تطوّرات في الساحة الأفغانية وموقف حرج للولايات المتحدة
أكدت حكومة أفغانستان أنها أبلغت روسيا بنيتها اقتناء مروحيات عسكرية منها، على خلفية مواصلة حركة «طالبان» تقدمها في أراضي البلاد.
ونقلت إذاعة «صدى موسكو» أمس، عن وزير الخارجية الأفغاني محمد حنيف أتمر، قوله في حديث لها: «من أجل تعزيز قواتنا الجوية، طلبنا من الجانب الروسي أن نقتني مروحيات جديدة منه».
وأوضح الوزير أنّ «الحكومة الأفغانية ستتحمل بنفسها تكلفة هذه الصفقة في حال إبرامها»، مضيفاً: «أنا في انتظار رد روسيا على هذا الطلب».
ولفت أتمر، حسب الإذاعة، إلى أن الحكومة الأفغانية طلبت من روسيا نوعاً آخر من التعاون، مشيراً إلى أن الحديث يدور عن ترميم مروحيات من طراز «مي-17» و»مي-35» سبق أن اقتنتها كابل من موسكو.
بدورها، أعلنت حركة طالبان سيطرة مسلحيها على مقر ولاية غزني وسط أفغانستان، في حين قالت وزارة الدفاع الأفغانية إن 27 مسلحاً من الحركة قتلوا في غارة جوية للقوات الأفغانية في ولاية بلخ شمالي البلاد.
وبوصولها إلى غزني تكون طالبان قد سيطرت على 10 ولايات في البلاد حتى الآن، حيث أعلنت أول أمس «سيطرتها على مدينة فيض آباد مركز ولاية بدخشان (شمالي أفغانستان)»، لتكون بذلك تاسع عاصمة ولاية تدخلها الحركة في أقل من أسبوع.
وقال المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد أول أمس عبر حسابه في «تويتر» إن «عدداً من جنود القوات الأفغانية انضموا إلى الحركة».
وأضاف أنه «بالإضافة لاستسلام الجنود، غنمت طالبان مروحية في مطار ولاية قندوز وأسلحة أخرى»، كما أفاد مصدر أمني أفغاني أن «مسلحي الحركة يسيطرون على السجن المركزي في ولاية قندهار جنوبي أفغانستان».
وقال ذبيح الله مجاهد إن «مقاتلي طالبان سيطروا على ولايتي بغلان وبدخشان شمالي شرق البلاد، وإنهم استهدفوا بالصواريخ قاعدة باغرام العسكرية شمالي العاصمة كابل».
وأشار إلى أن «الحركة باتت تسيطر على ولايات نيمروز وجوزجان وسربل وقندوز وتخار وسمنغان وفراه وبغلان وبدخشان».
في غضون ذلك، أقال الرئيس الأفغاني أشرف غني قائد الجيش من منصبه بعد اتساع سيطرة طالبان لتشمل مزيداً من الولايات في مناطق مختلفة من البلاد.
في حين قال البيت الأبيض إن «لدى القوات الحكومية ما يمكّنها من التصدي لطالبان»، مؤكداً «سحب القوات الأميركية في آجالها المحددة».
وأفاد مصدر حكومي أفغاني أنه «تمت إقالة قائد الجيش الأفغاني الجنرال ولي محمد أحمد زاي، وتعيين الجنرال هيبة الله علي زاي مكانه».
كما افتتح غني مركزاً للعمليات ضد مسلحي طالبان في الولايات الشمالية، وترأس اجتماعاً مع المسؤولين وزعماء القبائل.
وقال مصدر مقرب من الجنرال عبد الرشيد دوستم إنه «من المتوقع أن يكلفه غني بالإشراف على العمليات ضد مسلحي طالبان».
وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قال يوم الثلاثاء إن «حركة طالبان سيطرت على الحدود الأفغانية مع كل من أوزبكستان وطاجيكستان».
وأشار شويغو في تصريحات له إلى أن «طالبان تتقدم في أفغانستان وأن الحدود الأفغانية مع كل من أوزبكستان وطاجيكستان باتت تحت سيطرتها».
وفي سياق متصل، طالبت وزارة الخارجية الأفغانية باكستان بـ»إغلاق ما وصفتها بطرق الإمداد لحركة طالبان والإرهابيين المتحالفين معها»، وفق تعبيرها. وقالت الخارجية إن «إرهابيين مدعومين من جماعات إرهابية إقليمية لديهم ملاذات آمنة في باكستان ينطلقون منها للهجوم على أفغانستان».
وأضافت أن «كابل على مدى عقدين طالبت إسلام آباد باتخاذ خطوات صارمة ضد ملاذات الإرهابيين داخل أراضيها»، مشيرة إلى أن «حركة طالبان تنتهك التزاماتها الدولية عبر تصعيد العنف، وأيضا بفشلها في قطع العلاقات مع الجماعات الإرهابية الإقليمية والدولية».
من جهة ثانية، ذكر موقع أكسيوس نقلاً عن مصادر مطلعة على التطورات في أفغانستان، أن «سرعة سيطرة حركة طالبان على مناطق في أفغانستان خلال الأسبوع الماضي صدمت مسؤولين مخضرمين في الجيش ومجلس الأمن القومي الأميركيين».
كما نقلت عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن «الرئيس جو بايدن أقر (على مضض) أن حركة طالبان تشن ضربات بسرعة وبتنسيق مثير».
ونقلت عن عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، السيناتور بن كاردان، أنه «ناقش مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن، الاثنين الماضي، الوضع في أفغانستان وأنه ليست هناك فرصة لتغيير إستراتيجية الرئيس بايدن للانسحاب».
من جانبها، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي إن «الإدارة الأميركية تعمل على تسريع وتيرة الإجراءات الخاصة بإجلاء المتعاونين الأفغان وعائلاتهم».
وأضافت ساكي أنّ «الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم اللوجستي للقوات الأفغانية»، وتعتبر أن «لدى هذه القوات ما يمكّنها من التصدي لطالبان»، مؤكدة «سحب القوات الأميركية من أفغانستان وفق الآجال المحددة بمعزل عما تحققه طالبان من تقدم».
ورفضت المتحدثة باسم البيت الأبيض التعليق على ما يُقال عن احتمال سقوط العاصمة كابل في يد طالبان خلال 90 يوماً، وقالت إن «تقييم الإدارة الأميركية حالياً هو عدم وجود أي سيناريو حتمي»، وفق تعبيرها.
في حين قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، إنه «لن يتكهن بشأن الوضع الأمني في أفغانستان وإن تركيزهم على دعم القوات الأفغانية براً وجواً».
وأضاف كيربي أن «أعمال طالبان لا تتفق مع ما التزمت به على طاولة المفاوضات، وأن الحل السياسي هو الوحيد»، مؤكداً أن «طالبان مستمرة في إحراز تقدم، وأن هناك إستراتيجية عسكرية أفغانية نحن ندعمها بقدر الإمكان».
على الصعيد السياسي، تتواصل في العاصمة القطرية الدوحة الاجتماعات بين الدول المشاركة في المؤتمر الدولي الموسع بشأن أفغانستان.
ومن المتوقع أن تجتمع روسيا والولايات المتحدة الأميركية والصين وباكستان لمناقشة آخر تطورات الأزمة في أفغانستان.
وكان الوفد الحكومي الأفغاني برئاسة رئيس اللجنة العليا للمصالحة عبد الله عبد الله قد اختتم يوم الثلاثاء اجتماعاته مع وفود الدول المشاركة، وقد انضم وفد من حركة طالبان إلى الاجتماع.
وقال عبد الله إنهم سلموا قطر خطة الحكومة لإيجاد مخرج من الأزمة الحالية، مشيراً إلى أن «الوضع في أفغانستان خطير وحرج وهناك تهديدات محتملة على مستقبل البلاد».
وأضاف عبد الله أنّ «طالبان لم تظهر جدية في محادثات السلام ومن الواضح أنها لا تؤمن بالحل السياسي»، متهماً الحركة بـ»الحفاظ على علاقات مع من أسماهم الإرهابيين، بمن فيهم القاعدة خلافاً لالتزاماتها».
وأكد تأييده لـ»التوصل إلى حلّ سياسي عبر التفاوض وتعيين وسيط أو وسطاء لتنظيم المفاوضات».
في حين قال المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان، محمد نعيم، إن «الحركة متمسكة بحل المشاكل عبر الحوار رغم التقدم الميداني الذي تحققه».
وسبق أن أكد نعيم أن «طالبان لم تغلق المسار السياسي وأن وجود وفدها في الدوحة دليلٌ على تمسكها بالمفاوضات، ورغبة الحركة في حل سياسي للأزمة»، مشيراً إلى أنهم «لن يصمتوا إزاء أي جرائم ترتكب».
من جانبها، أكدت الخارجية الأميركية أن «جهودها بالدوحة تهدف إلى الضغط على طالبان للحد من العنف والانخراط بمفاوضات عاجلة للسلام»، منوهة إلى أن «السبيل الوحيد للاستقرار في أفغانستان يمر عبر التسوية السياسية».
وذكرت الخارجية الأميركية أنّ «التأخر في المحادثات بشأن أفغانستان مؤلم، وأن جميع المؤشرات الأخيرة تشير إلى أن طالبان تسعى للنصر العسكري في أفغانستان»، مؤكدة أنه «ليس من مصلحة جيران أفغانستان ولا طالبان استمرار الصراع.السفارة الأميركية في كابول تحث الأميركيين على مغادرة أفغانستان فوراً».
من جهتها، قالت السفارة الأميركية في كابول في إشعار نشرته على موقعها الإلكتروني إنّ «الولايات المتحدة حثت أمس، رعاياها على مغادرة أفغانستان على الفور باستخدام خيارات الرحلات الجوية المتاحة، وسط زحف طالبان المتسارع في أنحاء البلاد».
واستولى مقاتلو حركة طالبان على مدينة غزنة الاستراتيجية أمس، وأصبحوا على بعد 150 كيلومتراً فقط من العاصمة كابول. وهذا أحدث انتصار لمسلحي الحركة مع انسحاب القوات الأميركية من البلاد مما ترك الحكومة الأفغانية تقاتل وحدها.