حكومة جديدة، ولا شراكة في حمايتها ورعايتها، وبالتالي هل لدى العهد والتيار بعد تحقيق الهدف بإخراج الحريري خريطة طريق للإنقاذ، تبدأ بالجواب عن سؤال حول تسمية رئيس جديد للحكومة وتشكيل حكومة قادرة على الوقوف على قدميها وتحقيق ما لم تحقّقه حكومة الرئيس حسان دياب أو ما لم يُسمح لها تحقيقه؟
لبنان مع دولار يقفز فوق الـ 20 الف ليرة، وشوارع طائفية مستنفرة، وغياب الملاءة اللازمة لتوفير الاحتياجات الأساسية من محروقات ودواء، وفوضى تنتظر الشارع، ومناخ اقليمي دولي لم يدخل مراحل التفاهمات، أمامه طريق واحد راهن هو السير بحكومة تتجرأ على اتخاذ خطوات بحجم الانفتاح الجدّي على خيارات العروض الروسيّة والصينيّة والاستيراد المباشر للنفط من إيران بالليرة اللبنانيّة، ومخاطرة رئيسها وأعضائها بالتعرض للعقوبات الأميركية، فهل يوجد مَن هم مستعدون لهذه التضحية، وهل العهد والتيار جاهزان لها أصلاً؟
وبعد حوالي 9 شهور على تكليفه قدّم الرئيس سعد الحريري اعتذاره، وذلك بعد زيارة لبعبدا التقى خلالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وسلمه كتاب الاعتذار، مشرعاً بذلك البلاد على كافة الاحتمالات والسيناريوات الخطيرة التي بدأ أكثر من مسؤول غربي وعربي الحديث عنها والتحذير منها وبدأت تتظهر بتحركات شعبية وأحداث أمنية عنفية في الشارع.
وقال الحريري بعد اللقاء: “التقيت الرئيس عون وأجرينا مشاوراتنا في الموضوع الحكومي. ومن ضمن الكلام، كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، اعتبرها أنا جوهريّة في التشكيلة. كما تناقشنا بالأمور التي تتعلّق بالثقة أو بتسمية الوزراء المسيحيين الآخرين وغير ذلك. الواضح أن الموقف لم يتغيّر في هذا الموضوع، والواضح أننا لن نتمكّن من الاتفاق مع فخامة الرئيس. وخلال الحديث مع فخامته، طرحت عليه أنه إذا كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يفكّر بالتشكيلة، فقال لي إننا لن نتمكن من التوافق. ولذلك، قدمت اعتذاري عن تشكيل الحكومة، و”الله يعين البلد”.
وتداولت وسائل الإعلام بالتشكيلة التي قدمها الحريري إلى عون:
رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري من المذهب السني،
وزارة الداخلية والبلديات وليد عبود من المذهب السني،
وزارة الصحة فراس الأبيض من المذهب السني،
وزارة العدل لبنى مسقاوي من المذهب السني،
وزارة البيئة ناصر ياسين من المذهب السني.
5 حقائب للمذهب الشيعي: وزارة المال يوسف خليل، إبراهيم شحرور لوزارة الأشغال العامة والنقل، وزارة العمل لمايا كنعان، وزارة التنمية الإدارية عبدالله نصرالدين، وزارة الثقافة جهاد مرتضى، ومقعدان درزيان تقسما على عباس حلبي في وزارة التربية والتعليم وفؤاد حسن في وزارة المهجّرين.
وحصلت الطائفة المسيحية على 12 مقعداً، 5 منهم للمذهب الماروني، تقسموا على فاديا كيوان في الخارجية، فراس أبي نصيف في الاتصالات، لارا حنا في الزراعة، وسليم هاني في الشؤون الاجتماعية، ووليد نصّار في السياحة.
أما حقائب الروم فسمّى الحريري جو صدي في نيابة رئاسة الحكومة، أنطوان شديد في الدفاع، سعادة الشامي في الاقتصاد، وطرح الحريري لحقائب الكاثوليك كارول عياط لوزارة الطاقة، فادي سماحة للصناعة، ومقعداً واحداً للأرمن وهو لحقيبة الشباب والرياضة باسم كارابيت سليخانيان، وجو ميلا لوزارة الإعلام عن الأقليات.
في المقابل أصدر مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية بياناً أكد فيه أن “الرئيس عون عرض على الرئيس المكلف سعد الحريري، خلال لقاء اليوم (أمس)، ملاحظاته على التشكيلة المقترحة طالباً البحث في إجراء بعض التعديلات للعودة إلى الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال الفترة الماضية من خلال مسعى الرئيس نبيه بري”. وأضاف: “الرئيس المكلف لم يكن مستعداً للبحث في أي تعديل من أي نوع كان مقترحاً على الرئيس عون أن يأخذ يوماً إضافياً واحداً للقبول بالتشكيلة المقترحة. وعليه سأله الرئيس عون ما الفائدة من يوم إضافي إذا كان باب البحث مقفلاً. وعند هذا الحد انتهى اللقاء وغادر الرئيس الحريري معلناً اعتذاره”.
وتابع: “الرئيس عون شدد على ضرورة الالتزام بالاتفاق الذي تمّ التوصل إليه سابقاً إلا أن الحريري رفض أي تعديل يتعلق بأي تبديل بالوزارات وبالتوزيع الطائفي لها وبالأسماء المرتبطة بها أو الاخذ بأي رأي للكتل النيابية لكي تحصل الحكومة على الثقة من المجلس النيابي وأصرّ على اختياره هو لأسماء الوزراء”. وأردف: “رفض الرئيس المكلف لمبدأ الاتفاق مع رئيس الجمهورية ولفكرة التشاور معه لإجراء أي تغيير في الأسماء والحقائب يدلّ على أنه اتخذ قراراً مسبقاً بالاعتذار ساعياً إلى إيجاد أسباب لتبرير خطوته، وذلك على رغم الاستعداد الذي أبداه رئيس الجمهورية لتسهيل مهمة التأليف”. وختم البيان: “بعد اعتذار الرئيس المكلف، سيحدّد رئيس الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت ممكن”.
وأشارت مصادر مطلعة لـ”البناء” إلى أن “الحريري وقبيل زيارته إلى مصر وضع جدول أعمال الاعتذار وبدأ بتنفيذه بداية من زيارته الأولى إلى بعبدا حيث قدم تشكيلة مفخخة لعون لا تراعي أبسط المعايير والأصول ولا تأخذ بعين الاعتبار تمثيل الكتل النيابية التي ستمنح الحكومة الثقة ولا راعى الحريري أصول التخاطب والتعاطي مع رئيس الدولة وحقه في المشاركة في تأليف الحكومة، والدليل على تقيد الحريري بمسار الاعتذار وتوقيته والإخراج مهما كان رد عون على تشكيلته، هو أنه ضرب موعداً لمقابلة تلفزيونيّة مساء أمس ليقدم التبريرات والذرائع التي استدعت الاعتذار لاستمالة شارعه وتوجيه الرسائل إلى الخارج الأميركي والأوروبي والسعودي وإثارة العصبية داخل طائفته وشارعه”.
وفيما عكست أجواء عين التينة لـ”البناء” عدم ارتياح الى ما آلت اليه الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد حذرت الجميع من العبث في الأمن الداخلي والاستقرار والسلم الاهلي الذي يبقى أولوية لا سيما في ظل تردي الظروف الاقتصادية والاجتماعية بانتظار تأليف الحكومة الجديدة.
وأكد الرئيس بري، بحسب ما نقل زواره عنه لـ”البناء” أننا دخلنا في أزمة نظام لا أزمة حكومة، والحل بالتخلّص من النظام الطائفي والطائفية والانتقال نحو الدولة المدنية، مؤكداً أنه طالما أن الطائفيّة تتحكم بالحياة السياسية في لبنان فالأزمات مستمرة.
وقالت مصادر في فريق المقاومة لـ”البناء”إن حزب الله بـ “حالة ترقب وينتظر جولة جديدة من المشاورات بين الكتل السياسية الأساسية للتوافق على معالم المرحلة المقبلة لا سيما على اسم رئيس للحكومة قبيل الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا. متخوّفة من أزمة تكليف تلوح في الافق بسبب تمنع الحريري عن تزكية اسم بديلاً له ورفض اي شخصية سنية أخرى الترشح مخافة غضب بيت الوسط ودار الفتوى على غرار ما حصل مع الرئيس حسان دياب والسفير مصطفى أديب. متوقعة أن يطول الفراغ الحكومي وبالتالي اللجوء الى خيار تفعيل حكومة تصريف الأعمال أكثر للحد من الازمات قدر الإمكان”.
في المقابل ترى مصادر أخرى في اعتذار الحريري فأل خير وتفاؤل حيث يفتح الباب أمام تغير في الموقف الدولي والسعودي تحديدأً تجاه لبنان ويدفع الى حل سريع للأزمة اللبنانية. وأكد رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب، أن “المبادرة الفرنسية ستستمر بدون اسم الحريري والوضع لن يذهب الآن إلى الفوضى رغم بعض الاحتجاجات”. ولفت إلى أنه لا يستبعد “موقفاً سعودياً من لبنان قد يفاجئ الجميع”.
وبرزت مواقف رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط حملت انتقادات عنيفة للحريري، حيث أكد أنه “منذ سنة ونصف وأنا أنصح رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بأن يكلّف أحداً آخر، لأنني أعلم مسبقا أن رئيس الجمهورية ميشال عون لا يريده، ولا يجوز أن يكون مصير البلد مرتبط بشخص هنا أو هناك، ولكن لم يسمع النصيحة، أو برأيي لم يعد هناك من نصيحة تنفع”. واعتبر جنبلاط في حديث تلفزيوني أن “عون والحريري أجهضا المبادرة الفرنسية”. وتابع، “منذ سنة يقول لنا الحريري “أنا أو لا أحد غيري” ونحن رضخنا، ثم أتى موضوع السفير مصطفى أديب ورضخنا، وفي وقائع الوضع على الارض لا يتحمّل “مزاجيّة” أحد”. موضحاً أن “المبادرة الفرنسية وغيرها تقبل بـ “حزب الله” أساساً، وإذا أردنا ان نعود لأصول الموضوع، فإن إضعاف “حزب الله” من خلال تدمير لبنان اقتصادياً “غلط”.
وقال: “نحن نحب الحريري ولكن ما علاقتنا بخلافه مع السعودية! لا يمكن أن تشخصن نفسك والأزمة أنت أو غيرك”.
وردّ الحريري على جنبلاط في حوار مطول مساء أمس، على قناة الجديد بالقول: “إذا مفكرني إني جزء من الإجهاض أشكره على تصريحه ونحن ضد الفراغ ونقطة على السطر”.
وأضاف: “سألت عون بالنسبة الى إعطاء الحكومة الثقة فكان الجواب ان كتلة نواب “لبنان القوي” لن تعطي ثقة كاملة بل ربع ثقة”، موضحاً أن “أساس الاعتذار إذا لم أستطع أن أشكل الحكومة، البلد بحاجة إلى حكومة، رئيس الجمهورية حامل السلم بالعرض مع تشكيل حكومة مع سعد الحريري”. واضاف: “اعتذاري عن التشكيل هو لأني رأيت أن رئيس الجمهورية لا يريد أن يشكل وعندما يقرّر رئيس الجمهورية متى الاستشارات أتحدّث مع حلفائي ونقرر ماذا سنفعل”. وأردف: “أشكر الرئيس بري على كل مواقفه خلال هذه المرحلة وكان يريد حقاً تشكيل الحكومة”. ورداً على سؤال “لماذا لا تزور السعودية”، قال الحريري: “أيمتى ما بدي بروح على السعودية بس أنا ما عم روح والسبب بالبداية هو الكورونا”. ولفت الى أنني “ذهبت إلى مصر للبحث في موضوع تأمين الغاز المصري للبنان عبر سورية”.
وعلى وقع الاعتذار وقبيل وصول الرئيس المعتذر إلى منزله في بيت الوسط، اشتعل الشارع في عدة مناطق شمالاً وبقاعاً وجنوباً وفي العاصمة بيروت وبعض مناطق الجبل، فيما سجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء قفزة نوعيّة بلغت 2000 ليرة للمرة الأولى منذ أزمة تشرين 2019، حيث تراوح ما بين 21900 و22000 ليرة للدولار الواحد، في ظاهرة اقتصادية لم يشهدها لبنان. وسط توقعات من الخبراء الاقتصاديين بأن يرتفع أكثر خلال الأيام المقبلة في ظل الغموض في المشهد السياسي وغياب تسمية الحريري لأي مرجعية أو اسم للتكليف والتأليف ما يفتح الباب على مخاطر أمنية.
وحذّرت مصادر مطلعة على الوضع الأمني لـ”البناء” من تداعيات أمنية خطيرة على الأرض بعد قرار الحريري الذي سيؤدي إلى انفجار كبير بدأت مظاهره على الأرض عبر قطع الطرقات في العديد من المناطق. ولفتت المصادر إلى أن “الاعتذار هو قرار سياسي بتفجير البلد اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً في إطار استكمال حلقات خطة وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو التي وضعها خلال زيارته إلى لبنان في ربيع العام 2019 أي قبل اندلاع أحداث 17 تشرين الأول بأشهر قليلة”. وشددت المصادر على أن “البلد مفتوح على كافة الاحتمالات من انهيارات اقتصادية ومالية وفوضى اجتماعية وأحداث أمنية عنفية خطيرة في الشوارع ستؤدي إلى إشكالات طائفية ومذهبية في عدد من المناطق”.
وكشفت المصادر أن “الأجهزة الأمنيّة وأجهزة بعض الأحزاب السياسية الفاعلة، رصدت تحضيرات على الأرض منذ أيام تقوم بها جهات عدة لافتعال أحداث أمنية بعد اعتذار الحريري مباشرة لا سيما قطع طريق صيدا – بيروت الساحلي وطرق عدة في البقاع والجنوب على أن يجري تفجير مدينة طرابلس أمنياً في الفترة المقبلة”. لكن الأخطر بحسب المصادر هو استكمال تنفيذ الحلقات المقبلة من خطة بومبيو. أي الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والأمني الكامل وتأليب بيئة المقاومة عليها تمهيداً لاستدراج الوصاية الدولية تحت دواعٍ إنسانيّة ثم استدراج عدوان إسرائيلي على لبنان لأسباب أمنية – سياسية للانقضاض على لبنان في لحظة إنهاك المقاومة وتضعضع الدولة اللبنانية.
لكن المصادر حذّرت من أن حزب الله والقوى الحليفة بصدد مراقبة تطور الأحداث بدقة وعناية شديدين وفي حال شعرت بأنها “محشورة” واقترب لبنان من لحظة السقوط النهائي ودخل دوامة العنف القاتل والجوع والفوضى الاجتماعية والفتن الأهلية، فلن يقف مكتوف الأيدي بل سيقوم بردات فعل سريعة وخاطفة ومتتالية على عدة محاور سياسية وأمنية واقتصادية ومن ضمنها اللجوء إلى خيار الشرق اقتصادياً ما سيؤدي إلى تغييرات كبرى في موازين القوى الداخليّة.
وربطت المصادر في التوقيت بين قرار قاضي التحقيق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار وما شهده منزل وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال العميد محمد فهمي من احتجاجات وفوضى أمنية، وبين اعتذار الحريري والأحداث الأمنيّة التي تلت الاعتذار. منذرة بوجود مؤامرة أمنية – اقتصادية – سياسية كبيرة يجري تنفيذها منذ الآن وخلال الأشهر المقبلة. ورجّحت أن تبقى ردات الفعل محدودة نوعاً ما في الأيام التي تسبق عيد الأضحى وبعد العيد ستأخذ الأمور منحًى آخر أكثر خطورة وعنفاً ويبدأ العد العكسيّ للانفجار الكبير.
وفي هذا الإطار شبّه مرجع رسمي مطلع على الواقع الأمني المشهد بمرحلة 7 أيار 2008 وما تلتها من أحداث أمنيّة.
وتوالت المواقف الدوليّة حيال الأوضاع في لبنان بعد اعتذار الحريري، وأكّد وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لودريان، أن “لبنان يشهد حالة تدمير ذاتي، والطبقة السياسيّة اللبنانيّة تتحمّل مسؤولية ذلك”.
من جهته، حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، من نيويورك، حيث يشارك في جلسة مجلس الأمن عن ليبيا، أن “تبعات اعتذار الحريري قد تكون خطيرة على مستقبل الوضع في لبنان”.
وقبيل زيارة الحريري الى بعبدا، استقبل رئيس الجمهورية السفيرتين الفرنسية آن غريو والأميركية ودوروثي شيا، حيث اطلع منهما على نتائج اللقاءات التي عقدت في الرياض مع المسؤولين السعوديين على اثر إجتماع وزراء خارجية اميركا وفرنسا والسعودية في إيطاليا. وسلمت السفيرتان الرئيس عون رسالة خطيّة مشتركة من وزيري الخارجية الاميركية والفرنسية انطوني بلينكن وجان ايف لودريان، أكدا فيها “اهتمام بلديهما بالوضع اللبناني وضرورة الإسراع في تشكيل حكومة جديدة تواجه الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان”.
وأكدت وزارة الخارجية الاميركية ان “على قادة لبنان تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات للخروج من الأزمة”. وكشفت أن الوزير انتوني بلينكن سيبحث مع نظيره الفرنسي الجهود المبذولة لمعالجة الوضع في لبنان.
على صعيد آخر، وفيما تراجعت أزمة المحروقات واختفت طوابير السيارات أمام المحطات، أعلن مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم انه “تم إنجاز اتفاقية المليون طن الخاصة بالفيول مع العراق، وسيتم توقيع العقد خلال يومين، بحيث نتسلم الكمية خلال أسبوعين، كما أن الترتيبات ستجري حالياً بين المصرف المركزي في العراق ونظيره قي لبنان.”