التطورات الأفغانية تثير جدلاً عالمياً.. طالبان: سنحكم وفق الشريعة الإسلامية
إعداد سماهر الخطيب
قال المتحدث باسم حركة طالبان وحيد الله الهاشمي، إنّ «أفغانستان لن تكون ديمقراطية»، مشيراً إلى أنها «ستحكم وفق الشريعة الإسلامية».
في حين أثارت التطورات الأفغانية مخاوف من انتقال التوتر إلى دول الجوار، إذ تجاور أفغانستان كل من طاجكستان وأوزبكستان وتركمانستان من الشمال، وإيران من الغرب، وباكستان من الشرق والجنوب، والصين من الشمال، ولدى كل هذه الدول مخاوف أمنية بشأن الحدود.
وتعتبر أطول تلك الحدود مع باكستان، وتمتد على مسافة أكثر من 2600 كيلومتر. وعززت باكستان قواتها هناك، وتحدثت عن إكمالها بناء 90% من سياج شائك يهدف إلى منع العبور غير القانوني للمسلحين ومكافحة تهريب المخدرات وتدفق اللاجئين.
أما مع إيران، فيبلغ طول الحدود نحو 945 كيلومتراً، وفيها سيطرت طالبان على المعابر، وأبرزها إسلام قلعة وأبو نصر فراهي.
وتعمل إيران على تعزيز قواتها على الحدود لمحاربة تهريب المخدرات والهجرة غير النظامية، حيث التقت السلطات الإيرانية قادة من طالبان بهدف ضمان أمن الحدود.
في حين تبلغ طول الحدود مع طاجيكستان نحو 1345 كيلومتراً. وقد استنفرت طاجيكستان 20 ألف عسكري لتأمين حدودها ومحاربة ما وصفتها بأعمال التطرف والاتجار بالمخدرات.
كما أجرت مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، التي أعلنت تخصيص أكثر من مليون دولار لطاجيكستان لبناء نقاط حدودية جديدة بمنطقة خاتلون.
أما حدود أفغانستان مع أوزبكستان فتصل 144 كيلومتراً، وقد أجرت القوات الأوزبكية مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا قرب الحدود الأفغانية. فيما طول الحدود مع تركمانستان فيبلغ نحو 804 كيلومترات.
ومع الصين يصل طول الحدود إلى 76 كيلومتراً فقط، وتقع في منطقة جبلية، وقد أعلنت الصين تعاون أجهزتها الأمنية لحفظ الأمن على الحدود، كما استقبلت وفداً من حركة طالبان.
وفي سياق ما تشهده الساحة الأفغانية من تطورات، أعلنت وزارة الخارجية الإماراتية، أمس، وجود الرئيس الأفغاني أشرف غني، وعائلته، على أراضيها، مشيرة إلى أنها رحبت بهم لأسباب إنسانية.
وكانت السفارة الروسية في كابول كشفت أنّ الرئيس الأفغاني، أشرف غني، هرب من كابول مع سيارات مليئة بالأموال، بقي بعضها في المطار لعدم تمكنه من نقل الأموال كلها.
كما أكد أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، أول أمس أنّ “الانهيار في أفغانستان كان سريعاً ومفاجئاً ولم يكن بالإمكان التنبؤ به”.
الصين وإعادة الإعمار
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، في إفادة صحافية، أمس، إن «بكين ستساعد في إعادة الإعمار الاقتصادي لأفغانستان، في إطار إمكانياتها».
وأضاف تشاو ليجيان أنّ «الصين اتبعت دائماً سياسة ودية مع الشعب الأفغاني بأسره، ولن يتغير هذا أبداً».
وأكد أنّ «الوضع في أفغانستان قد شهد تغيرات كبيرة في الآونة الأخيرة، وبعد أكثر من 40 عاماً من الحرب وعدم الاستقرار، يتوق الشعب الأفغاني إلى السلام».
وشدّد على أن «الصين تأمل في أن تتمكن جميع الأطراف في أفغانستان من حل خلافاتها من خلال الحوار والتشاور، وتجنب الحروب الجديدة ومنع الكوارث الإنسانية، وتسهيل الانتقال السلس في البلاد».
روسيا وإرساء السلام
فيما أعلن المكتب الصحفي للكرملين، أمس، أن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ناقش مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، عبر اتصال هاتفي، الوضع في أفغانستان».
وجاء في بيان الكرملين: «أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثة هاتفية مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حيث تم إيلاء الكثير من الاهتمام للأحداث التي تجري في أفغانستان، وتمّ التعبير عن الاستعداد للمساهمة في إرساء السلام والاستقرار في هذا البلد».
وأضاف البيان: «تمت مناقشة آفاق استئناف تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني».
وتابع البيان: «هنأ فلاديمير بوتين، إبراهيم رئيسي، بفوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وتوليه منصبه».
كما بحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو خلال محادثة هاتفية الوضع في أفغانستان، وحثّا الأطراف الرئيسية على ضمان الأمن هناك.
وأوضحت الخارجية الروسية في بيان أنّ “لافروف وجاويش أوغلو بحثا الأوضاع في أفغانستان بالتفصيل، وأعربا عن اهتمامهما المشترك بتحقيق الاستقرار هناك”.
ووفق البيان، فإنّ الطرفين “دعيا القوى الوطنية الرئيسية إلى ضمان الأمن والنظام في البلاد في أسرع وقت ممكن”.
كما جاء في البيان أنّه “تم التطرق إلى قضايا أخرى على جدول الأعمال الدولي والثنائي، وتم النظر في جدول الاتصالات الثنائية القادمة على أعلى المستويات”.
كذلك أعلنت السفارة الروسية لدى أفغانستان، أمس، أن “البعثة الأممية تعتقد أن الوضع يستقر في أفغانستان وتخطط لاستئناف الأنشطة في قندوز وجلال آباد وقندهار”.
وقال السكرتير الإعلامي للسفارة الروسية، نيكيتا إيشينكو، “إنهم (بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان) بحاجة إلى موظفين جدد. وسيستأنفون أنشطتهم في قندوز وجلال آباد وقندهار، نظرًا لاستقرار الوضع”.
وأوضح أنه لهذا السبب، وصلت طائرة تابعة لشركة الطيران الروسية “يو تي آير” إلى العاصمة الأفغانية؛ وتم استئجارها لنقل موظفي الأمم المتحدة.
إيران تطالب أميركا والناتو بالتعويض
فيما هاجم وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، بسبب انسحابهم من أفغانستان، مؤكدا أنهم تركوها عندما لم يتمكنوا من تحقيق مصالحهم باسم الديمقراطية والحرب على الإرهاب».
ووصف ظريف، في تدوينة على «تويتر»، أمس، كل من الولايات المتحدة الأميركية ودول الناتو بدعاة الديمقراطية، الذين يحتلون البلاد من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة».
وقال: «كل أحاديثهم عن الديمقراطية والحرب على الإرهاب وتصريحاتهم التي كانوا يدلون بها عن الأحداث في أفغانستان تؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية والناتو، قاموا بغزو واحتلال أفغانستان وأماكن أخرى، لتحقيق مصالهم».
وأضاف ظريف: «لم يتمكنوا من تحقيق أي شيء حتى مصالحهم الخاصة».
وقال وزير الخارجية الإيراني: «يجب على الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو تعويض أفغانستان… هذا التزام لا لبس فيه».
تراجع التأييد لبايدن
أميركياً، أظهر استطلاع للرأي تراجع التأييد الشعبي للرئيس الأميركي جو بايدن ووصوله إلى أدنى مستوى له منذ توليه منصبه، في حين أعرب العديد من أعضاء الكونغرس الأميركي عن خيبة أملهم إزاء التطورات في أفغانستان.
في حين أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مباحثات ثنائية مع وزير الخارجية الكندي، مارك غارنو، تناولا خلالها تطورات الأوضاع في أفغانستان، بعد انسحاب القوات الأميركية منها.
وكتب بلينكن على “تويتر”، أمس: “تحدثت مع وزير الخارجية الكندي مارك غارنو، الليلة الماضية، عما نبذله من جهود في أفغانستان”.
وتابع: “حماية وتأمين مواطنينا والمواطنين الأفغان المعرضين للخطر لا تزال على قمة أولوياتنا بشأن أفغانستان”.
وكشف استطلاع “رويترز إيبسوس” الذي أجري الإثنين الماضي، أنّ 46% من الأميركيين البالغين يؤيدون أداء بايدن في منصبه، فيما يعد أدنى مستوى سجل في استطلاعات الرأي الأسبوعية منذ تولى بايدن الرئاسة في كانون الثاني الماضي.
وكانت نسبة التأييد لبايدن 53% في استطلاع مماثل لرويترز/إبسوس أجري يوم الجمعة الماضي.
وتراجعت شعبية بايدن بعد أن دخلت طالبان العاصمة كابل منهية الوجود العسكري الأميركي الذي استمر 20 عاماً، وكلف دافعي الضرائب في الولايات المتحدة تريليونات الدولارات وآلاف الأرواح.
لكن غالبية الناخبين الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء قالوا إن “الفوضى مؤشر على أن الولايات المتحدة كان عليها أن تغادر”.
ووجد استطلاع منفصل أجراه معهد إبسوس يوم الاثنين أن “أقل من نصف الأميركيين أيدوا الطريقة التي قاد بها بايدن الجهود العسكرية والدبلوماسية الأميركية في أفغانستان هذا العام”.
وصُنف الرئيس الأميركي بأنه “أسوأ من الرؤساء الثلاثة الآخرين الذين أشرفوا على أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة”.
من ناحية ثانية، أعرب العديد من أعضاء الكونغرس الأميركي عن خيبة أملهم إزاء التطورات في أفغانستان، ومن المقرّر أن يعقد المشرعون جلسة استماع لمناقشة أخطاء إدارتي الرئيسين السابق دونالد ترامب، والحالي جو بايدن.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز إنّ “أحداث الأيام الأخيرة شكلت ذروة لسلسلة الأخطاء التي ارتكبتها الإدارات الجمهورية والديمقراطية خلال الـ20 عاماً الماضية”.
وأضاف: “نرى الآن النتيجة الرهيبة لسنوات من الإخفاقات في المناهج السياسية وإخفاقات الاستخبارات”.
وأكد مينينديز أن لجنته “ستجري جلسة استماع حول السياسات الأميركية في أفغانستان، بما في ذلك مفاوضات إدارة ترامب مع طالبان، وتنفيذ إدارة بايدن لخطة الانسحاب، من دون أن يقدم أية معلومات عن تاريخ عقد الجلسة”.
بدوره، أكد رئيس لجنة شؤون الاستخبارات في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي مارك وارنر، أنه يعتزم العمل مع لجان أخرى “لطرح أسئلة صعبة ولكن ضرورية” عن أسباب عدم استعداد الولايات المتحدة لمثل هذا التطور في أفغانستان.
من جهة أخرى، واصل الأعضاء الجمهوريون في الكونغرس انتقاد سياسات إدارة بايدن في أفغانستان.
وقال الجمهوريون في لجنة شؤون القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي في رسالة إلى البيت الأبيض أول أمس الثلاثاء، إنّ “الأزمة الأمنية والإنسانية التي تتطور الآن في أفغانستان كان من الممكن تجنبها في حال قمتم بوضع خطط ما”.
وفي السياق ذاته، كشف موقع شبكة “فوكس نيوز” الأميركية عن “قطع بايدن إجازته المجدولة حتى نهاية الأسبوع في كامب ديفيد، وعودته للبيت الأبيض مع تزايد الانتقاد لإدارته من كلا الحزبين”.
ألمانيا ستمنح تأشيرات دخول للأفغان
أما على الصعيد الأوروبي، فقال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية، أمس، إن بلاده «ستمنح تأشيرات دخول إلى الأفغان الذين عملوا مع قواتها لأسباب إنسانية»، مضيفاً أنّ «موظفي الدعم لا يعتبرون لاجئين».
وأضاف ماريك ويدي في مؤتمر صحافي حكومي في برلين: «إنهم لا يأتون إلى ألمانيا كلاجئين. هذا ليس له علاقة ببرنامج اللاجئين».
وشدد على أنه «لم يتم اتخاذ أي قرار شامل لاستيعاب جميع الأفغان الذين عملوا في أي وقت مع المنظمات الألمانية في أفغانستان، وأنه يتم إصدار التأشيرات للعمال المعرضين للخطر بعد تقديمهم للقبول».
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية كريستوفر برغر، إنه «تمّ إجلاء 202 أفغاني بحلول يوم أمس الأربعاء. هذا بالإضافة إلى 1900 أفغاني وصلوا قبل تموز، وتمّ إصدار 2400 تأشيرة دخول للأفغان قبل انسحاب القوات الألمانية».
بريطانيا ستعطي فرصة
أما بريطانيا فقال رئيس وزرائها، بوريس جونسون، أمس، إن بلاده «ستحكم نظام طالبان بناءً على الخيارات التي سيتخذها وعلى أفعاله، وليس على أقواله.. على سلوكه حيال الإرهاب والجريمة والمخدرات، كذلك على حقّ الوصول للمساعدات الإنسانية وحقوق الفتيات في الحصول على التعليم».
ودعا جونسون، في كلمة أمام البرلمان، إلى «مناقشة الوضع في أفغانستان»، لكنه استبعد إجراء تحقيق بشأن الفترة التي قضتها بريطانيا هناك، قائلاً إنّ «معظم الأسئلة تم الرد عليها بالفعل».
وتابع: «سنفعل… كل ما في استطاعتنا لدعم من ساعدوا بعثة المملكة المتحدة في أفغانستان، وسنعمل بكل طاقتنا لدعم المنطقة الأوسع حول أفغانستان، وسنفعل كل ما يمكن لتجنب حدوث أزمة إنسانية».
وقال إنّ «الاعتقاد بأن أي بلد في حلف شمالي الأطلسي يريد استئناف العمل العسكري في أفغانستان بعد سيطرة طالبان ما هو إلا (وهم)».
وأضاف: «هذه الفكرة انتهت مع المهمة القتالية في 2014، ولا أعتقد أن نشر عشرات الآلاف من الجنود البريطانيين لقتال طالبان هو خيار مطروح».
وأكّد جونسون أن «المملكة المتحدة أجلت 306 بريطانيين و2052 أفغانياً»، موضحاً أنه «تمت معالجة طلبات ألفي مواطن أفغاني آخر وتجري معالجة طلبات أخرى حالياً».
كما أجرى الرئيس الأميركي جو بايدن محادثة مع جونسون، أول أمس، بشأن الوضع في أفغانستان، واتفقا على «عقد اجتماعٍ افتراضي لقادة مجموعة السبع، الأسبوع المقبل، لمناقشة وضع استراتيجية ونهج مشتركين».
من جهته، قال قائد الجيش البريطاني، أمس، إنه «ينبغي أن يعطي العالم حركة طالبان متسعاً لتشكيل حكومة جديدة في أفغانستان، وربما يكتشف بعدها أن الذين تعامل معهم طيلة عقود على أنهم متشددون قد أصبحوا أكثر عقلانية».
وقال قائد أركان الدفاع البريطاني، نيك كارتر، إنه على «اتصال مع الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي»، مضيفاً أن «كرزاي يجتمع مع طالبان اليوم».
وتابع: «علينا أن نتحلى بالصبر، وعلينا أن نمسك أعصابنا وأن نمنحهم فرصة لتشكيل حكومة وأن نعطيهم متسعاً لإظهار إمكاناتهم… ربما كانت طالبان هذه مختلفة عن طالبان التسعينات التي يتذكرها الناس».
وأكد أن «طالبان هذه أكثر عقلانية، لكن ما يجب علينا أن نتذكره جيداً أنها ليست منظمة متجانسة.. طالبان مجموعة من شخصيات قبلية متباينة جاءت من كل أطياف الريف الأفغاني».
وأضاف أن «طالبان ربما تكون الأكثر تعقلاً.. إنها أقل قمعية. وإذا نظرنا للطريقة التي تحكم بها كابول في الوقت الراهن، فسنجد مؤشرات على أنها أكثر عقلانية».