من ينقذ السلطة من سقوطها الأخير؟
} علي بدر الدين
كشفت جلسة مجلس النواب لمناقشة البيان الوزاري لحكومة «معاً للإنقاذ» ومنحها الثقة الممنوحة أساساً، هشاشة تعاطي السلطة معها والاستلشاق بالإجراءات الميدانية اللازمة لإنجاحها، من خلال إثبات جديتها ومسؤولية ائتمانها على مصالح الوطن والدولة والشعب والمؤسسات، ولكنها سقطت في الامتحان، وفضحت نفسها أمام الرأي العام اللبناني الذي «شمت» فيها وأشغل «محركات» وسائل التواصل الاجتماعي، «للتنكيت» و «التنمير» على سلطة عاجزة عن تأمين التيار الكهربائي، وتوفير مادة المازوت لمولد مقرّ المجلس المؤقت في «الأونيسكو»، لا سيما لجلسة مناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة للحكومة، لأهميتها أقله من ناحية الشكل، لأنّ القوى السياسية والحزبية الأساسية موافقة ضمناً وسراً وعلناً، على كلّ ما ورد في متن البيان الوزاري، ولا حاجة لنقاش او تعديل او ثقة لأنه «سبق الفضل» والاعتراف والموافقة الكاملة من الجميع، باستثناء تحفظ لزوم الشعبوية من كتل ونواب، على أبواب الاستحقاق الانتخابي النيابي المقرّر في أيار من العام المقبل.
الجلسة النيابية المعلن عنها سابقاً، و»يتوقف» على عقدها و»مناقشات» النواب و»ثقتهم» الغالية بالحكومة وبيانها الوزاري، مصير وطن ودولة وشعب، كاد أن يطيح بها انقطاع التيار الكهربائي الرسمي والخاص، وفقدان المازوت البديل لتوليد الطاقة، وإضاعة الفرصة على الحكومة حديثة الولادة، التي تنتظر بفارغ الصبر وعلى أحرّ من الجمر، شرعنة ولادتها وقوننتها لتتفرّغ للعمل والإنتاج والإنقاذ الموعود التزاماً بشعارها «معاً للإنقاذ»، غير انّ القدر شاء، أنّ الاستعانة بمولدين كهربائيين في التوقيت الصحّ أنقذ الجلسة والحكومة والمسؤولين، من التأجيل والترحيل والاتهام بالإهمال والتقصير والاستخفاف بجلسة نيابية ضرورية، مطلوبة وملحة للإنقاذ المعوّل عليه، وكانت حرمت الشعب اللبناني من رؤية نوابه الحاضرين الغائبين، ومن الاستماع إلى أصواتهم التي اشتاق إليها، خاصة في ظروف صعبة وقاسية مرّ فيها ولا يزال، على كلّ المستويات وفي كلّ القطاعات والخدمات، كما عن السمع والقول والفعل.
هذا الشعب في ظلّ معاناة فقره وجوعه ووجعه، لم يعط أيّ اهتمام لجلسة نيابية شكلية ومعروفة النتائج، وقد ملّ من تباري نواب المزايدة والنفاق والوعود الكاذبة والخائبة، ومن مسرحيات السجالات المعلبة والنكايات المعلنة والمستترة، ولأنّ حال الكهرباء من بعضها، فهي مقطوعة على مساحة الوطن وعلى الشاشات التي لا صورة فيها ولا صوت، وقاسمها المشترك العتمة الشاملة، ومعظم الجمهور اللبناني التابع والمرتهن، الذي اعتاد التسمّر أمام شاشات التلفزة للاستمتاع بمواقف وعنجهيات وصرخات نوابه، فهو خارج التغطية والحضور الإعلامي، لأنه متسمّر في سياراته على محطات المحروقات، أو يجول هائماً على وجهه على الصيدليات، عله يجد حاجته من الأدوية المقطوعة علناً، المخبّأة والمخزنة إلى حين رفع الدعم عنها، أو أنه يقضي نهاره بحثاً عن عمل، بعد أن حوّلت السلطة السياسية والمالية الحاكمة شعبها إلى جيش من العاطلين من العمل لانتهاجها سياسة الفساد والمحاصصة والإهمال والانهيارات الاقتصادية والمالية.
نعم، السلطة المنغمسة بالفضائح والفساد والتحاصص مأزومة وقد وقعت في شرّ أعمالها، وفي حفرة حفرتها لشعبها، بحرمانه من الكهرباء والمازوت ومن أبسط حقوقه، فحرمت نفسها على قاعدة المثل «من ساواك بنفسه ما ظلمك»، ما يدلّ على أنها بحثاً عن مصالحها وتغليبها استهدفت جلسة «يعول» عليها. وسامح الله، من بادر وطلب المساعدة والإستعانة بصديق الذي تجاوب وأحضر بدلاً من المولد اثنين، وقام بعملية إنزال سريعة وناجحة لإنقاذ السلطة والجلسة معاً، وإلا لكانت فضيحتها بـ «جلاجل».
أنقذت السلطة هذه المرة، فمن ينقذها من سقوطها الأخير والنهائي؟ هل من يملك الإجابة؟