الفساد السياسي يحاول إعادة إنتاج منظومته…
} عمر عبد القادر غندور
باتت السرقات في لبنان ظاهرة يومية في مختلف مناطقه تدمّر حياة اللبنانيين وأمنهم الاجتماعي الى جانب فوضى عارمة على وقع الأزمة الاقتصادية الأكبر في العالم، ما يتسبّب يومياً بسقوط ضحايا على كامل الأراضي اللبنانية.
ويقول تقرير صادر عن الوكالة الدولية للمعلومات ووفقاً ليوميات قوى الأمن الداخلي انّ في الشهرين الماضيين من العام ارتفعت جرائم القتل والسرقة عن العام 2020 الى 144%. وفي جرائم القتل ازدادت النسبة الى 45.5%. وبلغ عدد القتلى خلال شهري كانون الثاني وشباط 2021 32 قتيلاً مقابل 22 في الفترة ذاتها من العام 2020. في وقت يعيش فيه أكثر من نصف سكان لبنان تحت خط الفقر حتى أنّ الأجهزة الأمنية تعاني من عجز في مواجهة الفلتان والفوضى والفقر.
وبالإضافة الى السرقات الكلاسيكية كالكسر والخلع والسلب ونشل وسرقة السيارات يتميّز بلدنا بسرقات مقوننة يقوم بها كبار الموظفين في الدولة والإدارات الرسمية والمسؤولين من الطبقة الفاسدة عن طريق الصفقات والمتعهّدين والتلزيمات التي تسجل أرباحاً تزيد عن الألف بالمئة، وقد بلغ إجمالي الدين العام حتى نهاية (2020) 85.4 مليار دولار تشكل نسبته 13.4 بالمئة من الناتج المحلي وهو ما جعل دولتنا العلية تتوقف رسمياً عن تسديد ديونها الخارجية حتى العام 2035.
وكما كانت الطبقة السياسية في لبنان تنتمي الى البلوتوقراطية وهو النظام السياسي الذي تسيطر فيه الطبقة السياسية على مقدرات البلد عبر إمساكها بالسلطة التي التي تولد طبقة الأغنياء وأصحاب الثروات، وهو الحاصل في لبنان عبر اندماج نظام تحالفي يمسك السلطة السياسية الى جانب مافيات لصوصية تسطو على الثروة بوسائل عديدة تتمّ شرعنتها بآليات عمل حكومية رسمية عبر مشاريع وبرامج وهمية لسرقة المال العام، وتفريخ مافيات الفساد المتحكمة بمفاصل الدولة في لبنان ببدلة رسمي وربطات عنق غالية.
وفي موسم الانتخابات يُعاد انتخاب هذه الطبقة السياسية في غفلة عن العقل وليس قطعاً في خدمة القواعد الشعبية، بل لضمان المزاريب المالية من المال العام لتوفير العائدات المالية للأحزاب والزعامات السياسية لبقاء وجودها في داخل دائرة السلطة والنفوذ!
ولأنّ المحاسبة والرقابة على الأداء السياسي كانت ولا تزال غائبة عن الجماهير الناخبة تستمرّ الفوضى والنهب والخراب والاحتكار والسرقة حتى طالت ودائع اللبنانيين ولأنّ الاقتصاد اللبناني دخل في النفق المظلم، تعثرت حياة اللبنانيين الى الدرك الأسفل بالتزامن مع تأزم الاوضاع السياسية ولا مؤشر على حلّ، ونرى كيف يتعثر تشكيل الحكومة لأكثر من سنة.
وتقول دراسة صادرة عن مرصد الجامعة الأميركية في بيروت انّ حياة اللبنانيين المعيشية باتت لا تطاق، وانّ الانكماش والفساد ظهرا في صعوبة الحصول على السلع الأساسية كالحليب والوقود والدواء ما جعل لبنان من أكثر الدول فشلاً وفساداً وتراجع ترتيبه 36 مركزاً على مدى خمس سنوات ليصبح ترتيبه عام 2021 بين الدول الـ 34 الأكثر فشلاً من أصل 179 دولة شملها التصنيف!
وبموازاة هذه الحقائق تستمرّ الطبقة السياسية في عرقلة تشكيل الحكومة وتصرّ على حصصها ومكاسبها ولو مات جميع اللبنانيين.
والأكثر إيلاما، انه ليس في لبنان المنهوب والمفلس لص واحد يطاله القانون من غير الجياع المهمّشين الذين ليس لهم من يحميهم !