سببٌ واحد كفيل باستهداف تحالف الفتح
} زين العابدين الحيدري
بنظرة سريعة لسلوك الولايات المتحدة الأميركية تجاه منطقة غرب آسيا منذ مطلع القرن الحالي حتى الآن يمكن استشعار ثلاثة استراتيجيات؛
أولاً) استراتيجية التواجد المباشر العسكري في المنطقة والذي رسم بتخطيط عقول أميركية كـ فرانسيس فوكوياما…
وهو واحد من منظري المحافظين الجدد، حيث أسّس هو ومجموعة من هؤلاء في العام 1993 مركزاً للبحوث عرف آنذاك بـ «مشروع القرن الأميركي»، وقد دعا هو ورفاقه الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون إلى ضرورة التخلص من النظام العراقي، ووقع على خطاب مماثل وجه إلى الرئيس بوش في أعقاب هجمات 11 أيلول 2001،
فكانت أميركا على أعتاب حروب واجتياحات لافغانستان والعراق لتخلف الملايين من النازحين والمهجرين والشهداء والجرحى.
وكان العراق مختلفاً في التعامل مع الاحتلال الأميركي حيث تصدّى له بممارسته «المقاومة السياسية والمقاومة العسكرية» المؤدّيتين الى إخراج القوات الأميركية وحلفائها عام ٢٠١٢.
ثانياً) استراتيجية الحرب بالإنابة وهي عبارة عن تواجد مباشر في الساحة دون الإقحام في الصراع ودعم الخلايا المقاتلة بالمال والسلاح والمعلومات وتوفير الغطاء الجوي لهم وكان العراق ضحية هذه الإستراتيجية الدامية بدءاً بأيام القاعدة مروراً بالزرقاوي ختاماً بداعش.
فكان العراق مختلفاً أيضاً حيث برز الى الإرهاب المدعوم دولياً أشجع الناس لدحره.
ثالثاً) إستراتيجية الاقتتال الشيعي الشيعي التي ظهرت بوادرها منتصف عام ٢٠١٨ في احدى المحافظات العراقية، وبلغت ذروتها عام ٢٠١٩، وكانت بعض الأطراف تعضّ إصبعها دائماً وهي تنزف كي لا تقع في فخ الاقتتال الشيعي بفعل ممارسة أعلى درجات الضغط والاستفزاز.
وقد لا يُخفى على أحد انّ هذه الإستراتيجية هي الأخطر على الإطلاق… فالاحتلال وحَّد العراق وعزز وحدته كما تعززت أمام داعش وانبثق «الحشد الشعبي» من رحم تلك الأزمة.
إلا انّ فتنة من هذا النوع لا تُعالج بسلاحٍ استراتيجي هدفه عدو خارجي، بل ستبقى الأطراف المتنازعة تنزف حتى الاحتضار.
مثل هذه الاستراتيجية بالعادة تكون في غاية الدقة ولتنفيذها يحتاج العدو الى دراسة معمّقة وبيئة حاضنة وقيادات سياسية غير مكترثة وقيادات ميدانية مطيعة.
دراسة سيكيولوجية الفرد العراقي تضع مجموعة خيارات محدودة فقط يمكن استغلالها لتفجير الأوضاع باتجاه الاقتتال الشيعي ومن أهمّها هو العزف على وتر الخلاف في مساحات تحضى بالتقديس.
هنا يضع تحالف الفتح معالجة جذرية قائمة بذاته لأخطر استراتيجيات العدو، فإنه مزيج من شرائح المكوّن الشيعي يتكوّن من أهمّ ركائز تيار شهيد المحراب والتيار الصدري، وهذا ما سيمنع العراق من الوقوع في فخ الاقتتال الشيعي الشيعي.
هذا هو سبب الاستهداف الأبرز لتحالفٍ رجالات استطاعوا ان يقفوا بوجه كلّ أنواع التخطيط الأميركي المتغيّر مع متغيّرات الزمان والظروف والبيئة، فهم أساس وعماد مقاومة الاحتلال كما كانوا أساس وعماد الحشد الشعبي، وها هم أكثر الجهات التزاماً بضبط الإيقاع وعدم الانفلات.
وهذا هوسببٌ واحد… كفيل باستهداف تحالف الفتح!