التأكيد على تعزيز الحوار بين الحضارتين العربية والصينية في ختام الدورة التاسعة لندوة العلاقات الصينية – العربية
تحت عنوان “التواصل بين الحضارتين الصينية والعربية في سياق التشارك في بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية”، انعقدت الدورة التاسعة لندوة العلاقات الصينية- العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية في إطار منتدى التعاون الصيني- العربي أول من أمس، عبر دائرة الفيديو.
وحضر الندوة تشاي جيون، المبعوث الخاص للحكومة الصينية لقضية الشرق الأوسط، وهيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، علاوة عن حوالي 40 ممثلاً من المسؤولين الحكوميين والخبراء والباحثين من الصين والدول العربية.
إلى ذلك، أجرى الضيوف من الجانبين خلال هذه الدورة، حواراً ونقاشاً على نحو معمق حول المحاور الثلاثة: “الدعوة إلى التضامن والتسامح واحترام الحضارة الفريدة لكل دولة ولنظامها الاجتماعي”، و»تعزيز الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية العريقتين»، و»تعميق التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات ودفع التواصل الشعبي في إطار مبادرة الحزام والطريق»، إضافة إلى اعتماد التقرير الختامي للندوة.
وافتتح تشاي جيون الجلسة بالقول: “إنه في ظل تلاقي التغيرات الكبرى التي لم يشهدها العالم منذ مئة سنة وجائحة كوفيد-19 التي تجتاح العالم، لا يمكن للعالم تعزيز الثقة المتبادلة وإيجاد الطريق السليم لحل المعضلات وتحقيق التنمية إلا بتبني المفهوم الحضاري المتمثل في المساواة والاستفادة المتبادلة والحوار والشمولية”.
وأكد ضرورة “قيام الصين والدول العربية بتوريث الخبرات التاريخية الثمينة وتعزيز التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارتين الصينية والعربية، وتعميق الفهم المتبادل بين الشعب الصيني والشعب العربي وتوطيد الأسس الشعبية لبناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية، بما يقدم مساهمة في بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية».
وأشار المبعوث الصيني إلى أن “جائحة كوفيد-19 التي اجتاحت العالم تثبت مرة أخرى أن البشرية تشارك في مستقبل مشترك ومصالح دول العالم تترابط ترابطاً وثيقاً، والعالم هو مجتمع مستقبل مشترك لا يمكن تجزئته، حيث ظل الجانبان الصيني والعربي يتبادلان الدعم في وجه الجائحة، وكان التضامن بين الجانبين لمكافحة الجائحة عملاً ذائع الصيت ونموذجاً يحتذى به في تعاون الجنوب الجنوب».
وفي الشأن الحضاري نوه تشاي إلى أن “الصين والدول العربية تتميزان بحضارة يمتد تاريخها إلى آلاف السنين، وعليهما مواصلة الحوار بين الحضارتين على نحو معمق وتعزيز التبادل والتعاون والمساهمة بحكمتهما في حل المشاكل المستعصية أمامهما والعالم».
وطرح تشاي ثلاثة اقتراحات، بما فيها “ضرورة الدعوة إلى التضامن والتسامح واحترام الحضارات والأنظمة الاجتماعية الخاصة بكل دولة وضرورة التسمك بتعددية الأطراف والدفع بالتعايش السلمي على قدم المساواة بين مختلف الحضارات، والعمل على تسوية القضايا الساخنة المعنية وضرورة تدعيم التعاون في بناء «الحزام والطريق» بجودة عالية، وتعزيز التقارب بين الشعب الصيني والشعب العربي وترسيخ القاعدة الشعبية للعلاقات الصينية- العربية».
بدورها، سجلت هيفاء أبو غزالة تقييماً إيجابياً للعلاقات العربية- الصينية ونتائج الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، مؤكدة “أهمية الحوار بين الحضارات بوصفه الطريق الأمثل لتحقيق التفاهم والتعايش السلمي بين الشعوب وتجنب الحروب والصراعات ومواجهة التعصب والإرهاب وتعزيز فرص التعاون بين الثقافات المختلفة، ومد الجسور واحترام الهويات الثقافية الحضارية المتنوعة وتعزيز التشاور من أجل التوصل إلى رؤية مشتركة لتحديات المستقبل».
وأضافت أن “التنوع الثقافي والحضاري منبع لتطور وتقدم المجتمع الإنساني والحوار بين الحضارات والثقافات، حيث تتميز الحضارتان العربية والصينية بالتقدم والانفتاح والدعوة إلى السلام والمحبة والتضامن، لذا فقد بات من المهم أن نتمسك بروح المساواة والتسامح والعدالة بما يدفع التواصل والتلاقح بين الثقافات والحضارات ونبذ الفكر المتطرف والإرهاب من أجل تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة”.
واتفق الممثلون على “ضرورة الالتزام بتكريس مفهوم مجتمع المستقبل المشترك الذي تترابط فيه البشرية ترابطاً وثيقاً، ونبذ الجدل الأيديولوجي وتجاوز صراع الحضارات، واحترام مساعي كافة الدول والأمم لتوريث وتطوير حضاراتها واختيار طرقها التنموية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة، والسير على طريق التعايش السلمي والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك؛ وضرورة تعزيز الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية العريقتين بغية إضفاء قوة دافعة أكثر استدامةً على العلاقات الصينية- العربية؛ وضرورة تعزيز التقارب بين الشعوب وتكريس روح طريق الحرير ودفع التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات والاهتمام بالتعاون الشعبي».
من الجدير بالذكر أن ندوة العلاقات الصينية- العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية تعد آلية مهمة في إطار منتدى التعاون الصيني- العربي وتعقد كل سنتين، حيث تم عقد تسع دورات بنجاح في الصين والدول العربية بالتناوب منذ عام 2005.
سفيرة لبنان لدى الصين: تعزيز التبادلات بين الحضارتين العربية والصينية أفضل وسيلة لتقارب الشعبين
من جهتها، قالت ميليا جبور، سفيرة لبنان لدى الصين، إن “تعزيز التبادلات بين الحضارتين العربية والصينية يعد أفضل وسيلة لتقارب الشعبين”، داعية إلى “تكثيف التبادل الإنساني والثقافي بين الدول العربية والصين من أجل المضي قدماً بتعزيز أواصر الصداقة في ما بينهما».
وصرحت جبور بأن “الحضارتين العربية والصينية حضارتان عريقتان ضاربة جذورهما في التاريخ، وتلاقتا على مدى العصور بواسطة طريق الحرير وتوثقت أواصر الصداقة بينهما وبقيت صامدة في وجه التغيرات والتقلبات التي شهدها العالم”.
وأوضحت أنه على “الرغم من التجربة المختلفة للدول العربية والصين من حيث النظم السياسية والاقتصادية، إلا أن الاحترام وعدم التدخل في شؤون الآخر سمة مميزة تسود العلاقات العربية- الصينية”.
وأشارت إلى أن “العديد من الدول العربية تتطلع إلى الاطلاع على خبرات الصين في مختلف المجالات والاستفادة منها، أبرزها تجربة القضاء على الفقر المدقع، إضافة إلى التنمية المستدامة والتطور التكنولوجي”، منوهة إلى أن «هذا العام يصادف الذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان والصين» والتي بدأت بين البلدين عام 1971، وتميزت العلاقات الثنائية بالمودة والاحترام وشهدت تطوراً مستمراً، حيث تتبوأ الصين مراتب متقدمة في شراكتها التجارية مع لبنان، كما أن “لبنان شارك في مبادرة الحزام والطريق بنشاط، وأصبح عضواً في بنك الاستثمار في البنية التحتية الآسيوية».
وأكدت أنه “ما من وسيلة لتقارب الشعبين أفضل من الجهد الثقافي الذي يبني جسوراً دائمة ويكون وسيلة للانفتاح على الآخر والاطلاع على عاداته وتقاليده، قائلة إن التبادلات الثقافية بين البلدين في تصاعد مستمر».
وأشارت إلى أن “آخر الإنجازات بين لبنان والصين هو توقيع اتفاقية إنشاء مراكز ثقافية في كل من البلدين في عام 2020، وهذا ما يدل على نية البلدين على تعزيز الروابط الثقافية والشعبية بينهما، إضافة إلى إنشاء المعهد الوطني العالي للموسيقى، الأمر الذي يعد دلالة على تعزيز روحية الصداقة والتواصل الدائم بين الشعبين في إطار تمازج الحضارات وتلقي المجتمعات، بخاصة أننا نعيش العولمة في كل اتجاهاتها».
وختمت بالقول “إن الشعبين اللبناني والصيني يتشابهون في الكثير من مراحل تاريخهم ونضالهم وصمودهم في وجه الصعوبات، لذلك هم مدعوون أن يلتقوا ليتشاركوا الخبرات ويتساندوا في الأزمات. وهذا ما سيكون مستقبل لبنان والصين من حيث الصداقة الأخوية، والتبادل في المعارف والبناء على إرث من الماضي الجميل يحمل في ثناياه مكونات المستقبل الزاهر والواعد».