أولى

سورية لها حق

– عندما لا يريد بعض اللبنانيين كلما وردت واقعة تخصّ سورية أن يستذكر الازمات التي رافقت العلاقة اللبنانية السورية حصراً، وهي مسؤولية لبنانية سورية وليست مسؤولية سورية حصراً، وقد تناوب الأطراف اللبنانيون على الاستقواء بسورية وغير سورية على بعضهم، ولا زالوا يعتمدون النظر الى ما وراء الحدود بغير عين المصلحة الوطنية اللبنانية، ويستطيعون نسبة كل ما هو إيجابي في مرحلة اتفاق الطائف للسعودية وأميركا ونسبة كل ما هو سلبي إلى سورية، ويستطيعون أن يتجاهلوا الذاكرة الاستعمارية للدور الفرنسي ويتبرّعوا بالتسابق لتقديمه كمخلص، فثمة عطب وخلل في العقل والأخلاق معاً، وهذا لا ينحصر بخصوم سورية او دورها او هويتها العربية والمقاومة، بل كثير ممن يسمّون من أصدقاء سورية يتجاهلون التذكير بحضورها ودورها ومكانتها غير القابلة للتجاهل في الواقع اللبناني.

– عندما وقعت أزمة الأوكسجين في المستشفيات اكتشف المسؤولون كما اكتشف كريستوف كولومبوس القارة الأميركية، ان سورية هي الجارة الأقرب وأنها وحدها تستطيع تقديم العون السريع، واكتشفوا أنهم كانوا يشترون سراً ودون اعلان نسبة من حاجة لبنان من الأوكسجين من شركات سورية، وعندما لبت سورية طلب لبنان، لم تلقَ سورية ما تستحق من شكر وتقدير، باستثناء ما قاله وزير الصحة يومها، بينما كانت ردود الأفعال الأخرى في غالبها للتشكيك بوجود أزمة والذهاب لتخيلات تحدثت عن تصنيع أزمة مفتعلة لتبرير تظهير مساعدة سورية للبنان، بينما كان الأميركيون والفرنسيون ينتبهون أنهم ما لم يسارعوا الى منع انهيار لبنان فإن ما جرى في الأوكسجين سيجعل تهديد السيد حسن نصرالله بجلب البنزين والمازوت قابلاً للتحقيق، فأفادت سورية لبنان مرتين، مرة بالأوكسجين ومرة بما كشفه الاوكسجين من معادلات غير قابلة للتجاهل.

– أول أمس انتشرت الحرائق في منطقتي عكار والهرمل، وفاقت الحاجة للسيطرة عليها قدرات الأجهزة اللبنانية العسكرية والمدنية، فتوجّه المسؤولون اللبنانيون لطلب المعونة القبرصيّة، لكن تفاقم الحرائق ليلاً دفع بسورية دون طلب بتقديم عون استثنائي فحلّقت طائراتها وتوافدت سيارات وعناصر دفاعها المدني تشارك في إطفاء الحرائق، وبينما أرفق الطلب لقبرص بالشكر سلفاً، لم يخرج مسؤول لبناني يقول شكراً سورية، رغم حجم التعليقات الصادقة لآلاف المغرّدين الذين جعلوا هاشتاغ شكراً سورية يتقدّم كل التغريدات على تطبيق تويتر.

– معيب بحق لبنان واللبنانيين هذه الازدواجيّة في معايير العلاقة مع سورية، ومعيب أكثر بحق كل مَن يقدّر مكانة سورية ودورها والعلاقة معها أن يلتزم الصمت في العلن في كل محطة ومناسبة، تحت شعار أنه لا يحتاج إلى أن يثبت صداقته ويذكّر بموقعه كل يوم، فالمواقف ثقافة وحضور المواقف توازن قوى، والغياب إخلاء للساحة أمام مواقف أقلّ ما يُقال فيها أنها مشبوهة.

– سؤال محيّر: لماذا يتبجح الذين يتحدثون عن مرحلة الطائف بسلبية بحرص شديد على العلاقة بالسعوديّة وهي بالحد الأدنى شريك بالمناصفة مع سورية عن كل تلك المرحلة وكل السياسات المالية والاقتصادية ورموزها وحكوماتها كانت عهدة سعودية، ولماذا لا يتحدث هؤلاء عن سورية إلا بإضافة كلمة عهد الوصاية وأحياناً الاحتلال وبعض منهم يتحدث عن صداقته مع سورية؟

– ماذا لو كانت طائرت فرنسا التي كانت احتلالاً وانتداباً هي التي قامت بمساعدة لبنان في إطفاء الحرائق؟ تخيّلوا فقط!

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى