رئاسة الجمهورية ردّت على رؤساء الحكومات السابقين: توقيت بيانكم مريب وعون وضع نفسه بتصرّف المحقق العدلي
ردّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية على بيان رؤساء الحكومات السابقين، بموضوع إصدار المحقق العدلي القاضي طارق البيطار ورقة إحضار بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب، معتبراً أن «من المؤسف حقاً اتهام رئيس الجمهورية في موضوع تفجير المرفأ في حين أنه وضع نفسه بتصرف المحقق العدلي لسماع شهادته». و أشار إلى «أن العدالة لا تنال من أي موقع دستوري إذا مورست من المرجع المختص وأن لبنان عانى ولا يزال من الخطوط الحمر الطائفية لدى كل مساءلة».
وجاء في ردّ رئاسة الجمهورية:
“أولاً: في التوقيت والشكل والمضمون، من المؤسف حقاً أن يرد في البيان المذكور اتهام السيد رئيس الجمهورية بموضوع تفجير مرفأ بيروت الكارثي في 4 آب 2020، في حين أن السيد الرئيس قد سبق له أن وضع نفسه بتصرف المحقق العدلي في الجريمة المذكورة لسماع شهادته في حال استنسب المحقق العدلي ذلك لمنفعة التحقيق.
ثانيا: إن الامتياز الذي تمنحه المادة 60 من الدستور لا يعني عدم إمكان ملاحقة السيد الرئيس ومساءلته في حال ثبوت مسؤوليته بمعرض أي جرم عادي، ذلك أن هذا الامتياز الوجوبي، على ما هو النص الدستوري، ليس تحصيناً تتوقف عند عتبته العدالة. إن هذا الامتياز مردّه إلى أن السيد الرئيس هو، طيلة ولايته، رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن وقاسم اليمين الدستورية بالإخلاص للدستور وقوانين الأمّة اللبنانية من دون سواه من رؤساء السلطات الدستورية أو الوزراء أو النواب، وأن نص المادة 60 من الدستور يتوافق كلياً مع النصوص المعمول بها في الدساتير المقارنة في أعرق الديمقراطيات، على ما هي حال المادتين 67 و 68 من الدستور الفرنسي. إن صوغ المادة 60 من الدستور يعود إلى 21/1/1947 وأُبقي النصّ كما هو عليه بعد التعديلات التي أدخلت على الدستور نتيجة وثيقة الوفاق الوطني.
ثالثاً: إنّ العدالة لا تنال من أي موقع دستوري بمجرد أنها تمارس من المرجع المختص وقد عانى لبنان ولا يزال يعاني من الخطوط الحمر الطائفية والمذهبية لدى كلّ مساءلة، وقد تفاقمت هذه الظاهرة أخيراً، كما جرى مثلاً مع رؤساء الحكومة في تضامنهم المطلق مع بعضهم البعض بحجة استهداف الموقع الدستوري الثالث في الدولة واستضعافه، في حين أن السيد رئيس الجمهورية لم يبادر يوماً إلى استنهاض المشاعر المذهبية والطائفية بمعرض الملاحقات القضائية.
رابعاً: تربأ رئاسة الجمهورية وتترفّع عن الردّ على الكلام الخطير الذي ورد في البيان المذكور بشأن “العدالة المقنّعة والانتقائية والقضاء المسيّس وأروقة قصر بعبدا حيث يُدار ملف التحقيق العدلي”، وفي ذلك، وفقط في ذلك، إهانة علنية واستضعاف مرفوض واستهداف مشين للسلطة القضائية، التي ينادي بعض المدّعين الحرص عليها، واستقلاليتها وشفافيتها ونزاهتها وتحرّرها من القيود السياسية والطائفية، في حين أنهم يمعنون فيها تخريباً وهدماً باسم الطائفة والمذهب وهما منهم براء، ذلك أن شعب لبنان، بأطيافه كافة، يرنو إلى العدالة بملف تفجير مرفأ بيروت وبالمطلق. إن العدالة تبقى الركن إن خانت الشعوب، في غفلة أو غدر من زمن، أركان أخرى.
خامساً: يبقى أن التوقيت مريب، والسيد رئيس الجمهورية يبذل جهوداً مضنية لتأليف حكومة لبنان المنتظرة للتصدّي للمعاناة القاسية التي ينوء تحت أثقالها شعب لبنان وسائر المقيمين على أرضه، بعد أن أصاب الوهن الخطير جسد لبنان النحيل وزالت أو تكاد قدرة الاحتمال لديه.
وإذ تضع رئاسة الجمهورية بيان رؤساء الحكومة السابقين أمام الرأي العام اللبناني، كما الرأي العام الدولي المحفّز لإنهاض السلطات في لبنان وتحريرها من أسرها والحسابات أو الطموحات الضيقة، تطمئن اللبنانيين أنها مستمرة في التصدّي لكل مكامن الخلل حيث هي، والتدقيق المركز في حسابات مصرف لبنان وسائر مرافق الدولة تمهيداً لتحديد الخسائر وتوزيعها والمساءلة والمحاسبة، كما الاستمرار في المساعي القوية والصادقة لتأليف حكومة تمهيداً لإقرار برامج المساعدات الدوليّة التي تلائم لبنان وتعالج محنته القاسية. يبقى أنه من المؤسف فعلاً أن تتحصّن دولة بدين وطائفة ومذهب لتحرم المتظلمين نعمة العدالة”.
وفي مجال آخر، أكد عون، خلال استقباله أمس في قصر بعبدا، وفداً من المجلس الأرثوذكسي اللبناني برئاسة روبير الأبيض، حرصه “على المحافظة على حقوق كل الطوائف اللبنانية في الحياة السياسية وتحقيق التمثيل العادل لها في المؤسسات الدستورية”، لافتاً إلى “أن هذه المسألة تتم مراعاتها في خلال تشكيل الحكومة الجديدة لتكون شراكة المكونات اللبنانية فيها كاملة، تراعي التوازن والميثاقية خصوصاً في الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان حالياً والتي تتطلب تحصيناً للوحدة الوطنية”.
وأكد عون أنه يتابع شخصياً مسار التعويضات على المتضرّرين من انفجار مرفأ بيروت، مشيراً إلى أنه “بعد تشكيل الحكومة الجديدة، فإن عملية النهوض الاقتصادي سوف تشهد انطلاقة تساعد في التخفيف من معاناة اللبنانيين”، واعداً “الاستمرار في مكافحة الفساد والتهريب، والبدء بالتدقيق المالي الجنائي بعد التأخير المتعمّد الذي حال دون البدء به منذ ان اتخذ مجلس الوزراء القرار بشأنه في شهر آذار من العام 2020”.