حكومة الميقاتي ليست محليّة صرفة!
} د.وفيق إبراهيم
الحكومة التي يعكف رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي على تشكيلها ليست محلية فقط، لكنها تجسد مصالح القوى اللبنانية شديدة الارتباط بقوى خارجية قد يزيد عديدها عن سبع هيئات دولية تعمل على مستوى الشرق الاوسط.
هذا ليس تضخيماً لأدوار الحكومة المرتقبة لميقاتي بتشكيلها، وذلك للكشف عن مدى ارتباط القوى الإقليمية العاملة من خلال لبنان على مدى الإقليم.
التحالف الاول هو المحور السوري الإيراني وحزب الله في مجابهة كبيرة مع قوى لبنانية تعمل في لبنان من خلال التأييد الإقليمي والدولي الداعم لها.
هذه القوى تبتدئ بحزب القوات اللبنانية مروراً بحزب المستقبل والكتائب والأحرار ولا تتوقف عند تيارات دينية كبرى تقفز من دار الإفتاء السنية لتعرج على كنيسة بكركي التي تشكل واحدة من أقوى المؤسسات الدينية التاريخية التي تمسك بنفوذ عميق في لبنان يرتبط بالغرب عموماً والفاتيكان خصوصاً.
ما هو واضح بشكل جليّ أن هذا النوع من القوى الداخلية اللبنانية وبالتحديد هو أميركي فرنسي اولاً وبما ان هذا النهج متحالف مع “إسرائيل” فيجب التركيز على انه محور يمسك بقوى لبنانية ترتبط بالمحور الأميركي الفرنسي، وبالتالي الإسرائيلي ما يؤدي الى ربط القوى الدينية اللبنانية بالقوى السياسية الداخلية في تجمع عنيف جداً له مميزات متعددة أولها أنه شديد الطائفيّة يمسك بقسم أساسي من المسيحيين مسيطراً على اكبر قدر ممكن من الطائفة السنية.
أما لجهة الدروز فهم حريصون على إقفال الأبواب التي تؤدي عادة الى السيطرة عليهم لكنهم يفاوضون كل القوى الداخلية والخارجية للاستحصال على حقوق داخلية لهم تفتح لهم أبواب الإدارات والوزارات.
هذه الوضعية تؤكد ان حكومة ميقاتي ليست مجرد آلية داخلية لادارة لبنان بقدر ما تعكس دورها الخارجي الأساسي الذي يرتبط بحركة سبع قوى مع حزب الله ترتبط بالنفوذ الإقليمي والدولي وتعمل من خلالها على إنجاز مصالح لتغطياتها الخارجية.
لذلك فيمكن الجزم بأن حكومة النجيب شبيهة بالحكومات التي سبقتها على الرغم من محدودية عمرها الذي لن يزيد عن بضعة أشهر تربط لبنان بالانتخابات المقبلة.
وهذا حاسم في مسألة استمرار صراعات الداخل من المحاور والأحلاف من أجل تركيب تحالفات قادرة على خوض انتخابات نيابية مرتقبة لكسب الانتخابات المقبلة، لأن ربحها المرتقب يعني السيطرة على المجلس النيابي، وبالتالي الحكومة وصولاً الى الإمساك بانتخابات رئاسة الجمهورية، علماً أن العالم بأسره يعرف ان الحكومة من جهة ورئاسة الجمهورية من جهة ثانية، هما آليتان شديدتا الارتباط بقدرة الخارج السياسي على التنسيق بين قواه الداخلية لتحقيق حدود مقبولة من الاتفاقات والأنظار هنا كلها مشدودة على تحقيق واحدة من مسألتين: اما الإمساك برئاسة الجمهورية، واما التوصل الى تحييدها وتحقيق مناصفة في الحكومات المتعاقبة.
بذلك يتضح أن حكومة النجيب ليست آلية محلية بقدر ما يمكن اعتبارها حكومة شديدة التعقيد تعمل للتحضير لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة التي لا يمكن تفسيرها إلا كآلية لإنجاز التوافقات الإقليمية المسبقة.
لبنان اذاً ليس مجرد ميدان لتنافسات الإقليم بقدر ما يشكل ساحة للالتقاء بين “اسرائيل” من جهة وحزب الله من جهة ثانية.
لذلك يمكن اعتبار الصراع بين حزب الله و”اسرائيل” هو القتال المحوريّ الذي يربط بين إيران وسورية وحزب الله من جهة و”اسرائيل” والسعودية مع الكثير من القوى الداخلية والإقليمية من جهة ثانية.
هناك قتال ثانٍ يرتبط بتشكيل حكومة ميقاتي نفسها. وهي قدرة المحور الخارجي الفرنسي الأميركي السعودي مقابل الحلف السوري الإيراني على تشكيل آليات حكومية واعدة، لكن الحقيقة تؤكد ان التسويات هي ابرز ما تنتجه السياسات الداخلية والخارجية في لبنان بالإضافة الى ان حكومات لبنان ليست محلية فقط، بقدر ما هي حكومة تسويات يرعاها صاحبها وهو حالياً ميقاتي المتحالف مع السنية الشرعية في دار الإفتاء ورؤساء الحكومات السابقين، لذلك فإن اهمية حكومة النجيب انها إقليمية – دولية تتحضر لاختيار رئيس مقبل للجمهورية بمفهوم التسويات الطاغي على لبنان بالإضافة الى انها حكومة تسويات لا قدرة لها إلا على إنجاز الحد الأدنى من ادارة الدولة.
وهذا يعني انها حكومة منع لبنان من الموت السياسي وذلك بتوفير الحدود الدنيا من الأمور المطلوبة عبر التعاون مع السعودية والصناديق الدولية مع ترقب دورين هامين: لروسيا وإيران في آن واحد.