لا انتخابات في ظل السلاح: شعار أميركيّ في العراق فماذا عن لبنان؟
ناصر قنديل
– بدأ الأميركيون منذ تأجيل التفاوض في فيينا حتى انتهاء مراسم تسلّم الرئيس المنتخب السيد إبراهيم رئيسي مقاليد السلطة في إيران، يتصرّفون على قاعدة تساوي احتمالات النجاح بالعودة الى الاتفاق النووي مع إيران مع احتمالات الفشل، وجاء كلام الإمام علي الخامنئي يعطي جرعة إضافية لهذا التساوي، والعودة للاتفاق النووي هي بيضة القبان في السياسات الأميركية الجديدة في المنطقة، وقد جاءت معركة سيف الدقس لترسم علامات استفهام كبرى حول وجود فرص حقيقية للتملص الأميركي من تبعات وجودها العسكري في المنطقة، في ضوء ظهور حجم الانهيار السياسي والعسكري في حال كيان الاحتلال ودرجة الأخطار المقبلة التي تحيط به، وهذا معنى عودة المواقف المتمسكة بإطالة فرص البقاء العسكري في سورية والعراق في الكثير من مستويات القرار والرأي الأميركية.
– خلال سنتين اعتقد الأميركيون ان “الثورة التشرينية” التي أطاحت حكومة الرئيس عادل عبد المهدي، وأسقطت معه الاتفاق الصيني العراقي الاستراتيجي اقتصادياً، تمثل بحجم التشكيلات الممولة والمشغلة من السفارات وأجهزة المخابرات مدخلاً كافياً لتغيير وجهة الأغلبية النيابية التي صوتت عام 2020 على إخراج الأميركيين من العراق، ويبدو أنهم يكتشفون اليوم أنه بالرغم من بلوغ عدد المجندين في الجمعيات الممولة تحت عناوين مجتمع مدني أكثر من ثلاثمئة ألف شخص، وبالرغم من تموضع عدد من القيادات الشعبية والسياسية تحت مظلات رمادية في الصراع بين واشنطن ومحور المقاومة، فإن الانتخابات المقبلة والمحدّد موعدها في مطلع شهر تشرين الأول المقبل، ستعيد تجديد وجهة الغالبية النيابية، مع راديكالية أعلى لصالح خيار المقاومة، يرجّح أن تحمل كتلة أولى بقيادة الرئيس السابق نوري المالكي، ومرشحاً أول لرئاسة الحكومة هو الرئيس السابق الدكتور عادل عبد المهدي.
– فجأة ومع إعلان المفوضية المستقلة للانتخابات عن افتتاح الحملات الانتخابية تتوالى الإعلانات الرافضة للمشاركة من كيانات تتوزع بين الوقوف تحت المظلة الأميركية، وكيانات تتموضع بعلاقات مميّزة مع العواصم الخليجية، وكيانات تجاهر بعدم تموضعها في خندق الحلف مع إيران، بصورة بدا واضحاً معها وجود قرار أميركي بالرد على عمليات المقاومة التي تستهدف الاحتلال الأميركي، ورفض قوى المقاومة لأي اتفاق يتم توقيعه مع حكومة الرئيس مصطفى الكاظمي لا تنص على انسحاب أميركي كامل من العراق، بتمديد الوضع القائم وإلغاء الاستحقاق الانتخابي الذي كان مطلب جعله مبكراً قبل موعده التقليدي نداء الساحات التشرينية بوجه حكومة عادل عبد المهدي، منعاً لتغيير حكومي يصعب معه الحؤول دون سيطرة قوى المقاومة على الشرعية الدستورية لرفض الاحتلال من موقعي رئاسة الحكومة والأغلبية النيابية على الأقل.
– ما يجري في العراق كان دائماً فرصة لقياس ما يحضر للبنان، فكما توقيت تفجير العراق بأزمات المياه والكهرباء وتصنيع انتفاضة شعبية بقوة استفزاز الغضب المشروع للناس، وسوق الناس للتحرّك بقوة الوزن الإعلامي والتنظيمي للجماعات التي تدور في الفلك الأميركي، تحت شعار الانتخابات المبكرة وإيران برا برا، تم تفجير مشابه في لبنان، وفي اتجاه مشابه وأدوات مشابهة وشعارات مشابهة، واللافت أن دعاة رفض الانتخابات في العراق اليوم من أصدقاء واشنطن يرفعون الشعار القديم الجديد، لا انتخابات في ظل السلاح، وهو شعار سبق لدعاة الانتخابات المبكرة في لبنان وفي مقدمتهم القوات اللبنانية أن رفعوه، فهل نشهد في لبنان خلال الشهور المقبلة دعوات لتأجيل الانتخابات النيابية تحت شعار مشابه، باعتبار أن المطلوب الحفاظ على الستاتيكو اللبناني، وهذا ما يفسر حجم الدعم الممنوح لولادة الحكومة العتيدة، كي تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية بعد نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، الى حين نضوج مناخات المنطقة على سياق واضح يمكن تحديد وجهة السياسة اللبنانية في إطاره، فتتم حينها في مواعيد متأخرة، الانتخابات الرئاسية والنيابية، ويجري تقديم واحدة على الأخرى بقياس حسابات التوازنات والمصالح؟