مؤشرات أميركية جديدة نحو سورية… وتفاهم «الوكالة» مع طهران تمهيد دولي للعودة إلى فيينا / حكومة ميقاتي تنطلق بترحيب دولي عربي… التحدي الداخلي سعر الصرف ورفع الدعم / البيان الوزاري لصندوق النقد… والثقة المتوقعة تقارب الـ 100… ونصرالله الليلة لخطة السفن /
كتب المحرر السياسي
المناخ الإقليمي يحمل المزيد من المؤشرات الأميركية نحو سورية، حيث ورش العمل التي تنعقد في مراكز الدراسات تتلاقى على نضج التوقيت المناسب لإعلان خطوة بحجم الانسحاب العسكري، وتفويض روسيا بمواصلة المسؤولية عن الحرب على «داعش» من جهة، وترتيب مستقبل العلاقات بين الجماعات الكردية التي تلوذ بواشنطن والعاصمة السورية، وبالتوازي دراسات ومقالات في صحف كبرى مثل «وول ستريت جورنال» تجد في قانون قيصر للعقوبات على سورية تحدياً وفرصة، حيث الاستمرار بتطبيقه عبء على واشنطن، والرفع التدريجي والمستهدف لعقوباته فرصة للانفتاح على الدولة السورية سواء من بوابة الاستثناء الذي يفترض أن يطال استجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر سورية، ليطال مجالات أخرى أشد أهمية في مستقبل العلاقات الأميركية- السورية، مثل تمويل إعادة النازحين، وتمويل إعادة الإعمار، خصوصاً البنى التحتية.
بالتوازي مؤشرات الانفراج أخرى تطال الملف النووي الإيراني مع تعاظم الخشية الأميركية والأوروبية من الاستثمار المتاح لإيران لمراكمة الإنجازات كلما تأخرت العودة إلى الاتفاق النووي، وما كشفته نتائج زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى طهران من تفاهمات تحت الثوابت الإيرانية بعدم تسليم إنتاج كاميرات المراقبة قبل العودة للاتفاق، وعدم الممانعة بتجديد ذاكرتها التسجيلية لشهر مقبل إفساحاً في المجال للعودة إلى الاتفاق، بينما حمل رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي تأكيداً لمواقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي تبلغها الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي لضمان حصر التفاوض في فيينا بالملف النووي من دون أي أوهام حول جوائز ترضية في ملفات أخرى مقابل الرفع الكامل للعقوبات والالتزام الكامل بالموجبات من الجانبين الأميركي والأوروبي، وهو ما تم بحثه بين المبعوث الأميركي الخاص بالملف النووي روبرت مالي والمسؤولين الروس خلال زيارة مالي لموسكو خلال اليومين الماضيين، وسط إشارات متعددة أميركية وأوروبية وروسية عن العودة الوشيكة لمفاوضات فيينا مع مشاركة إيران في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في مناخ الانفراجات تقلع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وسط ترحيب أميركي- أوروبي- عربي بولادتها، وينعقد اجتماعها الأول اليوم كخطوة أولى نحو بدء صياغة بيانها الوزاري الذي تؤكد مصادر قريبة من رئيس الحكومة أن الأولوية في البيان ستكون للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، بينما تحدثت المصادر عن أولوية داخلية تتمثل برفع الدعم والبطاقة التمويلية المترابطين معاً، وبالتوازي بالحفاظ على استقرار سعر الصرف وإنهاء الأسعار المتعددة للدولار في السوق.
مصادر نيابية تعتقد أنّ الحكومة ستنال ثقة تقارب المئة صوت، مع الإخراج المتمثل بانضمام كتلة لبنان القوي لمانحي الثقة بعد صدور البيان الوزاري، والتزام كتل المستقبل والتنمية والتحرير والوفاء للمقاومة وكتل المردة والقومي والرئيس ميقاتي بمنح الثقة وترجيح منحها من اللقاء التشاوري.
ليلاً سيطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وترجح مصادر حزب الله أن يعلن السيد نصرالله خطة توزيع حمولة السفن من المازوت، بعد وصولها أمس إلى البقاع، كما قال عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين.
بعد التقاط الصورة التقليدية لها بمشاركة رئيس مجلس النواب نبيه بري، تعقد الحكومة الجديدة جلستها الأولى قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي ستفضي إلى تكليف لجنة لصياغة البيان الوزاري الذي سيكون عليه الواقع الاقتصادي وكيفية معالجته، فضلاً عن التأكيد على التعاون مع المنظمات الدولية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي وفق خطة إصلاحية إنقاذية للبلد والانفتاح على الدول العربية والصديقة وترتيب العلاقات معها بما يخدم مصلحة لبنان كما سيؤكد البيان الوزاري إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها ودعم الجيش والقوى الأمنية.
إلى حين إقرار الحكومة البيان الوزاري تمهيداً لنيلها الثقة في مجلس النواب، أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ «البناء» أن تعاطي التيار هو إيجابي وأن قرار منح الثقة رهن برنامج الحكومة، مشددة على أنّ ما يهمّنا كتكتل أن تنجح الحكومة في المهمة المشكلة إليها ونحن من جهتنا سنساعدها في عملية الإصلاح في حال سلكت طريق تطبيق الإصلاحات والتدقيق الجنائي. وفي سياق متصل تشدد المصادر على عمل الوزراء بعيداً من الحسابات السياسية والتناقضات، مضيفة سنكون بالمرصاد لأي محاولات تعيق الإصلاح ومحاربة الفساد وتسيير شؤون المواطنين، مع تأكيده أن العهد لا يملك الثلث الضامن وأن هذه الحكومة تتسم بالوزراء التوافقيين الذين لا يمكن احتسابهم على فريق دون الآخر.
وأعلن رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان في حديث تلفزيوني أمس عن منح الحكومة الثقة لإعطائها فرصة لأنّ الوقت ليس للمناكفات السياسية والمزايدات، ونتمنى نجاح الحكومة لإنقاذ البلد مما هو فيه، ولبنان لم يعد يتحمل مراهنات جديدة.
وتظن مصادر مطلعة لـ «البناء» أنّ أحداً من المكونات السياسية لن يذهب إلى تعطيل هذه الحكومة، أولاً لأن الظروف لا تسمح باللعب على وتر الصراعات، ثانياً تقاطع الدور العربي (الأردني والمصري) والأميركي والروسي والفرنسي على أهمية تأليف حكومة تقوم بما هو مطلوب منها لإنقاذ الوضع ووضع حد للانهيار تمهيداً لترتيب الأوضاع في مرحلة مقبلة، في إشارة إلى ما بعد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. ورأت المصادر أن هذه الحكومة ستعمل على إدارة الأزمة ومعالجتها، بخاصة أن هناك ملفات ضاغطة تنتظرها من رفع الدعم وأزمة المحروقات والاحتكار. ورجحت المصادر أن تكون القرارات التي ستصدر عن مجلس الوزراء توافقية، بخاصة أن انتقاء وزراء هذه الحكومة استند إلى ضرورة تشكيل فريق عمل متجانس لا يعطل أي إنتاجية حكومية مطلوبة.
في الموازاة، أشارت مصادر مطلعة على موقف الرئيس ميقاتي لـ «البناء» إلى أنّ برنامج الرئيس ميقاتي يقوم على التفاوض مع صندوق النقد والتصدي للأزمة الاقتصادية والاجتماعية وإجراء الانتخابات النيابية، معتبرة أن برنامج الرئيس ميقاتي سيكون مثقلاً بالعمل وتنفيذ الوعود التي قطعها، وهناك تعويل من قوى سياسية محلية وخارجية على هذه الحكومة على تحقيق الإنجازات، بالتالي يفترض بالجميع إقران الأقوال بالأفعال وتجاوز كل الخلافات والانكباب على العمل والتعاون لإنجاح الحكومة في تنفيذ مهامها.
وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باشر السبت عقد اجتماعات متتالية مع الوزراء في إطار مناقشة تصوّرهم لعمل وزاراتهم والملفات الأساسية المطلوبة، والتحضير للبيان الوزاري الذي ستنال الحكومة الثقة على أساسه. كما عقد ميقاتي اجتماعاً ضمّ الوزراء الجدد والسابقين المعنيين بموضوع البطاقة التمويلية التي تمّ الإعلان عن المباشرة بتسجيل من يرغب الإفادة منها وفق الشروط المحدّدة.
وحرص رئيس الحكومة على الاطّلاع تفصيلياً على المراحل التي قطعها هذا الموضوع، وما إذا كان الإعلان عن البطاقة قد اقترن فعلياً بمصادر تمويل محدّدة، ومواعيد محدّدة للدفع، أم أنّ البحث سيستمر في هذا الموضوع لإيجاد التمويل المناسب والحلول النهائية لكلّ المسائل المتعلقة بهذا الملف. وقد اتفق بنتيجة البحث على أن يستكمل الوزراء الجدد والسابقون البحث في الأيّام القليلة المقبلة لإعداد التقرير النهائي في هذا الموضوع.
وأبدى رئيس مجلس النواب نبيه بري في تصريح له ارتياحه لتشكيل الحكومة، معتبراً أنه «ابتداء من الغد (اليوم) ستنطلق الحكومة إلى العمل ونأمل بأن توفق لما فيه خير اللبنانيين».
أما حزب الله فرأى على لسان النائب حسن عز الدين في تشكيل الحكومة «خطوة إيجابية تستدعي تضافر جهود جميع الجهات السياسية لأجل النهوض بالبلد وانتشاله من الانهيار التام، والبدء بمجموعة من الإجراءات السريعة لمعالجة الأزمات الحياتية الآنية، والتأسيس لوضع خطة إنقاذية في إطار خطة شاملة لتعزيز الاقتصاد المنتج على كل الأصعدة، ما يسهم في دعم الليرة اللبنانية والحفاظ على قدرتها الشرائية»، مشدداً على «ضرورة أن تضع هذه الحكومة على سلم أولوياتها مهمة تأمين الأموال اللازمة، ووضع البطاقة التمويلية موضع التنفيذ لمساعدة المواطن ورفع قدرته على المواجهة».
وأعرب الاتحاد الأوروبي، عن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في لبنان، برئاسة نجيب ميقاتي. وقال الاتحاد الأوروبي في تصريحات أوردتها وكالة «رويترز»، أنه مستعد لحشد الجهود، من أجل دعم لبنان، ومساعدته على مواجهة الأزمات التي يعانيها. وقال على جميع الأطراف المعنية أن تظهر نفس العزم والقدرة على التسوية، وأن تتبنى من دون تأخير الإجراءات اللازمة لضمان تلبية الاحتياجات الفورية والتوقعات المشروعة للشعب اللبناني. بما في ذلك التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. ودعا الاتحاد الأوروبي لضرورة مباشرة الاستعدادات للانتخابات البلدية والبرلمانية والرئاسية العام المقبل «بطريقة حرة ونزيهة وشفافة».
وعلى صعيد أزمة المحروقات، أفادت مصادر شركات المحروقات لـ «البناء» أن البواخر الموجودة في البحر لا تستطيع التفريغ، ومردّ ذلك أنّ مصرف لبنان لم يمنحها حتى الساعة الاعتمادات اللازمة، ومن غير المعلوم إن كانت الاعتمادات ستنتظر بدء الحكومة عملها بعد نيلها الثقة، محذرة من أن المخزون سينفد وأن نحو 90 في المئة من المحطات على الأراضي اللبنانية ستكون مقفلة اليوم.
إلى ذلك وفيما وصلت الباخرة الإيرانية إلى مرفأ بانياس، بانتظار أن ينقل وقودها عبر الصهاريج من سورية إلى جنوب بعلبك عبر خط حمص- الهرمل، أشارت مصادر مطلعة على الملف لـ «البناء» إلى أن الأولوية عند حزب الله تكمن في توزيع المازوت على المستشفيات والأفران وآبار المياه ومعامل الأدوية في كل المناطق اللبنانية، ليتمّ في مرحلة لاحقة تأمين المازوت لمن يرغب من الأفراد والشركات وفق آلية ستحدّد لاحقاً.
ويتحدّث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مساء اليوم، عند الثامنة والنصف حول آخر التطورات والمستجدات في البلاد، حيث سيتناول في كلمته ملف المحروقات وتحديداً البواخر الإيرانية، حيث من المرجح أن يصل المازوت عبر الصهاريج من سورية إلى لبنان في الساعات المقبلة، كما سيعطي حيّزاً في كلمته للملف الحكومي وعمل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
إلى ذلك برز أمس إعلان وزير النفط والثروة المعدنية السوري المهندس بسام طعمة أنّ خط الغاز العربي جاهز داخل سورية لنقل الغاز المصري إلى لبنان وأن سورية ستحصل على كميات من الغاز مقابل مروره عبر أراضيها بموجب الاتفاقيات الموقعة ما ينعكس بالفائدة على عمليات توليد الطاقة الكهربائية في البلاد. مبيّناً أنّ الجانب اللبناني طلب 600 مليون متر مكعب من الغاز في العام أيّ بمعدل 1.6 مليون متر مكعب يومياً.
وقال الوزير طعمة في تصريح خاص لـ «سانا»، إنّ خط الغاز العربي داخل الأراضي السورية جاهز لنقل الغاز بعد أن أجريت عليه عمليات الصيانة باعتباره جزءاً من شبكة الغاز الداخلية بعد تعرّضه لعشرات الاعتداءات الإرهابية وسرقة الإرهابيين لتجهيزات محطات الصمامات المقطعية الثلاث من جهة الحدود الأردنية، مبيّناً أنّ عمليات إصلاحه كلفت مليارات الليرات السورية.
وأوضح وزير النفط أنه بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين سورية ومصر عام 2000 وانضمام الأردن إليها عام 2001 وقع على عاتق كل بلد إنشاء جزء من خط الغاز العربي الواقع ضمن أراضيه وتخضع أعمال الصيانة لنفس هذا المبدأ، لافتاً إلى أن هناك وصلة من خط الغاز بطول 600 متر ضمن المنطقة الحدودية بين سورية والأردن يحتاج الكشف عليها إلى تنسيق بين البلدين، مشيراً إلى أنّ شبكة الغاز كانت عاملة منذ عام 2009 وتوقف العمل فيها بداية عام 2012 بسبب انخفاض كميات الغاز المنتجة في مصر.
من جهة أخرى، أكد مصدر أردني مطلع أن عملية الربط الكهربائي من الأردن مع لبنان لن تتمّ قبل الربع الثاني من العام المقبل بسبب أعمال الصيانة من قبل الجانب السوري للشبكة الكهربائية ضمن حدودها.