السيارة واغتيال ناجي العلي
} حمزة البشتاوي*
بعد أن تحسّنت أوضاعه المادية في لندن أحب ناجي العلي أن يشتري سيارة من نوع مرسيدس التي غالباً ما يمتلكها الأغنياء وهو منذ مطلع شبابه في مخيم عين الحلوة يردّد أمام رفاقه بأنه يحلم بقيادة وامتلاك سيارة مرسيدس، وبعد أن حقق حلمه هذا جاء قتلة الناس والمبدعين وأحلامهم وقتلوه وكان يستقلون سيارة من نوع مرسيدس، فهل يمكن أن تقود تلك السيارة الشرطة البريطانية إلى الإعلان رسمياً عن القتلة الذين نفذوا جريمتهم بأمر من ناحوم أدموني رئيس جهاز «الموساد الإسرائيلي» في ذلك الوقت وهذا يستند إلى التحقيقات الأولية للشرطة البريطانية التي أدّت أول خيوطها إلى طرد أربيه رغيف الملحق بالسفارة «الإسرائيلية» في لندن وإغلاق محطة الموساد وطرد العاملين فيها وفق أدلة لم تصرّح عنها الشرطة البريطانية حتى الآن رغم قولها بأن التحقيقات ما زالت مستمرة لمعرفة تفاصيل الجريمة التي استهدفت أحد أهمّ الرموز الثقافية والفنية الإبداعية للشعب الفلسطيني الذي يحفظ حكاية حنظلة كشخصية بسيطة ومعبّرة، قدّمها ناجي بقوله: حنظلة ولد عمره عشر سنين وسيبقى عمره عشر سنين، لأنه بهذا العمر طرد من أرضه وحين يعود سيكون عمره أيضاً عشر سنين، فهو استثناء كما الاحتلال ولا يكبر حنظلة إلا في أرضه ولذلك توقف عمره عند سن العاشرة، وعن ربط يديه وراء ظهره يقول: هذه دلالة على رفضه للتطبيع كما عرّف حنظلة نفسه بلسان ناجي العلي قائلاً: عزيزي، إسمح لي أن اقدّم لك نفسي، أنا أعوذ بالله من كلمة أنا إسمي حنظلة، إسم أبوي مش ضروري، أمي إسمها نكبة وأختي الصغيرة إسمها فاطمة، نمرة رجلي ما بعرف لأني دائماً حافي، تاريخ الولادة ولدت بخمسة حزيران سنة الـ 67، جنسيتي: أنا مش فلسطيني مش أردني مش كويتي مش لبناني مش مصري مش حدا، أنا بإختصار معيش هوية ولا ناوي أتجنس، محسوبك إنسان وبس إلتقيت بالصدفة بالرسام ناجي العلي وكان كاره فنه، لأنو مش عارف يرسم وشرحلي السبب، وكيف كلّ ما يرسم عن بلد السفارة بتحتجّ، وقلي إنو الناس كلها أوادم وصاروا متل الملايكة، وقال ما في أحسن من هيك بس بدي أرسم بدي عيش، وقال لي إنه ناوي يشوف شغلة غير هالشغلة، فقلت له إنت شخص جبان، وبتهرب من المعركة وقسيت عليه بالكلام، وبعدين طيّبت خاطره وعرّفته على نفسي، واني إنسان فلسطيني واعي، وبعرف كلّ اللغات وبحكي كلّ اللهجات، ومعاشر كلّ الناس المليح والعاطل والآدمي والأزعر، كلّ الأنواع الي بيشتغلوا مزبوط ويلي هيك وهيك، وقلتله اني مستعدّ ارسم عنه الكاريكاتور كلّ يوم وفهمتو اني ما بخاف غير من الله واللي بدو يزعل يروح يبلط البحر».
ورافق حنظلة ناجي منذ أول معرض في مخيم عين الحلوة وهما منذ النكبة يسكنان في الخيمة التي قال عنها ناجي: نحنا الفلسطينيين منتميّز بعد النكبة واللجوء بالخيمة زيّ ما المصريين بيتميّزوا بالهرم يعني بعد النكبة صرت لما تقول خيمة تقول فلسطين زي ما لما تقول هرم بتقول مصر والهرم والخيمة مكان للسكن إلهم وإلنا بس الفرق إنو هني بيسكنوها في موت الحياة كعلامة للخلود واحنا منسكن الخيمة في حياة الموت والتشرّد يعني علامة الإصرار لنعود ونخلد بديارنا يلي تهجّرنا منها ورسمتها منشان تضلّ قضيتنا حاضرة لحدّ ما نضبّ الخيمة ونرجع.
وبقي ناجي متأثراً بالخيمة والمخيم حتى اغتياله من قبل أعداء الشمس والأرض باعتباره الظاهرة الأكثر سخونة والأكثر التصاقاً بالناس.