الرياضيون العرب الشرفاء يرفضون «التطبيع» باستثناء «الرجعيين»!
د. جمال زهران*
كلّ يوم يتأكد أنّ الشعوب العربية يقظة وواعية بحقيقة الصراع العربي الصهيوني، من خلال وقائع عملية تجسد حقيقة هذا الوعي وتلك اليقظة. كما أن هذه الوقائع الدامغة تؤكد الفشل الذريع لكل محاولات الإعلام العميل في تزييف وعي الشعوب العربية في كل قطر عربي، ومحاولات فرض الكيان الصهيوني (إسرائيل) على الشعوب بأنها دولة جزء من المنطقة العربية وأنها دولة تسعى للسلام، والتسويق لنموذج كامب ديفيد باعتباره نموذج السلام الحاضر والمستقبلي، كما صنعه آباء الاستسلام والسلام المزيّف بقيادة أنور السادات، لإكسابها الشرعية السياسية.
ووسط كلّ هذه الاندفاعات غير المبرّرة لنظام الإمارات العربية المتحدة، تجاه الكيان الصهيوني، بالتطبيع المشبوه، ومحاولات إجبار الشعب العربي في الإمارات للتفاعل مع مواطني الكيان الصهيوني الاستعماري لأرض فلسطين، ووسط الفرحة المصنوعة في المغرب عند استقبال وفد سياحي صهيوني إلى المغرب، وسط استنكار كل فئات الشعب في المغرب، وفي المقدمة الأحزاب السياسية، وجماعات مقاومة التطبيع، وهي غير المسموح لها في دولة الإمارات «القزم»، وسط كلّ ذلك، نعيش حالة شعبية من رياضيين شباب شرفاء، في دورة طوكيو باليابان، وهي دورة الأولمبياد الرياضية التي تنظم كل (4) سنوات، ليقدموا المثل والقدوة للشباب العربي.
فقد شاركت وفود عربية في الأولمبياد في طوكيو، وكان من جراء إجراءات القرعة، أن وقع أربعة أبطال عرب في لعبات مختلفة، في مواجهة مع لاعبين صهاينة من دولة الكيان (إسرائيل). وهؤلاء هم. اللاعب الجزائري (فتحي نورين) في لعبة «الجودو»، واللاعب السوداني (محمد عبد اللطيف عبد الرسول) في لعبة الجودو، واللاعب اللبناني (عبدالله منياتو) في لعبة «الفنون القتالية المختلطة»، واللاعبة السعودية (تهاني القحطاني) في لعبة «الجودو».
فماذا كان تصرف هؤلاء اللاعبين إزاء ما أوقعتهم القرعة في مواجهة مع لاعبين يمثلون الكيان الصهيوني؟ فقد رأينا أنّ اللاعبين الثلاثة (الجزائري – السوداني – اللبناني)، قد رفضوا ملاقاة لاعبي الكيان الصهيوني، وقرّروا كل على حدة، الانسحاب من المواجهة والمسابقة، معلنين أنّ كرامة الشعوب العربية عموماً، وكرامة الشعب الفلسطيني فوق كلّ الاعتبار، وأنّ ملاقاة مثل هؤلاء هو نيل من الكرامة العربية، حتى تتحرّر فلسطين المغتصبة. أما اللاعبة السعودية، فقد وافقت على مقابلة الصهيونية (هاز هيرشكو)، تأكيداً لقبول الرجعية العربية العميلة للاستعمار، للتعامل مع الكيان الصهيوني وقبول التطبيع معه، وكانت النتيجة هي الهزيمة الفادحة (12/ صفر)، للاعبة السعودية، ولصالح اللاعبة الصهيونية!! يا للعار على هذا الموقف العميل لهذه اللاعبة التي وافقت على ملاقاة الصهيونية في لعبة الجودو!!
نحن إذن أمام مشهد شعبي واضح للعيان يرفض التطبيع باستثناء الرجعية العربية وممثلته في الواقع السعودية، وقد تأكد قول الرئيس جمال عبد الناصر، الذي قال بوضوح، إنّ أعداء الأمة العربية ثلاث هم: الاستعمار العالمي وبقيادة الولايات المتحدة، والصهيونية العالمية وذريعتها الكيان الصهيوني الاستعماري المسمى «بإسرائيل»، ثم الرجعية العربية التي تضرب بخناجرها في ظهورنا، ويتظاهرون بأنهم أبناء عمومتنا. والرائع في هذا المشهد، هو أن تصرف ومسلك هؤلاء اللاعبين العرب، جاء كجزء من مشهد عروبي يرفض بل ويدين التطبيع قولاً.. وفعلاً. كما أنّ هؤلاء اللاعبين هم من الشباب دون الـ (25) عاماً، وهذا يعني أن كل محاولات فرض التطبيع على الشعوب طوال (45) عاماً تقريباً منذ عام 1977 (تاريخ زيارة السادات المشؤومة لإسرائيل)، قد فشلت فشلاً ذريعاً. ولم تستطع كل هذه المحاولات التطبيعية التي تورط فيها في الحكام الرسميون، وهم يمارسون دور الخيانة للقضية الفلسطينية بشكل سافر، أن تنجح، والدليل الدامغ هو ذلك الرفض الشبابي الشعبي، للتطبيع مع الكيان الصهيوني عبر المسابقات الرياضية.
وقد يلقى هذا المسلك الشبابي علينا، المسؤولية الأكبر في بذل المزيد من الجهود في سبيل توعية أبنائنا الشباب بحقيقة الصراع وضرورة رفض التطبيع في أي مجال، وحتمية المقاومة حتى زوال الكيان الصهيوني وتحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، وهو المشهد القريب بإذن الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ