بوتين لأردوغان: المباحثات الروسية – التركية ليست سهلة ولكن نتيجتها إيجابية دائماً
انتهى لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، مساء أمس الأربعاء، في مدينة سوتشي الروسية.
وجرى اللقاء بعيداً من وسائل الإعلام، في قصر الرئاسة بمدينة سوتشي، واستغرق ساعتين و45 دقيقة.
وعقد الرئيسان الروسي والتركي أمس الأربعاء محادثات تناولت الحد من تجدد العنف في شمال غربي سورية، وإمكانية التوسع في مبيعات النظم الدفاعية الروسية لأنقرة على رغم الاعتراضات الأميركية.
وجرت المحادثات في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود وقال الكرملين إن الرئيس بوتين أنهى فترة العزل الذاتي بسبب احتمال الإصابة بفيروس كورونا بالاجتماع مع الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال مسؤولون أتراك قبل الاجتماع إن أردوغان سيطالب بوتين بعودة العمل بوقف إطلاق النار المتفق عليه العام الماضي لإنهاء هجوم تشنه روسيا وسوريا على مقاتلين تدعمهم تركيا في محافظة إدلب السورية.
وقال أردوغان لبوتين في بداية المحادثات “الخطوات التي نخطوها معاً في ما يتعلق بسوريا لها أهمية كبيرة. والسلام هناك يتوقف على العلاقات التركية الروسية”.
وأشار بوتين إشارة عابرة إلى سورية في تعليقاته الافتتاحية قائلاً، إنها “من المجالات التي حقق فيها التعاون بين البلدين قدراً كبيراً من النجاح”.
وأضاف الرئيس الروسي أن “المفاوضات مع تركيا صعبة أحياناً، لكن البلدين تعلما كيفية التوصل إلى حلول وسط مفيدة للطرفين”.
ويتضمن جدول الأعمال إمكانية شراء تركيا المزيد من بطاريات الدفاع الصاروخي الروسية أس-400 وهو ما تعارضه واشنطن بشدة.
وفي ما يبدو أنها إشارة إلى الأميركيين قال أردوغان لبوتين إنه “يريد بحث المزيد من التعاون الدفاعي بغض النظر عن الاعتراضات الأميركية”.
وقال أردوغان لبوتين “في الجمعية العامة للأمم المتحدة وجه لنا الأشخاص المعتادون أسئلة عن قضايا معينة بالتحديد بالطبع”.
وأضاف “قدمنا لهم الرد اللازم على أي حال. وليس من الممكن بالنسبة لنا أن نتراجع عن الخطوات التي أخذناها. وأنا أؤمن بصفة خاصة أن من الأهمية الكبرى بالنسبة لنا أن نستمر بتقوية العلاقات التركية- الروسية كل يوم”.
وكانت تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي قد اشترت بطاريات الدفاع الصاروخي الروسية أس-400 في 2019، الأمر الذي أدى إلى فرض عقوبات أميركية على صناعاتها الدفاعية وتحذيرات من واشنطن بإجراءات أخرى إذا اشترت المزيد من العتاد الروسي.
وفي الأسبوع الماضي أشار أردوغان إلى أن تركيا لا تزال تنوي شراء دفعة ثانية من بطاريات أس-400 وقال إنه لا يوجد بلد يمكن أن يملي على أنقره تصرفاتها.
وأكد الرئيس بوتين من جهته أن “تعاون بلاده مع تركيا مستمر بنجاح على الساحة الدولية، وأعني هنا مواقفنا تجاه كل من سورية وليبيا”.
وأردف أن “تعاون البلدين بخصوص إقليم (قره باغ) الأذربيجاني يحمل أهمية كبيرة من حيث المساهمة في تثبيت وقف إطلاق النار وضمان سلام أكثر متانة وديمومة مستقبلاً”.
ولفت بوتين، إلى أن جائحة كورونا حالت دون لقائه أردوغان وجهاً لوجه منذ عام ونصف تقريباً، إلا أنهما استمرا في الاجتماع عن بعد رغم ذلك.
وأعرب عن امتنانه جراء تطور العلاقات الثنائية بشكل كبير وإيجابي، مشيراً إلى استمرار اللقاءات بين الجهات والمؤسسات المعنية بين البلدين.
وأوضح أن حجم التجارة الثنائي سجل تراجعاً بمعدل 20 في المئة العام الماضي، في حين ارتفع في الأشهر الـ8 الأولى من العام الحالي 55 في المئة.
وأفاد بأن حجم التجارة مع تركيا سجل زيادة 50 في المئة في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، مضيفاً “لم نكتف بتلافي التراجع الحاصل بسبب كورونا وإنما حققنا زيادة مهمة بمعدل 30 في المئة”.
واعتبر بوتين، أن “المشاريع الكبيرة مع تركيا تسير وفق الخطة المرسومة، والاستثمارات الروسية هناك بلغت 6.5 مليار دولار، بينما استثمارات تركيا في بلاده وصلت إلى 1.5 مليار دولار”.
وأشار إلى “استمرار أعمال تمديد الغاز الروسي إلى تركيا ومنها إلى جنوب أوروبا (خط السيل التركي) بشكل طبيعي من دون مشكلات”، مشدداً على “أهمية هذا المشروع”.
ولفت إلى أنه “في الوقت الذي تشهد أسواق الغاز الطبيعي بأوروبا عدم الاستقرار، تشعر تركيا أنها في مأمن بسبب استمرار مشروع محطة أق قويو للطاقة النووية، وفق المخطط”.
وأكد أن “جائحة كورونا أثرت بشكل كبير في قطاع السياحة العالمي، لافتاً إلى أن عدد السياح الروس في تركيا عام 2019 بلغ 6.8 مليون، في حين تراجع إلى 1.5 مليون في 2020”.
وبيّن أن “حركة السياحة عادت إلى طبيعتها رويداً، حيث ارتفع عدد السياح الروس في تركيا خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الحالي إلى 2.5 مليون”.
وفي وقت سابق صرّح الرئيس التركي، بأن “السلام في سورية مرتبط بالعلاقات القائمة بين تركيا وروسيا”، وأكد أن أنقرة “لن تتراجع عن الخطوات التي اتخذتها باتجاه التعاون الدفاعي بين البلدين”.
جاء ذلك في كلمة أدلى بها أردوغان، أمس، قبيل بدء لقائه الثنائي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، بمدينة سوتشي الروسية، التي وصلها أول من أمس في زيارة رسمية.
وقال أردوغان: “السلام في سورية مرتبط بالعلاقات بين تركيا وروسيا، والخطوات التي يتخذها البلدان معاً بشأن سورية لها أهمية كبيرة”.
وأعرب عن ثقته بـ”وجود فائدة كبيرة من استمرار العلاقات التركية- الروسية وتعزيزها”.
وفي ما يخص التعاون الدفاعي بين البلدين، قال: “خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، سألنا البعض عن عدد من القضايا، وقدمنا لهم الإجابة اللازمة بأننا لا نتراجع عن الخطوات التي اتخذناها”.
وشكر أردوغان بوتين على “تضامن موسكو مع أنقرة” في إخماد حرائق الغابات التي شهدتها تركيا صيف العام الحالي، وترحم على أرواح الطيارين الروس الذين قضوا جراء تحطم طائرتهم أثناء إخماد حريق بولاية قهرمان مرعش التركية.
وتطرق إلى العلاقات الاقتصادية القائمة بين البلدين قائلاً: “على رغم حدوث بعض التذبذبات في حجم التبادل التجاري، إلا أنه بحالة جيدة جداً في الوقت الحالي، وأعتقد أنه سيكون في وضع أفضل”.
وتوجه الرئيس التركي بالشكر إلى السياح الروس لتفضيلهم تركيا على بقية الدول.
وعلى صعيد آخر، أكد أن إنشاء “محطة أق قويو النووية” بتركيا، يسير وفق الخطة المرسومة، وأضاف: “أعتقد أننا سنفتتح المفاعل الأول العام المقبل، وهذا المشروع الضخم يسهم بتعزيز العلاقات القائمة بين أنقرة وموسكو”.