كلام الخامنئي خطة رئيسي: الاتفاق النوويّ ليس أولويّة إيرانيّة
ناصر قنديل
– قال مرشد الثورة الإيرانية الإمام علي الخامنئي في آخر لقاء يجمعه بحكومة الرئيس الشيخ حسن روحاني «يجب على الآخرين الاستفادة من تجارب حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، وإحداها تجنب الثقة بالغرب، ففي هذه الحكومة، اتضح أن الثقة بالغرب لا تنفع. إنهم لا يساعدون في شيء، بل يوجهون الضربات حيث يستطيعون. أينما لم يوجهوا ضربة، لم يكن لديهم القدرة على ذلك. ينبغي للحكومات ألا تجعل برامجها مَنوطة بالمفاوضات مع الغرب إطلاقاً، لأنها ستخفق قطعاً، وحيثما جعلت هذه الحكومة أعمالها مَنوطة بالمفاوضات مع الغرب وأميركا، أخفقت، وحيثما اعتمدت على القدرة الداخلية، حققت النجاح».
– يأتي كلام السيد الخامنئي عشية القسم الدستوري للرئيس المنتخب السيد إبراهيم رئيسي، بمثابة رسالة واضحة لواشنطن، فمن المعلوم حجم التطابق في النظرة بين الخامنئي ورئيسي، ليس للعلاقة بواشنطن فقط، بل لكيفية إدارة كل الملفات الاستراتيجية، حيث الأولوية التي ستحكم ولاية رئيسي ستتركز على ترجمة التوجه شرقاً الذي بدأ بالتعاون الاستراتيجي مع الصين باتفاقية الـ 500 مليار دولار، والتي سيليها تعاون إيراني روسي صيني لبناء خط حديدي سريع عملاق يعبر أذربيجان ويربط إيران بميناء بطرسبورغ الروسي على بحر البلطيق قبالة ميناء هامبورغ الألماني، ويوضح التوجّه الإيراني والصيني بتوقيت متطابق نحو سورية بعنوان اقتصاديّ، ومشاريع تعاون استراتيجية تطال ملفات الطاقة الكهربائية ومصافي النفط والمرافئ وسكك الحديد الوجهة اللاحقة للتعاون الثلاثي الروسي الصيني الإيراني، كما يوضح أن العراق الذي يربط إيران بسورية لن يكون خارج التوجه المشترك، بعدما أسقط الأميركيون رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي لإسقاط اتفاق التعاون العراقي الصيني المشابه لاتفاق التعاون الإيراني الصيني.
– لن ينسحب الإيرانيون في ولاية رئيسي من مفاوضات فيينا، فهم يحققون انتصاراً دبلوماسياً بصفتهم الطرف الذي تعرض لعدوان أحد الشركاء بالاتفاق النووي الذي انسحب من خارج قواعد الاتفاق الملزم وذهب يفرض العقوبات على من يطبّق الاتفاق المكرس بقرار من مجلس الأمن الدولي، لكن العودة للاتفاق ليست أولوية إيرانية، طالما تخلصت إيران من العقوبات الأممية، وطالما تشجع الحليفان الروسي والصيني على المضي قدماً بالرغم من مخاطر العقوبات الأميركية، وإيران منذ نهاية شهر حزيران، عندما انتهى موعد الاتفاق المؤقت مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي تمضي بتطوير برنامجها النووي، من حيث زرع المزيد من أجهزة الطرد المركزي المتطورة من الأجيال الجديدة، وتخزن المزيد من اليورانيوم المخصب، وهي لا تشعر بأن أياً من حلفائها، من اليمن الى فلسطين الى العراق وسورية ولبنان، في وضعية ضعف تستدعي البحث عن تسوية.
– الأميركي القلق من تقدم وتراكم المنجزات النووية الإيرانية، التي يلعب عامل الوقت لصالحها، كما يقول المسؤولون الأميركيون، وفي ظل تصاعد الهجمات التي تشنها قوى المقاومة في سورية والعراق واليمن، وفائض القوة الذي تملكه في لبنان وفلسطين في ظل مأزق مفتوح يعيشه كيان الاحتلال، مطالب بالاختيار بين القبول بعودة غير مشروطة عن كل العقوبات التي طرأت منذ الانسحاب الأميركيّ من الاتفاق النوويّ، والتخلّي عن أي أوهام وأحلام بانعكاس ذلك على الملفات الإقليميّة، أو الاستعداد لحرب استنزاف باردة تحقق خلالها إيران وحلفاؤها المزيد من تراكم أسباب القوة، وقد صارت المواجهة الاقتصادية التي تقودها الصين رديفاً للمواجهة العسكرية التي قادتها روسيا، وتمدّد وتجذر قوى المقاومة التي تدعمها إيران، بحيث يستفيق الأميركي على شرق جديد ينزلق من بين يديه، بعدما فشل الهجوم العسكري الذي بدأ قبل عقدين، وفشل الهجوم المالي الذي قاده قبل سنوات.
– معادلة رئيسي لا تفاوض للتفاوض، ولا استنزاف في التفاوض، والتفاوض ليس هدفاً، والاتفاق النوويّ ليس أولوية إيرانية، وهو أمر جيد إن عاد بلا شروط، أمر جيد إن لم يعد وانتهى التفاوض بسبب سعي الأميركي لجوائز ترضية لن يحصل عليها كثمن للعودة.