هل يملكون شجاعة الاعتذار؟
تقدّم تجربة استقدام سفن المحروقات الإيرانية من قبل حزب الله، بالإضافة لتداعياتها على المشهد السياسي الإقليمي والمحلي، سواء لجهة بدء تفكيك نظام عقوبات “قانون قيصر” الذي فصل سورية عن جوارها وخصوصاً لبنان، أو لجهة تسريع المسار الحكومي ورفع الحظر الأميركي الذي منع ولادتها لأكثر من سنة، فرصة أخرى لا تقلّ أهمية لمعاينة المشهد السياسي والمستوى المرضي الذي يقع تحت وطأته.
خرجت قيادات عريقة ومتمرّسة في العمل السياسي والحزبي مع بدايات الإعلان عن مجيء السفن، يستحضرون معادلات تحدّثوا عنها بثقة، ومع مرور أقلّ من شهر تهاوت كلها كبيوت الرمل، فقالوا ان ليس لدى إيران مازوت وبنزين ترسله الى لبنان، وثبت العكس، وقالوا ان ليس الإعلان عن السفن الا للاستهلاك الإعلامي وغير قابل للتنفيذ ونفذ، وقالوا انّ مجيء ايّ سفينة من إيران الى لبنان او الى سورية ونقل مخزونها براً الى لبنان سيجلب عليه العقوبات الأميركية، فإذ بواشنطن تنقلب نحو فكّ بعض هذه العقوبات عن لبنان وسورية لتسهل استجرار الكهرباء الأردنية والغاز المصري، ولا عقوبات ولا من يُعاقبون، وقالوا انّ مسار السفن لن ينجو من تعريض لبنان لخطر حرب “إسرائيلية”، لكن “إسرائيل” انكفأت واختبات من المواجهة.
أمام قوة الوقائع ليست القضية قضية رأي مختلف بل صدق وكذب، ورهان على التعبئة العدائية بمعلومات ملفقة رغم فرص التحقق من صحة المعطيات، فيظهر بصورة لا لبس فيها انّ الذي يجري لا يمتّ إلى السياسة بصلة، فهل يعتذر أصحاب الخطاب الذي تهاوى بالضربة القاضية، وهل تتحرّر بعض الأقلام التي كانت تمتدحهم وتوجه اليهم سهام النقد، فيعود للرأي قيمة، وهل يحاسب الرأي العام الذي تعتبره هذه القيادات جمهورها، قياداته على استخفافها به وإطعامه مجموعة أكاذيب بخلفية الحقد والكيدية فقط؟
ان لم يحصل شيء من هذا سيكون واجباً علينا التحقق من موت السياسة في لبنان، بكلّ أسف!