تداعيات الانسحاب الأميركي المريب من أفغانستان
} عمر عبد القادر غندور*
لا يزال الحدث الأفغاني والانسحاب الأميركي المريب من أفغانستان يتصدّر الاهتمام في أوساط المراقبين الذين يجدون ثمة استراتيجيات جديدة لمرحلة جديدة، والسؤال هل تصلح حركة طالبان لتكون في خدمة الاستراتيجيات الأميركية التي فشلت في حروبها على الإرهاب؟
لا شكّ أنّ الولايات المتحدة تريد لطالبان أن تحقق ما لم تحققه هي، فتركت لها طائرات حديثة وآليات ضخمة وكمّاً كبيراً من ذخائر لا تنضب، ولو لم يكن الأمر كذلك لسحبت هذه القدرات العسكرية مباشرة قبل انسحابها السريع، او دمّرتها بأيسر السبل!
إذن الولايات المتحدة بصدد استراتيجية جديدة ستتظهّر من خلال خطوات تستغرق وقتاً وفي مقدّمها إشغال الصين التي تراها الولايات المتحدة العدو الأول، وثانياً إيران التي تتهمها الولايات المتحدة بالتغلغل في البلاد العربية على نحو ما تراه في العراق واليمن وسورية ولبنان والسيطرة على منطقة الشرق الأوسط!
وهناك من يقول انّ سيطرة طالبان على أفغانستان لن تكون خطيرة بوجود منظمات اسلامية معادية للنظام الدولي والدول العربية مثل داعش التي سبق وكفّرت طالبان، بالاضافة الى كثرة الاتنيات في أفغانستان، لا بل هي بحاجة الى مساعدات انسانية وغيرها، وهو ما تحاول قطر وتركيا القيام به ربما بتكليف من الولايات المتحدة، التي لم تنس احداث 11 ايلول 2011 التي أودت بحياة ثلاثة الاف أميركي في المركز التجاري العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع البنتاغون، ومن تداعيات هذا الهجوم اندلاع احداث سياسية وعسكرية ذهب ضحيتها ملايين البشر في أفغانستان والعراق وباكستان، ورفض القاضي الأميركي جورج دانيلز إلغاء مجموعة دعاوى قضائية ضدّ السعودية التي اتهمت بتقديم الدعم والايواء لكثير من الذين شاركوا في الهجمات!!
ويقول باحثون استراتيجيون ان الولايات المتحدة صعّدت من حربها على «الاسلام السني» الذي ينتمي اليه «الارهابيون» لا بل سعت الولايات المتحدة الى أبلسته طوال العقدين الماضيين، ثم انضمّت اوروبا بعد ظهور تنظيم داعش خلال «الربيع العربي» المزعوم.
ويعتقد الباحث الاستراتيجي اللبناني الماروني نبيل خليفة في كتابه «استهداف السنة» لا بل يروّج انّ الاستهداف الأميركي للسنة قد يتبدّل الى استهداف للشيعة في ضوء ما سماه التوغل الإيراني في الشرق الاوسط وتبنيه للقضية الفلسطينية، وانّ المصلحة على الأمد البعيد ستكون مع الاكثرية السنية التي تشكل 85% بينما الشيعة يمثلون 15%.
أما الأبلسة التي توجهها الولايات المتحدة تارة للسنة وتارة للشيعة فقد سبق للإمام الخميني أن أطلق على أميركا اسم «الشيطان الأكبر».
وإذا كانت الولايات المتحدة مخطئة في رهانها على الشيعة فهي مخطئة أكثر اذا راهنت على السنة، لان الشيعة والسنة يقرأون في كتاب واحد هو القرآن الكريم وهو الفصل في كلّ أمر لا يجاريه ولا يعلو عليه كلام آخر تصديقاً لقوله:
«وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) المؤمنون»، والرهانات الأميركية على السنة تبقى خائبة لأنها تراهن على أدواتها من الحكام وليس على شعوبها، والرهان على الأكثرية والأقلية رهان خاسر حتى في زمن التطبيع بين الحكام وجلاديهم! ويقول سبحانه وتعالى «كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) البقرة»
وأمام الأمة درس بليغ في القلة والكثرة ولا يتدبّره إلا من آمن وصدق واهتدى لقوله سبحانه «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ 25التوبة»