العواصم تصوّت: الرياض لنواف سلام وباريس لأديب وواشنطن لبعاصيري / التداول النيابيّ بين ميقاتي وكرامي والبزري… وغسان عويدات مرشّح جديّ / الاثنين المقبل للاستشارات النيابيّة لتسمية رئيس حكومة… وعطلة العيد للتشاور /
كتب المحرّر السياسيّ
رجّحت مصادر متابعة للمشاورات الجارية حول تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة، أن يحدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم، بعد اتصال يجريه برئيس مجلس النواب نبيه بري، موعداً للاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة يوم الاثنين المقبل في 26 تموز، وقالت المصادر إن رئيس الجمهورية يريد من جهة منح الفرصة للمشاورات الهادفة للتفاهم على تسمية الرئيس المكلف وتوفير عدد معقول من أصوات النواب لتسميته، ويريد قطع الطريق من جهة أخرى على تصويره في موقع النيل من مقام رئاسة الحكومة الذي يفترض ألا يطول الفراغ في تبؤ من يشغله تحقيقاً للتوازن الوطني.
المشاورات التي تشهد بورصة أسماء، كثير منها يطرح بشكل غير جدي، دخلت عليها أسماء مقترحة من العواصم المهتمة بالوضع في لبنان، خصوصاً الثلاثي الأميركي الفرنسي السعودي، حيث استعادت مصادر دبلوماسية ما سبق ونقل عن رئيس المخابرات السعودية الفريق خالد الحميدان في محادثته التي جرت مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ونقل منها رفض الرياض تسمية الرئيس سعد الحريري، أنه قال جواباً على سؤال عن مواصفات الرئيس المقبول سعودياً بقوله، رئيس بمواصفات السفير السابق نواف سلام، تكنوقراط ومقبول خارجياً، بينما لا زالت باريس تسعى لتذليل العقبات من أمام عودة السفير مصطفى أديب، فيما رمت السفارة الأميركية اسم النائب السابق لحاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري في التداول مع عدد من منظمات المجتمع المدني الذين يهتمون لرأي السفارة وطلبت إليهم جس نبض الشارع تجاه اسمه، وتوقعت المصادر أن توحّد العواصم الثلاث جهودها وراء اسم واحد يرجح أن يكون السفير مصطفى أديب باعتباره اجتاز إمتحان الحصول على موافقة الكتل النيابية المعنية، والمطلوب لإكمال النجاح حل عقدة تشكيلته السابقة التي تعثرت عند وزارة المال وموقف ثنائي حركة أمل وحزب الله، مقابل رفع رؤساء الحكومات السابقين وصايتهم عنه، وهو ما يستدعي حواراً مباشراً بين الفرنسيين والثنائي، في ظل قنوات مفتوحة بين الفريقين، بينما تتوقع المصادر وجود عقبات أقل لتفاهم أديب مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر من صعوبات تفاهمهما مع الحريري، نظراً لكون أديب ينتمي لشريحة التكنوقراط ولا يطرح وجوده إشكاليات وجود الحريري ذاتها.
في التشاور النيابيّ ثلاثة أسماء أخرى في التداول هي بالتسلسل وفقاً لمصادر مواكبة لنقاشات الكتل الكبرى مباشرة أو بالواسطة، الرئيس نجيب ميقاتي الذي لا يزال في التداول رغم كل ما يجري تعميمه عن سحب اسمه من النقاش، حيث يدور البحث في شروط وضعها ميقاتي داخلياً وخارجياً، تتمثل بعدم إحراجه بتشكيلة يمكن القول إن الحريري ما كان ليقبلها، وبعد تحميله مسؤولية حكومة لن تجد يد المساعدة اللازمة مالياً من الدول والمؤسسات المعنية عربياً ودولياً، يلي اسم ميقاتي اسم الوزير السابق فيصل كرامي الذي لا تشبه شروطه شروط الرئيس ميقاتي، لكنه يتمسك بشراكة كاملة مع رئيس الجمهورية بتأليف الحكومة، لكن يخشى أن لا يلقى اسمه الدعم الخارجي السعودي والأوروبي اللازم لتوفير المساعدات المالية، فيما يطرح الفريق الرئاسي في التداول اسم الدكتور عبدالرحمن البزري من ضمن لائحة تضمه مع النائب فؤاد مخزومي وجواد عدرا، بينما قالت المصادر إن اسم مدّعي عام التمييز غسان عويدات طرح جدياً في التداول، انطلاقاً من أن مهمتين رئيسيتين للحكومة المقبلة تتصدران مع الإصلاحات المالية أولوياتها، واحدة تتصل بتحقيقات مرفأ بيروت وثانية تتصل بإشرافها على الانتخابات النيابية.
لن يتضح رسمياً بعد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يفترض أن يحدّد الموعد بعد اتصاله برئيس مجلس النواب نبيه بري ليبنى على الشيء مقتضاه، علماً أن تواصلاً حصل في الساعات الماضية على خط حزب الله – التيار الوطني الحر، حزب الله – حركة أمل، وبالتالي فإن الأكيد ان لا استشارات هذا الأسبوع فالبلد سوف يدخل ابتداء من الثلاثاء في عطلة عيد الأضحى التي تمتد ثلاثة أيام. ومع ذلك ترددت معلومات مساء امس ان الرئيس عون سيدعو اليوم الى الاستشارات النيابية الملزمة التي سيحدد موعدها يوم الاثنين المقبل، في حين أن أوساطاً سياسية بارزة تؤكد أن لا اتفاق حتى الساعة على أية شخصية لتاليف الحكومة، وبالتالي فإن الموعد لو ثبت يوم الاثنين يمكن لقصر بعبدا أن يؤجله قبل ساعات اذا لم يحسم الاتفاق على شخصيّة تحظى بتأييد معظم القوى.
وفي هذا الإطار، أشارت مصادر بارزة لـ البناء إلى أن الرئيس عون عطفاً على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل يرغب بترشيح السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة إلا أن حزب الله يرفض هذا الاسم بالمطلق في حين أن تيار المستقبل الذي لم يحدّد موقفه الرسمي بعد من الاستشارات فإنه حتى الساعة لا يحبذ المشاركة او التسمية.
وليس بعيداً، تؤكد مصادر تيار المستقبل لـ «البناء» أن الرئيس سعد الحريري لا يضع فيتو على اي اسم لرئاسة الحكومة، لكنه في الوقت نفسه لم يسم أحداً خاصة أن الجميع يدرك أن رئيس الجمهورية يريد تشكيل «حكومة عون»، وهذا الأمر لن يقبل به أي من الشخصيات السنية سواء من نادي رؤساء الحكومات السابقين، أو غيرها، خاصة أن الأزمة الراهنة باتت أبعد من تأليف حكومة فهي تتصل بالصلاحيات والدستور والطائف الذي يدفع التيار الوطني الحر الى تجاوزهما وتخطّيهما، هذا فضلاً عن ان هناك اجتماعات سنية لعدم المسّ بموقع رئاسة مجلس الوزراء.
ويعقد مجلس الأمن الدولي الخميس المقبل، حيث سيناقش الوضع المتأزم في لبنان في ظل كلام عن توجه الى توسيع صلاحيات اليونيفيل، وتوقيت صدور التوصية الفرنسية حول إرسال قوات دولية الى لبنان بشكل طارئ تحت سلطة الأمم المتحدة والبنك الدولي، لعرض التقرير الدولي حول القرار، وستعرض المنسقة الخاصة للأمم المتحدة يوانا فرونتيسكا التقرير الدولي حول القرار الدولي 1701، والتمديد لقوات اليونيفيل.
وطالب البطريرك الماروني بشارة الراعي القوى السياسية كافة بأن تتكاتف بحكم المسؤولية الوطنية، وتتشاور في ما بينها، وتسمّي في الاستشارات النيابية المقبلة شخصية سنية لرئاسة مجلس الوزراء الجديد، تكون على مستوى التحديات الراهنة، وتتعاون للإسراع في التأليف. إنه وقت تحمل المسؤوليات لا وقت الانكفاء. فالبلاد لا تواجه أزمة حكوميّة عادية، بل أزمة وطنية شاملة تستدعي تضافر الجهود من الجميع، وتواجه انقلاباً جارفاً على النظام والدستور والمؤسسات الشرعية، وتفككاً للقوى الوطنية التي من شأنها خلق واقع سياسي جديد يعيد التوازن ويلتقي مع مساعي الدول الصديقة.
وقال: «ما جرى ويجري من إهمال وانتفاء للحوار والتعاون، يعزز فكرة عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان لإخراج لبنان واللبنانيين من ضيقتهم المتعددة الأوجه. فالجماعة السياسية تعطي كل يوم الدليل بعد الدليل على عجزها عن القيام بأبسط واجباتها تجاه الشعب والوطن، وعلى فشلها في الحفاظ على مؤسسات الدولة واستقلاليّة الشرعية الوطنية. هذه الجماعة عاجزة عن حلّ للمسائل اليومية البسيطة كالنفايات والكهرباء والغذاء والدواء والمحروقات، وعاجزة عن مكافحة الفساد، وتسهيل عمل القضاء، وضبط ممارسة الوزارات والإدارات، وإغلاق معابر التهريب والهدر، وعاجزة عن تحصين نفسها بتأليف حكومة، وعاجزة عن معالجة القضايا المصيرية كإجراء إصلاحات وترسيم حدود وحسم خيارات الدولة، واعتماد الحياد».
ودعا رئيس البرلمان العربي عادل بن عبدالرحمن العسومي، إلى «سرعة تشكيل حكومة لبنانية جديدة لإنهاء حال الفراغ السياسي في البلاد، وشدّد على «ضرورة أن تكون الحكومة الجديدة حكومة تكنوقراط، لديها القدرة والكفاءة على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة ومعالجة التحديات، وصون مقدرات الشعب، والحفاظ على وحدة نسيجه الوطني».
ونوّه بـ «إعلان وزارة الخارجية الفرنسية عقد مؤتمر دولي جديد لدعم لبنان في 4 آب المقبل، بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبرعاية الأمم المتحدة، وتخصيصه للاستجابة لحاجات الشعب الذي يعيش أزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة».
في الشأن الصحي، أشار وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، إلى أن «الوزارة تقوم حاليًا بالمسح الميداني وتتبع المخالطين، لمواكبة متحور دلتا، وكل الخبرات التي تجمعت في الماضي لا بد أن تستخدم في حال ازدادت ارقام الاصابات»، وتمنى على المواطنين «الالتزام خلال هذه الفترة، لتجنب أي تطوّر، فليست لدينا طاقة على تحمل موجة وبائية جديدة». وكانت أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي عن حالة وفاة جديدة و450 إصابة جديدة.
الى ذلك واصل أصحاب الصيدليات إضرابهم الذي كانوا أعلنوا عنه منذ أكثر من أسبوع، مطالبين وزارة الصحة بإصدار لوائح الأدوية المدعومة وغير المدعومة، بالإضافة إلى حمايتهم من الاعتداءات التي يتعرّضون لها من قبل المواطنين. هذا ويجامع اليوم أصحاب الصيدليّات عند تسلّم اللوائح لدراسة اللائحة التي حدّدتها وزارة الصحة للأدوية المدعومة وغير المدعومة التي حدّد سعرها وفق سعر صرف 12000 ليرة للدولار.
وأعلنت وزارة الصحة أنها هدفت من وضع سقف -الحد الأقصى – لأسعار الأدوية غير المدعومة الى حماية المواطن من تفلت أسعار الأدوية وبيعها في السوق السوداء بأسعار وأرباح خيالية، الأمر الذي يعرض المستورد للمساءلة وينعكس تالياً بالإساءة على الصيدليات. وقال إن قرار تسعير الأدوية غير المدعومة بإضافة هامش ربح الصيدلي %17 كحد أقصى (بدل 22.5%) وللمستوردين 6% كحد أقصى، يأتي ضمن إطار تحديد هامش ربح مستحدث على فئة من الأدوية تم رفع الدعم عنها وتضاعفت أسعارها بشكل كبير وذلك لإشراك الصيادلة أصحاب الصيدليات والمستوردين في التخفيف عن المواطن الذي سيتحمل العبء الأكبر للفاتورة الدوائية.
نقابياً، فاز المهندس عارف ياسين، من لائحة «النقابة تنتفض» بمنصب نقيب المهندسين في بيروت. وقد حصد ياسين 5798 صوتاً في النتائج النهائية لانتخابات نقابة المهندسين مقابل 1528 صوتاً لباسم العويني و1289 لعبدو سكرية. وبلغ العدد النهائي للمقترعين 8842. وحصدت «النقابة تنتفض» 72 % من أصوات المقترعين مقابل 28 % لأحزاب السلطة. وأكّد ياسين، في أوّل كلمة له بعد فوزه، أن «اليوم اتّسعت نقابة المهندسين لتصبح بحجم وطن»، لافتاً إلى أن «اليوم بدأت المعركة الحقيقية الكبرى لتحقيق كل ما تحدّثنا عنه ووعدنا به».
من جهة ثانية، عبر الرئيس السوري بشار الأسد إلى ولايته الجديدة بخطىً ثابتة، وبمشهدٍ مليء بالعناصر الصلبة التي رافقت النصر السوري طيلة سنوات الحرب، وبصورة عززت هذا الاستحقاق، وعززت ثقة شعب صمد مرابطاً في وطنه.
وأدى السيد الرئيس بشار الأسد أول أمس، القسم الدستوري رئيساً للجمهورية العربية السورية أمام رئيس وأعضاء مجلس الشعب وبحضور شخصيات سياسية وحزبية ودينية وإعلامية وعلمية وثقافية ورياضية وفنية واجتماعية وعائلات شهداء وجرحى ومتميزين ومتفوقين.
وألقى الرئيس الأسد كلمة بعد أدائه القسم الدستوري أكد فيها أن «الشعب السوري برهن بوعيه وانتمائه الوطني خلال الحرب أن «الشعوب الحية التي تعرف طريقها إلى الحرية لا تتعب في سبيل حريتها مهما طال الطريق وصعب ولا تهون عزيمتها أو تفتر همتها في الدفاع عن حقوقها مهما أعدّ المستعمرون من عدة التوحش والترهيب وعديد المرتزقة والمأجورين».
وشدد الرئيس الأسد على أن «الشعب الذي خاض حرباً ضروساً واستعاد معظم أراضيه بكل تأكيد قادر على بناء اقتصاده في أصعب الظروف وبالإرادة والتصميم نفسيهما»، مؤكداً أن «قضية تحرير ما تبقى من أرضنا من الإرهابيين ومن رعاتهم الأتراك والأميركيين تبقى نصب أعيننا».
وكان لبّ الخطاب في المسائل الداخلية حول ضرورة حل أزمة الكهرباء وصولاً لتعزيز الإنتاج، وإصدار التشريعات اللازمة لذلك. ما يؤكد من جديد أن الرئيس السوري لم يتوانَ عن تظهير هذه القضايا كأولويات في المرحلة المقبلة، كما أنّها لا تبتعد عن أولوية مكافحة الفساد بمزيد من الزخم، خصوصاً أن ظروف تنفيذ قرار من هذا النوع باتت أكثر نضجاً بفعل انحسار الحرب.
وجاءت أيضاً، دعوة الأسد من وصفهم بالمغرَّر بهم إلى العودة للدولة السورية، بنبرة استيعابيّة لا تخلو من النقد اللاذع لخياراتهم في السنوات الـ10 الأخيرة. نبرةٌ لها ما يفسرها، وخصوصاً بعد تثبيت سورية وحلفائها انتصاراتهم العسكرية في الحرب. وفي المقابل، نبرةٌ شديدة الحزم إقليمياً ودولياً واضحة في استنادها إلى صمود سورية ووجودها ضمن حلف يتجه صعوداً في كسر الهيمنة الغربية على العالم.
وليس ذلك منفصلاً عن تأكيد الأسد قرار الدولة الحاسم «استعادة كل الأراضي السورية التي تحتلها مجموعات ترعاها تركيا أو الولايات المتحدة، بمختلف الطرق الممكنة». وكذلك ليس منفصلاً عن القرار السوري الاستراتيجي: «مواجهة المشروع الإسرائيلي، عبر تأكيد الرئيس السوري دعم كل مقاومة تنطلق ضد أي محتل في سورية».
وختم الرئيس الأسد كلمته قائلاً: «فلنعدّ العدة للمستقبل، ولنكافح الإحباط بالأمل، والتقاعس بالعمل، ولنتأهب للمزيد من البناء والتحرير ليبقى الشعب باسماً والوطن بهياً وليبقى الأمل كبيراً والعمل كثيراً والإنتاج غزيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
وكان الرئيس الأسد استعرض قبل دخوله القاعة الرئيسية في قصر الشعب حرس الشرف وتشكيلات من الجيش العربي السوري بعد عزف النشيد العربي السوري.
وعقب أداء القسم في مجلس الشعب السوري، زار الرئيس بشار الأسد برفقة عائلته حيّ الميدان في العاصمة دمشق. حيث تناول ساندويشات «شاورما»، في فترة التحضير لعيد الأضحى المبارك، وسط تهافت الناس لملاقاته ومصافحته. ووثقّت صور لحظة وصول الرئيس السوري إلى حي الميدان، وقيامه وعقيلته أسماء وأولادهما بجولة في المكان، ووصوله بسيارة سورية الصنع إلى ساحة الميدان المكتظة بالناس ما يعكس الأمان الذي يعيشه الأسد بين السوريين، ويترجم شعبيته الجماهيرية.