الطاقة البديلة: بديلة عن الدولة
} نزار قانصوه*
يعيش لبنان اليوم أزمة اقتصادية حادة على الصعد كافّة، حيث أضحت أولويّات المواطن اللبناني شبه مفقودة إلى حدّ العدم، ما بين فيول مقطوع ودولة تلفظ أنفاسها الأخيرة، يغرق لبنان في العتمة الشاملة .
ما هي البدائل التي تحاول أن تخرج المواطن من الظلمة؟ وهل تفعيل الطاقة البديلة يخفف عن لبنان من أزمة الكهرباء؟ ولماذا لا تدعم الدولة الطاقة البديلة كي لا نبقى رهينة الوعود وهيمنة أصحاب المولدات؟
لا شكّ في أنّ الطاقة هي المصدر الحيوي والأساسي في المجتمع، كيف لا وإنّ طلب الطاقة يتزايد بشكل مستمرّ فالمصانع والمعامل والمؤسسات الحكومية والتربوية والصحية والأفران والهاتف والانترنت وغيرها بحاجة إلى الطاقة كي تستمرّ في عملها وإنتاجها .
وكلّنا نعلم أنّ كهرباء لبنان كلّفت الكثير من المليارات سنويّاً من إيرادات الدولة وهذا ما سبّب زيادة التدهور المالي في مصرف لبنان .
لو دفع لبنان 20 % فقط من هذه المبالغ الطائلة في إنشاء محطات توليد للطاقة المتجددة، لما كنا وصلنا إلى هذا الظلام الدامس والتلاعب برغيف خبز الفقراء جرّاء انقطاع المحروقات.
وبحسب دراسة الوكالة الدولية للطاقة البديلة (IRENA)، إنّ لبنان يستطيع توليد 35 % من حاجته للطاقة من مصادر الطاقة البديلة، أيّ حوالي عشرة أضعاف ما ينتجه اليوم .
فلو دفعت وزارة الطاقة جزءاً من موازنتها في خطوة كهذه، أيّ دعم محطات توليد الطاقة البديلة (الشمسية والهوائية والمائية) لوفّرت حوالي 250 مليون دولار سنوياً وما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم .
ناهيك عن تخفيف نسبة التلوث بشكل كبير وتحويل لبنان من بلد مستهلك إلى بلد منتج حتى لو كان مصدر هذا الإنتاج قليلاً في بداية الأمر ولكنّه يخفف ضغطاً كبيرًا عن الناس.
أمّا اليوم وبسبب انقطاع الكهرباء بشكل شبه كلّي وإطفاء أصحاب المولدات مولداتهم نتيجة انقطاع مادة المازوت او احتكارها وبيعها في السوق السوداء، لم يبقَ للمواطن إلا اللّجوء إلى مصادر الطاقة الطبيعية ليختار شركات الطاقة الشمسية المعدّة للمنازل ولكنّه يصطدم بالأسعار الباهظة وبرداءة النوعيّة، ذلك لأنّ بعض الشركات الخاصة استغلّت وجع المواطن واحتكرت بضاعتها ورفعت ثمنها أضعافاً مضاعفة وأيضاً كلفة الاستيراد عبر المرفأ صارت خيالية من جهة، والنوعية الموجودة في السوق المحلية بحاجة إلى تحديث على صعيد جودة البطارية والألواح الشمسية وتناسبها مع متغيّرات الطقس من جهة أخرى، فكلفتها (15 أمبير نهاراً و ٥ أمبير ليلاً) تقدّر حوالي 3500 $ للمنزل الواحد وهذا مبلغ يفوق قدرة المواطن اللبناني الذي بات شراء رغيف خبز من أهمّ إنجازاته.
لذلك، لا بدّ أن تضع وزارة الطاقة هذا الأمر ضمن أولوياتها من ناحية استيراد هذه الطاقة واعتماد جودة النوعية والأسعار المدروسة التي تتناسب والمواطن اللبناني، فبدلاً من هدر مئات ملايين الدولارات سنوياً للطاقة الكهربائية «المقطوعة»، بإمكان الدولة دفع هذه المبالغ لدعم الطاقة البديلة وتوزيعها للمواطنين بسعر الكلفة من دون أرباح، كلّ ذلك بعد دراسة حيثيّات المناطق وما يتناسب معها من أشكال الطاقة المتجددة كإنشاء السدود في المناطق المائية أو تركيب المراوح الهوائية في المناطق الجبلية أو الألواح الشمسية في أغلب المناطق اللبنانية، وبهذا يخرج لبنان نوعاً ما من صيغة الإذلال إلى مشارف التطور…