سيناريو شيطنة المقاومة وضربها في عرينها… أين وصل؟
} د. علي سيد
منذ متى نرى هذا التنسيق بين دول كبرى (الولايات المتحدة وفرنسا) والمملكة العربية السعودية مع بعض دول أخرى مثل الإمارات وقطر لأجل إيجاد حلّ للأزمة المستعصية في لبنان، بينما القاصي والداني يعرف دور تلك الدول في هذه الأزمة من ألفها إلى يائها، نعم الكلّ يريد الازدهار والعافية والاستقرار لهذا البلد الجميل والجميع يتغزل به، وأيضاً كلهم يعلمون علم اليقين بأنّ من أقفل المصارف أو طلب تصفيتها وحاصر لبنان ومنع عنه حتى النفط والمواد الغذائية، ولعب لعبة إسقاط الليرة اللبنانية وما زال هم أنفسهم من يتباكون على لبنان وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، المضحك المبكي انّ أدوات وصعاليك الغرب وتلك الدول يعلمون أنّ المقصود من كلّ ما جرى ويجري منذ 17 تشرين الأول هو ضرب المقاومة وبيئتها الحاضنة حتى لو تضرّرت بيئة الأدوات، فالكلّ (عرب) ولا أسف على أحد، المهمّ هو أذيّة المقاومة وشيطنتها وانقلاب الناس عليها على قاعدة «لقد جلبتم لنا الذلّ والجوع والفقر ولولا وجودكم في هذا البلد لما حدث ما يحدث، فأنتم من استدرج الغرب وأدواته إلى خنق لبنان»… وهكذا يصبح الحق على المظلوم وليس على الظالم.
الكباش بين محور المقاومة والغرب بقيادة الولايات المتحدة يشتدّ يوماً بعد يوم وعلى جميع المحاور من فنزويلا حتى غزة ولا يوجد أيّ أفق للحلّ أو التسوية.
لبنان معاقب من الولايات المتحدة مهما حاولت التباكي والتذاكي، وما إصدار الرئيس بايدن توجيهاً إلى الكونغرس الأميركي باستمرار وضع لبنان ضمن حالة الطوارئ الوطنية بالنسبة للولايات المتحدة حتى آب 2021، وزيارة وفد الخزانة الأميركية للبنان والذي استمرّ ليومين وعلى جدول أعماله آلية تطبيق العقوبات الأميركية والتأكد من صحة معلومات وصلت للإدارة عن جهات مصرفية وجمعيات ومؤسسات قد تكون على علاقة مالية بحزب الله، وكذلك موضوع القرض الحسن والتهريب إلى سورية، مما سبق يمكننا أن نجزم بأنّ الولايات المتحدة مستمرة في حصارها وإذلالها للبنانيين.
عندما نرى أيّ مظهر من مظاهر الحصار والخنق (من محطات الوقود إلى تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية إلى الارتفاع الجنوني للأسعار إلى عشرات المشاهد اليومية) يجب أن نغضب ونثور أكثر وأكثر على الفساد والسياسات الاقتصادية الخاطئة (17 مليار دولار عجز في الميزان التجاري، مليارين عجز ميزان السياحة، مليارين في ميزان العمالة الأجنبية، 4 مليارات كلفة الفساد السنوي على الاقتصاد) والولايات المتحدة وأدواتها، فهم المسؤولون عما وصلنا إليه اليوم ومن يقول غير ذلك فهو يستغبي نفسه أو متآمر أو ساذج ولا يرى أبعد من أنفه.
إنّ شيطنة المقاومة ووضعها في قفص الاتهام لما آلت إليه أمور اللبنانيين هي محض افتراء وذرّ للرماد في العيون، الفساد المستشري في أجهزة الدولة سهّل مهمة (عوكر) للانقضاض على لبنان، مع العلم بأن لا مصلحة لهذه الإدارة بالانهيار الكامل للمنظومة في لبنان، فوجود عدو على حدودنا الجنوبية وتأهّب المقاومة على كامل تلك الحدود ومعادلة توازن الرعب والصواريخ، وكذلك وجود حوالي 13 ألف جندي للقوات الدولية من مختلف الجنسيات في الجنوب يجعل خصمنا يعدّ للألف قبل القيام بأيّ عمل ضدّ الدولة بكافة مكوّناتها، فهو سيلجأ للضغط أكثر وأكثر اقتصادياً ليصل إلى مبتغاه من الحرب الناعمة التي يتقنها.
إنّ الانتصار الذي تحقق في عملية سيف القدس ودور محور المقاومة في هذا النصر وفي مقدّمته لبنان، وزيارة السيد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأخيرة للبنان ليست عرضية أو للسياحة، بل هي لبلد يُعتبر الداعم الأساس للحركة في غزة، وعليه فإنّ شراسة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة ضدّ لبنان وبيئته المقاومة ليست من فراغ، لما يمثل لبنان من دور وثقل في إحباط المخططات التي تحاك للمنطقة والتي تصبّ جميعها في خدمة الكيان الصهيوني.
الحلف المعادي للمقاومة يقوم بكلّ ما بوسعه لتشويه والنيل من المقاومة ورموزها والاتهامات جاهزة (من التقاعس إلى السكوت عن الفساد او المشاركة فيه إلى إيصال البلد إلى حافة الانهيار إنْ لم نقل الانهيار إلى إلى…) وهناك من يصدق هذه الافتراءات عن سوء نية وأحياناً عن حسن نية وعدم وعي لما حصل وما يخطط للبنان، وبالتالي يجب على القيّمين وخاصة في المجال الإعلامي والتواصل الاجتماعي من محور المقاومة والذين يؤمنون بهذا النهج أن يتصدّوا لهذه الحملات ويغيّروا من سلوكهم في هذا الأمر، فالهجمة قوية ومخطط لها بإتقان ومدعومة من كافة المحور المعادي وبكافة الوسائل الإعلامية والمادية، إنهم ينشطون ليل نهار لأجل شيطنة المقاومة ويعملون في خدمة ماكينة دعائية تقودها الولايات المتحدة الأميركية وتموّلها دول عربية حليفة لها ويحاولون الإيحاء بأنّ كلّ مصائب العالم هي من نتاج محور المقاومة، إنّ هذه الحملة ستزداد يوماً بعد يوم إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً ومن يضحك أخيراً يضحك كثيراً، ولا شكّ بأنّ من سيضحك أخيراً هو محور المقاومة والممانعة…