حماية الاطفال في سوق العمل ودور الرقابة الحكومية والمدنية
} سارة السهيل
وضعت اتفاقيات العمل الدولية حداً أدنى لسنّ العمل ولإتمام التعليم الإلزامي بما لا يقلّ عن عمر 15 سنة، ومنعت تشغيل الأطفال حتى عمر 18 سنة في الأعمال التي تعرّضهم للخطر، وبالرغم من انّ التشريعات العربية في معظمها تواكب العمل بهذه الاتفاقيات، ومنها دول لا تسمح لأيّ شخص يقلّ عمره عن 15 عاماً بالعمل، مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن وغيرها، إلا أنّ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المتردّية والسيئة جداً، دفعت العديد من الأسر بأطفالها لسوق العمل من أجل توفير قوتها اليومي.
بينما يتعرّض الأطفال العاملون للاستغلال المادي دون وجود أيّ أمان وظيفي، فإنّ الأردن مثلاً، تشهد ارتفاعاً في عمالة الأطفال، رغم الحظر القانوني لتوظيف من هم دون سن الـ 16، كما زادت نسب عمالة الأطفال في الدول العربية بسبب الحروب كما حصل في سورية والعراق واليمن، بفعل عمليات النزوح والتهجير، الى جانب تأثيرات جائحة كورونا.
يعمل أكثر من 835 ألف طفل يمني أعمارهم بين 5 إلى 14 عاماً، بالزراعة وصيد الأسماك، ويتمّ استغلالهم بالنزاعات المسلحة، ونحو39.8% من أطفال الصومال أعمارهم بين 5 إلى 14 ويُقدّرون بنحو مليون طفل يزجّ بهم في سوق العمل ويتعرّضون للاستغلال الجسدي والاتجار بهم. وتجبر إريتريا الأطفال على العمل في الزراعة والمشاركة في برامج التدريب العسكري الإلزامي.
ونتج عن تشغيل الأطفال العديد من الآثار الضارّة عليهم، كالاعتداءات الجسدية، والجنسية، وسوء المعاملة العاطفية والعقاب البدنيّ بالضرب والشتم، واللّوم، والرفض، وإهمال تأمين احتياجاتهم من الغذاء والمأوى والعلاج والتعليم ..
وتتعرّض الفتيات خلال عملهن للتحرّش والاغتصاب، بينما يواجه الذكور مخاطر إدمان على المخدّرات والكحول، ناهيك عن تعدد المخاطر الناجمة عن عمالة الأطفال بحسب مجالات العمل التي يلتحقون بها، فالأطفال الذين بالزراعة يتعرّضون لمخاطر المبيدات الحشرية والأسمدة السامّة.
وعمالة الأطفال تحرمهم من التمتع واللعب مع نظرائهم ودفء عائلاتهم، مما يؤثر على صحة التفاعل الاجتماعي، وانخفاض ثقتهم بأنفسهم، وبعضهم يُصاب بالاكتئاب وإدمان المخدّرات ونمو السلوك العدوانيّ، فضلاً عن ضياع مستقبلهم التعليمي، لقضائهم معظم وقتهم في العمل.
انّ التشريعات الوطنية الخاصة بعمالة الأطفال في عالمنا العربي يجب ان توازن بين العمر المناسب للعمل وظروف التشغيل للأطفال. ووضع القوانين الرادعة والمتوعّدة للذين يستغلون الأطفال ومعاقبتهم، مع تفعيل آليات عملية وواقعية لمراقبة تطبيق هذه القوانين. ولا بدّ من إنشاء النقابات المختصة والمسؤولة عن تحقيق الحماية للأطفال ومنعهم من العمل ونشر الوعي الثقافي لدى عامة الناس حول مخاطر عمل الأطفال، مع تقديم الخدمات التعليمية والضرورية لهم. وتقديم المساعدات الضرورية اللازمة للعوائل الفقيرة التي تضطر إلى إرسال أطفالها للعمل.