مجتمع مدني؟
– تقول التجربتان العراقية والفلسطينية حيث يبلغ تعداد المنتسبين الى جمعيات تحمل اسم المجتمع المدني عشرات الآلاف، والبعض يقول مئات الآلاف، أنه يكفي أن تملك سجلاً لجمعية مع سبعة أشخاص حتى يتم إدراجك على لوائح المستفيدين من منح الهيئات الدولية والسفارات الأجنبية، وتكليفك بمهام تحت عنوان حقوق الإنسان والبيئة وقضايا الديمقراطية وفي بعض الحالات التمويه باسم جمعيات للتشجيع على تمكين المرأة وسكان الريف وحماية الغابات وربما الإرضاع من الثدي والحدّ من النسل، لكن في نهاية المطاف عليك الاستجابة للمشاركة في الدعوات التي تطلقها الجمعيات الشبيهة من أجل “أن يصير المجتمع مدنياً”.
– الاسم يثير التساؤل علمياً، فكيف يكون سبعة اشخاص هم مجتمع، وليسوا مجرد جمعية، ومن الذي ابتكر إضافة مجتمع، والمفردة ترمز لما هو إنساني ونبيل في صفة التمثيل كأن يصير للأحزاب تسمية الوطن، كي يتعادل الوزن على الأقل، ثم مدني، كأن هناك مجتمع عسكري يقابله مجتمع مدني، أو مجتمع ديني يقابله مجتمع آخر يفترض أن يكون اسمه لا ديني وليس مدنياً، لأن الديني ليس ضد المدنية من زاوية المعنى المطلق للمفردات.
– في لبنان ولدت خلال عشر سنوات ماضية، منذ نشوب الأزمة في سورية وتحوّلها الى حرب آلاف الجمعيات، التي بدأ أغلبها تحت عنوان الإهتمام بشؤون النازحين وتنظيمهم بذريعة مساعدتهم، لأن المطلوب كان جعل النزوح وسيلة للتجنيد لمن صعب تجنيده في سورية للمشاركة بالحرب ضد الدولة السورية، وسرعان ما بدأت تسند لهذه الجمعيات مهام داخلية، ومع تفجير المرفأ تحولت ببيانات رسمية الى بديل للدولة معتمد لتلقي المساعدات لكن دون مساءلة عن وجهة إنفاق الأموال والمساعدات العينية.
– مع بدء العام الانتخابي تحدّدت مهمة الجمعيات بحشد الأصوات لمرشحين سيتم اختيارهم بإشراف السفارات، وخصوصاً الرباعي الأميركي الفرنسي الألماني البريطاني، والمال العربي ينفق بإشراف هذه السفارات على الحملات الانتخابية التي يفترض ان تخدم لوائح موحّدة تشرف على تسمية المشاركين فيها من السفارات.
– لهذه الغاية تمّ تكليف المسؤولة السابقة في التنظيم العسكري للقوات اللبنانية لإدارة المجتمع المدني تعاونها موظفة حقوقية لدى السفارة الأميركية ووفقاً لقاعدة 6 و6 مكرر واحدة من السيدتين مسلمة والثانية مسيحية، وشركات الإحصاءات تعمل بعقود من السفارات للترويج للفكرة لحين تبلور اللوائح.
– سيُصاب المشروع بالنتيجة ذاتها التي أصابته في العراق، لكن هناك قرر الأميركيون الإيعاز لمن يلزم بطلب تأجيل الانتخابات، والمجاهرة برفض المشاركة وإعلان الانسحاب من الترشيح، فهل يفعلون ذلك في لبنان؟