أخيرة

العبيد لا يحرّرون وطناً…

} يكتبها الياس عشي

تساءلت بيني وبين نفسي: إلى أي مدى يمكن لشعب أن يطالب بالحرية إذا لم يكن جديراً بانتزاعها؟ أو إذا لم يكن على استعداد للقتال في سبيلها؟

هذه الأسئلة راحت تلحّ عليّ أكثر وأنا أراقب الصراع القائم بين فريقين من العالم العربي: فريق يموت كي يخرج من قافلة العبودية للكيان الصهيوني، وآخر قانع بالحليب والصرّ لأسياده القابعين في البيت الأبيض وفي كثير من دول العالم .

إزاء ذلك عدت إلى العصر الجاهلي مستعيناً به للتأكيد: أن العبيد لا يحرّرون وطناً.

وإليكم الحكاية:

رفض شدّاد أن يعتق ابنه عنترة المولود من أمَة حبشية، رغم فروسيته، ورغم الذود عن قبيلته «عبس» في حرب «داحس والغبراء» التي خاضتها ضدّ قبيلة «ذبيان»، والتي استمرّت أربعين عاماً.

وإذا ألحّ عنترة في الطلب، كان أبوه يرفض عتقَه، ويذكّره بأنّ دوره في القبيلة لا يتعدّى خدمة أسياده، وتأمين مستلزمات حياتهم اليومية، كالحلاب والصرّ على سبيل المثال.

وفي يوم فاجأت «ذبيان» العبسيين، ودخلت خيامهم على مرأىً من «عنترة» الذي لم يتحرك للدفاع عن عشيرته، فصاح أبوه شدّاد:

– ويحَك يا عنترةُ… كُرَّ.

فأجابه عنترة:

-العبد لا يحسن الكرَّ، وإنما يحسن الحلاب والصرَّ.

فقال شداد:

– ويحك يا عنترة… كرّ وأنت حرّ.

فما كان من عنترة إلا أن دخل المعركة، وقتل من قتل، وأسر من أسر، وحوّل الهزيمة إلى انتصار، ونال حريته، وتزوّج ابنة عمّه عبلة.

فهل وصلت الرسالة أيها المهرولون باتجاه التطبيع؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى