أكد ضرورة أن تكون الأمم المتحدة ومجلس الأمن مسؤولين عن النظام العالمي بوتين يضع شروطاً جديدة لتوقيع معاهدة سلام مع اليابان
قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن الحديث عن التوصل لمعاهدة سلام مع اليابان مشروط بالحصول على ضمانات بعدم نشر أنظمة صواريخ أميركية بالقرب من الحدود الروسية.
وقال بوتين خلال الجلسة العامة للمنتدى الاقتصادي الشرقي في مدينة فلاديفوستوك، أمس: «عند الحديث عن معاهدة سلام يجب ضمان مستقبل يسوده السلام، وهذا يعني أنه يجب أن نضمن (الحماية) من المفاجآت المتعلقة بإمكانية نشر قوات مسلحة أميركية وأنظمة صواريخ هجومية بالقرب من حدودنا»، بحسب قناة «آر تي عربية» الروسية.
كما أكد بوتين أن «روسيا لم ترفض أبداً إجراء حوار مع اليابان بشأن التوصل لمعاهدة سلام»، مشيراً في الوقت نفسه، إلى أن «الشركاء اليابانيين عمدوا دائماً إلى تغيير موقفهم».
ورداً على سؤال حول التعديلات الدستورية التي تنص على عدم قابلية تقسيم الأراضي الروسية، وأن جزر الكوريل الجنوبية هي جزء من روسيا، قال بوتين: «إنها (التعديلات الدستورية) لا تغير نهجنا من وجهة نظر اهتمامنا بعقد اتفاقية سلام. نحن نرى أن عدم وجود وثيقة كهذه في علاقاتنا أمر سخيف».
وأضاف: «روسيا واليابان مهتمتان بالتطبيع الكامل للعلاقات، أعني مصلحتنا الاستراتيجية المشتركة في تطوير التعاون».
ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن الرئيس الروسي القول إن بلاده «تعتزم تقديم إعفاءات ضريبية كاملة، ومزايا تشجيعية للمستثمرين فى الجزر الأربع المتنازع عليها مع اليابان».
وأوضح بوتين أمام المنتدى: «سوف نوفر مجموعة غير مسبوقة من المزايا والحوافز في جزر الكوريل، وسوف نعفي الشركات بشكل كامل من تسديد ضرائب على الأرباح والعقارات والأراضي والنقل لمدة عشر سنوات».
وأضاف أن «هذه الحوافز سوف تكون متاحة للمستثمرين الروس والأجانب، بما في ذلك شركاؤنا اليابانيون».
ويمثل هذا الإعلان «صفعة» لآمال طوكيو في استعادة الجزر، التي استولى عليها الاتحاد السوفياتي السابق في نهاية الحرب العالمية الثانية، وتعرف في روسيا باسم جزر «الكوريل الجنوبية» وفي اليابان باسم «الأقاليم الشمالية».
وكان بوتين ورئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي قد اجتمعا 25 مرة ما بين عام 2012 وحتى استقالة الأخير العام الماضي، في محاولة لتسوية النزاع الإقليمي، ولكن من دون تحقيق أي نجاح.
وجعلت اليابان إعادة أربع جزر وهى كوناشير وشيكوتان وإيتوروب وهابوماي، شرطًا لإبرام معاهدة سلام مع روسيا الاتحادية. وتطلق روسيا على هذه الجزر الكوريل فيما تطلق عليها اليابان الأراضي الشمالية.
وموقف موسكو هو أن الجزر أصبحت جزءاً من الاتحاد السوفيتي في أعقاب الحرب العالمية الثانية ولا شك في سيادة روسيا الاتحادية عليها.
على صعيد آخر، صرح الرئيس الروسي، أمس، أنه «يجب أن تكون منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي مسوؤلين عن النظام في العالم».
ورداً على سؤال أثناء مشاركته في منتدى الشرق الاقتصادي، حول من يجب أن يكون مسؤولاً عن النظام في العالم حال تخلي الولايات المتحدة عن دور «الشرطي العالمي»، أجاب بوتين: إن «النظام في العالم يجب أن يكون مسؤولية للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لها، بما في ذلك الأعضاء الخمسة الدائمين فيه (وهي روسيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا)».
وحول الموضوع الأفغاني، أعرب بوتين عن قناعته بـ»ضرورة تبنى قرارات بشأن الاعتراف بأي قوى سياسية في أفغانستان تشكل على أساس جماعي»، بعد وصول حركة «طالبان» إلى سدّة الحكم.
ودعا بوتين، المجتمع الدولي إلى «تضافر الجهود إزاء الملف الأفغاني لمواجهة المخاطر القائمة من هذا البلد، لاسيما فيما يخص تحديات الإرهاب والمخدرات».
وقال: «على الجميع الآن توحيد الجهود في سبيل التصدي لهذه التحديات، وأنا أشارك بطبيعة الحال رئيس كازاخستان (قاسم جومارت توكايف) موقفه بشأن ضرورة العمل معا أيضاً على مسألة إضفاء الشرعية على القوى السياسية في أفغانستان نظرا لما يجري على أرض الواقع».
وتابع: «يجب تضافر الجهود بغية المكافحة الفعالة للإرهاب الذي تم إدخال القوات الأمريكية إلى أفغانستان بدعوى محاربته، ولتجارة المخدرات والجريمة المنظمة، وهناك تحديات مشتركة».
وفي معرض تعليقه على احتمال الاعتراف بـ»طالبان» كحكومة شرعية في أفغانستان، أشار الرئيس الروسي إلى أن «سيطرة الحركة على معظم أراضي البلاد اليوم أمر واقع، لكن يجب التأكد من النوايا الحقيقية التي تقف وراء إعلانات قادتها».
وأبدى بوتين اهتمام موسكو بـ»منع تفكك أفغانستان»، قائلاً: «إذا حصل ذلك فلن يكون هناك أي طرف للتفاوض معه، وفي هذه الظروف يجب التفكير في أنه كلما أسرعت طالبان في الانضمام إلى أسرة الشعوب المتحضرة سيكون أسهل التواصل معها والتأثير عليها وطرح مطالب أو أسئلة، على الأقل بأن العلاقات المتحضرة تتطلب الالتزام بالمعاير المتحضرة».
وأشار بوتين إلى أن «العديد من الجماعات المتطرفة تنشط في أفغانستان، مثل (حركة أوزبكستان الإسلامية)، تشكل خطراً على أمن جيران روسيا وحلفائنا في منطقة آسيا الوسطى، وبالتالي روسيا نفسها، خاصة وأنه ليست هناك أي قيود متعلقة بالتأشيرات عبر الحدود».
ووصف بوتين الأحداث التي شهدتها أفغانستان بعد انسحاب قوات حلف الناتو منها بأنها «كارثة»، لافتاً إلى أنّ «هذه التقييمات لا تأتي من قبله فقط، بل على لسان المحللين الأميركيين أنفسهم».
وأشار بوتين إلى أنّ «الولايات المتحدة أنفقت على حملتها في أفغانستان أكثر من 1.5 تريليون دولار»، متسائلاً بشأن «ماهية نتائج هذه العملية».
وتابع: «وإذا نظرنا إلى عدد الناس الذين تعاونوا مع الغرب الجماعي – مع الولايات المتحدة وحلفائها – وتم تركهم في أفغانستان – فيبدو أن هذه هي كارثة إنسانية أيضاً».
وحذر بوتين من أنّ «سياسة فرض نظام الحكم الديمقراطي بالقوة على دول أخرى غير مقبولة إطلاقاً»، قائلاً: «إذا يحتاج شعب إلى الديمقراطية فإنه سيصل إليها بنفسه، ولا يجوز تحقيق ذلك بأساليب القوة».
ولفت بوتين إلى أنّ «الكثير من السياسيين الغربيين يتحدثون حالياً عن أخطاء ارتكبها الناتو في أفغانستان، لكن من المهم الآن استخلاص الدروس من هذه الأحداث لمنع تكرارها في المستقبل».
وأشار الرئيس الروسي إلى أنّ «تلك الدول الغربية في الوقت نفسه تواصل ممارسة نهج مماثل تجاه دول أخرى»، موضحاً أنّ «سياسة فرض العقوبة تمثل امتداداً لسياسة فرض المعايير».
ولفت بوتين إلى أن «سياسات الغرب في هذا الصدد لم تشهد أي تغيرات تذكر منذ عهد الاستعمار الرامي إلى فرض الكاثوليكية في دول أخرى».
ويجري منتدى الشرق الاقتصادي في الفترة ما بين الـ2 والـ4 من أيلول الحالي على مساحة حرم جامعة الشرق الأقصى الفدرالي الروسي الواقع بمدينة فلاديفوستوك الروسية.