عندما يتباكى السياسيون ويمشون في جنازة ضحاياهم!
} عمر عبد القادر غندور*
قبل ان ينطفئ اللهب في أجساد ضحايا بلدة تليل العكارية، سارع العديد من أركان الطبقة السياسية الفاسدة الى إطلاق التصريحات النادبة والباكية واللاطمة والمتأسفة على سقوط الضحايا المظلومة في الانفجار، استثماراً واستغلالاً لمصائب الناس ووجعهم، تحضيراً وتحصيناً وتهيئة لجولة الانتخابات المقبلة، متوهّمين انّ الناس أغبياء لا يعرفون انّ هؤلاء الغيارى المتباكين على ضحايا بلدة تليل هم مَن أوصل البلاد والعباد إلى ما وصلنا اليه! وقد كشفت التحقيقات الأولية في انفجار تليل انّ الأرض التي احتوت الخزان الملعون تعود لأحد أنصار تيار سياسي! والبنزين المخزن يعود لاحد انصار التيار السياسي نفسه! وانّ معظم المهرّبين للمحروقات عبر الحدود يتمتعون بحمايات سياسية جعلتهم أقوى من جميع الأجهزة الأمنية المكلفة بمنع التهريب !
وجريمة انفجار المرفأ تشهد انّ وصول باخرة النيترات القادمة من جورجيا دخلت حرم المرفأ وأفرغت في العنبر ١٢ ومكثت سنوات وسنوات بعهدة وزراء ومدراء وأجهزة رســمية قــبل ان تنفجــر وتدمــّر ربع العاصمة وتزهق أرواح المئات وآلاف اللبنانيين! ولا نتحــدّث عن مغارة الأربعين حرامي المتمثلة بالحكومات المتعاقبة على رقاب اللبنـــانيين منذ ثلاثة عقــود على الأقلّ! ولا نتحدث عن سرقة أموال المودعين في المصارف اللبنانية وهي أكبر عملية لصوصية تشهدها دولة في العالم على خلفية استدانة المصرف المركزي لهذه الأموال بفوائد عالية ثم صرفها بعلم الحكومات ووزراء المالية المتعاقبين، ومن ثم منع التحقيق المالي !
ومن حق اللبنانيين اليوم أن يسألوا عن مصير سبائك الذهب في المصرف المركزي؟ وهل ما زالت محفوظة بالكامل؟
اما ان يتناوب الكثير من السياسيين اليوم على استنكار ما حدث في تليل والتباكي على الضحايا فهم أشبه بالقتلة الذين يشيّعون ضحاياهم ويذرفون عليهم دموع التماسيح !
نعتقد انّ الشعب اللبناني اذكى من ان تنطلي عليه اليوم هذه الأدوار الدرامية الكاذبة، وقد آن الأوان للفظ الارتهان والتبعية والاستزلام!
نأمل أن يحتكم الشعب للعقل ولاحترام ذاته، ولو بعد ان دفع الوطن أثماناً باهظة لا ندري انْ كان بالإمكان تعويضها؟