زرْع أرزة شهداء الصحافة في الباروك القصيفي: سقطوا وهم يرفعون عالياً راية الحرية
زار وفد من نقابة محرّري الصحافة اللبنانية برئاسة النقيب جوزف القصيفي بلدة الباروك ومحمية أرز الشوف، وضم الوفد أعضاء مجلس النقابة: علي يوسف، سكارليت حدّاد، يمنى شكر غريب، واصف عواضة، حبيب شلوق ومستشار النقابة صلاح تقي الدين، بدعوة من رئيس بلدية الباروك – الفريديس إيلي نخلة الذي أقام للوفد استقبالاً أمام ضريح ناظم النشيد الوطني رشيد نخلة، بمشاركة فاعليات البلدة.
بعد وضع إكليل من الزهر على الضريح، ألقى القصيفي كلمة شكر فيها لرئيس البلدية «الرعاية والاستقبال والمشايخ والآباء والفاعليات». وقال «إن بلدة أنجبت المرحوم الشيخ أبو حسن عارف حلاوي المرجع الروحي الكبير حلاوي الذي لم يكن لطائفة الموحدين فحسب وإنما لكل طوائف الوطن، وهو الداعي دوماً إلى الإلفة والمحبة والوحدة الوطنية. والشاعر رشيد نخلة الذي نتحلق حول ضريحه تحت ظلال النشيد الوطني وبما ترك للبنان من إرث ثقافي كبير. وهي بلدة الأرز وفيها هذه النخبة من الرجال تستحق التقدير والوفاء، ولما نتحدث عن الصحافة فإنما نبدأ من هنا وهذا الجبل حيث مساحات الحرية والتلاقي والتنوع والأصالة، مؤكدين فخرنا كنقابة أن نكون هنا مكرّمين رشيد بك نخلة».
وتحدث المختار يوسف حلاوي باسم المستقبلين، مرحباً بالوفد وشاكراً للزيارة من «رجالات الحرية والكلمة والأقلام الحرّة والأفكار النبيلة في هذه البلدة التي تزهو بالحرية والتفاعل والتلاقي، وهي أول من شهدت انطلاق المصالحة الوطنية بعد الأحداث التي عصفت بالجبل ولبنان، وستبقى مستمرّة على النهج الوطني من أجل خير الإنسانية والكرامة البشرية وكل الوطنيين واللبنانيين من أجل خير هذا الوطن الذي ضحينا ونضحي لأجله».
بعد ذلك، زار الوفد غابة أرز الباروك حيث زرع فيها أرزتين، باسم، شهداء الصحافة اللبنانية ونقابة المحرّرين.
وفي موقع الأرزتين، ألقى النقيب القصيفي كلمة قال فيها «أن نزرع أرزة على اسم شهداء الصحافة اللبنانية، في غابة أرز الباروك، وهي إحدى محميات لبنان الأجمل بمبادرة من رئيس بلدية الباروك – الفريديس المحامي إيلي أنطوان نخله وأعضاء مجلسها الكرام، فإن ذلك ينطوي على دلالة كبرى وهي أن كل شهيد صحافي وإعلامي منذ العام 1975 حتى هذا اليوم، هو أرزة شامخة لن تقوى عليها أعاصير النسيان، ولن يطويها الردى، لأن الخوف يكون من إماتة الروح، لا الجسد. ولذلك، فإن روح الشهيد تهيم بين راسيات الجبال وعاليات الذرى وسامقات القمم والتلال وآلاكام، بلوغاً إلى الأودية السحيقة والسهول الفسيحة، تلقي ظلالها وتنثر أريجها، ويبقى صوتها صادحاً، متصادياً سحابة الدهر. شهداء الصحافة ما كانوا مسجلين في خانة طائفة أو معتقد أو حزب أو منطقة أو عائلة، فهم من كل الطوائف والمعتقدات والأحزاب والمناطق والعائلات، سقطوا في مواقع عدّة لكنهم سقطوا وهم يرفعون عالياً راية الحرية، راية لبنان التي نظم نشيدها ابن الباروك رشيد نخله: كلنا للوطن… للعلى للعلم. وقد استحقت بانتمائه إليها اسم: بلدة الرشيد والنشيد».
وأضاف «أرزة شهداء الصحافة اللبنانية على هذا الجبل الأبهى تختصر كل شهداء هذه المهنة الشريفة التي كانت رأس الحربة في تحرّر لبنان ونهضته منذ النصف الأول من القرن التاسع عشر. أما الأرزة التي أطلق عليها أرزة نقابة محرّري الصحافة اللبنانية، فهي لفتة تكريم مشكورة تجاه نقابة تبقى رغم كل التحديات والصعاب، نقابة الحرية وقد سقط من بين صفوفها الشهداء، وفي مقدمهم نقيبها نسيب المتني في العام 1957، وهو ابن الدامور الشوفية ملتحقاً بأحد فرسانها شهيد الصحافة الأول سعيد فاضل عقل في العام 1916 الذي أُعدم شنقاً في ساحة البرج. إن فرحة النقابة بمبادرة رئيس بلدية الباروك – الفريديس بتخصيصها أرزة تزرع في هذه المحمية، تعادلها مسؤولية التزامها في الوقوف إلى جانب الزملاء في مواجهة الأحوال الصعبة، ومواصلة بذل الجهد والعمل من أجل أن تنحسر هذه الأحوال».
وختم القصيفي «الشكر أسوقه إلى المحامي إيلي نخله وإخوانه في المجلس البلدي وكل من شارك في هذا الاحتفال، مؤكداً أن الحرية كقمة باروكية تبقى شامخة رغم عاديات الزمن، وكأرزة دهرية موغلة في رحم ارضنا المعطاء، فلن يدركها موات، أو يسقطها زلزال. عذر لمن مات لا عذر لمن سلما، اذا تهدم مجد واستبيح حمى، سيان عند ابتناء المجد في وطن، من يحمل السيف أو من يحمل القلما».
بعد ذلك، أقام رئيس البلدية مأدبة غداء على شرف الوفد، في حضور عدد من فاعليات البلدة، قدم خلاله النقيب القصيفي لنخلة درعاً تكريمية تقديراً لجهوده في خدمة البلدة والمنطقة.