حرائق مدمّرة تحطم أرقاماً قياسية وتهدّد العالم
أكد تقرير تاريخي للأمم المتحدة حول تغير المناخ، صدر يوم الإثنين 9 آب الحالي، أنّ «حرائق الغابات المدمرة في عام 2021 حطمت الأرقام القياسية»، مشيراً إلى أن «الأقمار الصناعية تتعقب كل شيء».
ففي الولايات المتحدة، أصبح حريق ديكسي أكبر حريق هائل في تاريخ كاليفورنيا، حيث دمر أكثر من 700 ميل مربع (1،811 كيلومتراً مربعاً) من الأرض (اعتباراً من 8 آب).
فيما اضطرت الدول الأوروبية حول البحر الأبيض المتوسط، مثل اليونان وتركيا وإيطاليا، إلى إجلاء السكان وكذلك السياح، من العديد من وجهات عطلاتهم التي يقضونها عادة بين المناظر الطبيعية الخلابة هناك.
وفي سيبيريا، وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة في شمال شرق روسيا، كذلك، حيث حطمت حرائق الغابات بالفعل الأرقام القياسية السنوية لانبعاثات الغازات المرتبطة بالحرائق.
وقد لا تشغل الحرائق الروسية في سيبيريا تغطية إعلامية كبيرة، لكنها في الواقع تقلق العلماء أكثر من غيرها.
وفي هذا الصدد، قال مارك بارينجتون، كبير العلماء في خدمة مراقبة الغلاف الجوي «كوبرنيكوس»: «في كل هذه المناطق، شمال غرب الولايات المتحدة وسيبيريا والبحر المتوسط، نتوقع بعض الحرائق في الصيف، لكن السمة المشتركة هذا العام هي موجات الحرارة غير العادية وظروف الأسطح الجافة، ما يعني أن مخاطر الحريق عالية. ونتيجة لذلك، نرى تلك الحرائق تشتعل لفترات أطول بكثير مما نراه في العادة».
ومنذ أواخر الربيع، كانت الأقمار الصناعية توفر صوراً لمناطق شاسعة من التايغا بالقرب من الدائرة القطبية التي تلتهمها النيران. ومع محاولات الحكومة الروسية الحثيثة للسيطرة عليها، مما أدى إلى إنتاج مكافئ ثاني أكسيد الكربون أكثر من متوسط إنتاج بلد أوروبي في عام واحد.
وأضاف بارينجتون: «من بين المناطق الثلاث التي ضربتها حاليًا حرائق مدمرة، يبدو أن سيبيريا تشهد اتجاهًا يزداد سوءاً بشكل مستمر على الأقل خلال السنوات الخمس الماضية. العام السابق لانبعاثات حرائق الغابات التي حطمت الرقم القياسي كان عام 2020، والذي شهد اندلاع العديد من حرائق الغابات غير المتوقعة خلف الدائرة القطبية. نجا العديد منهم من الشتاء وهم يحترقون في الخث حيث حرائق الزومبي فقط، لتعود إلى الحياة في الربيع عندما تصبح درجات الحرارة أكثر دفئاً».
ووفقاً لبيانات CAMS، فقد انبعثت من حرائق الغابات في سيبيريا منذ حزيران أكثر من 188 ميغا طن من الكربون، وهو ما يعادل حوالي 505 ميغا طن من ثاني أكسيد الكربون. وبالمقارنة، فإن أكبر ملوث في أوروبا، في ألمانيا، حيث أطلق 750 ميغا طن من ثاني أكسيد الكربون في عام 2018 بأكمله.
كما فقدت المنطقة ما يقرب من 19300 ميل مربع (500000 كيلومتر مربع) من الغطاء النباتي بسبب الحرائق، وفقاً لتقديرات نهاية تموز.
وبدأت الحرائق في غرب الولايات المتحدة، التي أثارتها موجة الحر التي حطمت الرقم القياسي الشهر الماضي، في وقت متأخر عن تلك الحرائق في سيبيريا، لكنها نمت أيضاً إلى أبعاد قياسية.
فيما تُظهر الصور، التي حصلت عليها الأقمار الصناعية لشركة مراقبة الأرض الأمريكية Maxar Technologies، الغابات حول بحيرة المنور، في شمال شرق كاليفورنيا، وقد دمرتها النيران.
والتهمت الحريق أيضاً مدينة التعدين التاريخية جرينفيل، وأضرمت النار في العديد من مبانيها التي تعود إلى أوائل القرن التاسع عشر.
كما وُصفت حرائق الغابات في تركيا بأنها الأسوأ منذ عقد على الأقل. امتدت لتصل جزيرة إيفيا، على بعد حوالي 60 ميلاً (100 كيلومتر) من عاصمة اليونان أثينا.
وعلى الرغم من أن نشاط الحرائق يعتمد على ظروف الأرصاد الجوية التي يمكن أن تختلف كل عام، فإنه وبحسب الأمم المتحدة، من المرجح أن يزداد الوضع العام سوءاً في المستقبل حيث يصبح المناخ في العديد من هذه المناطق أكثر سخونة وجفافًا في أشهر الصيف.
وتسبّبت حرائق في دمار كبير بالعديد من بلدان منطقة حوض البحر المتوسط خلال الأيام الماضية، إذ اندلعت حرائق ضخمة في تركيا واليونان ولبنان وقبرص.
كما شهدت 18 ولاية في الجزائر حرائق غابات مهولة، أهمها في ولاية تيزي وزو التي تحصي أغلب الوفيات، بينما تتواصل عمليات إخماد النيران في مواقع عديدة، فاقت حسب الحماية المدنية الـ100 حريق.
وذكر التلفزيون الرسمي الجزائري أن «عدد ضحايا حرائق الغابات التي تشهدها البلاد ارتفع إلى 65 شخصاً».
وأضاف أنّ من بين الضحايا «28 عسكرياً و37 مدنياً، في حين يتواجد 12 عسكرياً في حالة حرجة بالمستشفى».
وفي كلّ صيف تتعرض الجزائر لحرائق غابات، لكن نادراً ما تتفاقم الكارثة مثلما حدث هذا العام.
ولم تسلم تونس المجاورة للجزائر من الحرائق أيضاً، وسجلت درجة الحرارة في العاصمة تونس رقماً قياسياً، إذ بلغت 49 درجة مئوية، يوم الثلاثاء.
وسجلت خدمات الطوارئ التونسية 15 حريقاً في الشمال والشمال الغربي، لكن دون وقوع إصابات.