الانسحاب الأميركي من شرق سورية والعراق خدعة لتجديد الحرب!
} د.وفيق إبراهيم
الأميركيون يعاودون بناء اتفاقات مع حكومة الكاظمي في العراق والأكراد في شرقي سورية، لكنهم يتذرعون باتفاقات تسوية مع المحاور الاساسية في البلدين لاستمرار حروبهم في شرق سورية والعراق.
من الواضح اذاً ان الأميركيين يتلاعبون باللغة لإيهام العراقيين والسوريين انهم راحلون عن بلادهم في أوقات قريبة، لكنهم ينظمون فعلياً قواتهم العسكرية في منطقة تجمع بين كردستان ووسط العراق مع مناطق الحدود وشرق سورية.
بذلك تمسك القوات الأميركية بالبلدين معاً وتجديد احتلالها لهما، بما يبيح لآليات التجديد العسكرية الأميركية بالاستمرار في احتلال البلدين معاً ومنعهما من إعادة بناء سياسية لنظاميهما فيؤثران بذلك تعميق حالة تحالفهما مع ايران، بالاضافة الى التنسيق بين قوات بلديهما والتأثير على السعودية من جهة حدودها مع العراق، هذا بالاضافة الى لجم العدوانية التركية في مناطقها الحدودية مع سورية والعراق، بذلك يتمكن العراقيّون والسوريّون من التأثير على كردستان العراقية والكرد في شرق الفرات، فضلاً عن التصدي لقوات الاخوان المسلمين في مناطق الوسط العراقية وشرق سورية، وكبح قوات داعش والنصرة ومجمل قوات الإرهاب المتعاونة فعلاً مع الأميركيين والأتراك في مناطق واسعة ومتصلة بين سورية والعراق. هل هذا ممكن؟
هذا الذي يحدث حالياً وخصوصاً على مستوى التنسيق الأميركي مع قوات سياسية عراقية وسورية ومعظم مجاميع الإرهاب والأكراد المنتشرة بين البلدين.
لكن هناك نقطة غامضة تتعلق بوجود إصرار أميركي على ضرب الدور الروسي في هذه المناطق السورية العراقية لأن مثل هذا الدور يمنع الروس من بناء ادوار سياسية عميقة فيهما ويجعل من الصراع الروسي الأميركي مفتوحاً في منطقة عربية وإسلامية لا يريد الأميركيون التخلي عنها ابداً وسط إصرار روسي على تثبيت ادوار له تمنحه أهميات جيوبوليتيكية واسعة.
ماذا يريد الأميركيون؟ يصرون على الإمساك بواحد من اهم خطوط انتاج الغاز في العالم يجمع بين مناطق واسعة في السعودية غنية بالغاز مع امكانات قطر الهائلة في إنتاجه ايضاً مع آبار مزدهرة في كامل انحاء البحر الابيض المتوسط.
هناك خطة أميركية اضافية تريد سراً التحالف مع إيران في استثمار حقول الغاز الخاصة بها. وهذا يتطلب علاقات سياسية حسنة بين الأميركيين والايرانيين يجري العمل على بنائها في مفاوضات متلاحقة.
بالمقابل يتدحرج الروس للسيطرة على آبار الغاز السورية في البحر والبر وآبار ايران المترفة وغاز المناطق الإسلامية في مناطق آسيا الاسلامية.
وهذا يؤدي الى انتاج حالة صراع دولية على الغاز قوية جداً المطروح بعد عقد تقريباً بديلاً قوياً للنفط على مستوى الإنتاج الدولي.
وهكذا تبقى المناطق العربية اساسية في انتاج اي تماماً كما هي عليه الآن في انتاج النفط.
لذلك فإن الصراع السياسي الروسي – الأميركي على المناطق العربية، ذاهب الى تصعيد اكبر بين القطبين العالميين وسط حالة شلل وجمود عربية تنحاز للأقوى الذي يستطيع حماية انظمتها السياسية، وهم الأميركيون والغربيون بشكل عام.
لذلك فإن صراع القطبين العالميين على سورية لن يتأخر عن الاندلاع بوساطات من الإرهاب الاسلامي و”اسرائيل” وينتظم القتال في هذه المنطقة بين سورية وإيران وحزب الله مقابل “إسرائيل” والسعودية.
وهذا يوضح مدى اهتمام الأميركيين بالمناطق الممتدة على مقربة من الحدود السورية العراقية وحتى أعماق شرق الفرات وذلك بوسيلتين وهما الجيش الأميركي الذي يحتل قسماً من المنطقة والجيش التركي الداعم له وقوات المنظمات الإرهابية المؤيدة للأميركيين وفيالق الأكراد المتصلين بين كردستان العراق واكراد شرقي الفرات.
تدل هذه المعطيات على ان الاتفاقات السياسية بين الانظمة الحاكمة في سورية والعراق مع القوات العسكرية الأميركية وحلفائها في المنطقتين ليست ذاهبة نحو أي نوع من انواع الهدنات السياسية او العسكرية بقدر ما تهيئ لنفسها صراعات عميقة أميركية سعودية وكردية مقابل الطرفين الروسي – السوري وحزب الله.
المنطقة إذاً الى حرب ضروس تمنع إمكانية التأسيس لحلف أميركي إيراني، وتدفع نحو حرب إسرائيلية مع حزب الله.
فتصبح منطقة الشرق الاوسط والبحر الابيض المتوسط ناراً واسعة تهدد القوة الأميركية فيهما ومعها السعودية والقسم الأكبر من الخليج، وها هي عمان تنفتح على إيران في استيراد النفط والغاز لأن حقائق وسائل النفط والغاز اكبر من الادعاءات وحملات الاكاذيب، فهناك حروب يتم الإعداد لها في مناطق جزيرة العرب والبحر المتوسط وبحر قزوين فيما عرب هذه المنطقة يواصلون الاعتماد على الأميركيين فيما يتوجب عليهم إنقاذ ثرواتهم من النفط والغاز ووضع إمكاناتها في تصرف بناء انظمة انتاج يجب ان تكون من أقوى الأنظمة في العالم.