هيمنة مطلقة لبلد واحد من بين الدول المنتجة للمعدن الأكثر استخداماً في العالم
كانت المعادن على مر عصور الإنسانية، عاملاً أساسياً في تعريف الحقبة الزمنية مثل العصر البرونزي والحديدي، ولا شك أن الفترة الحالية من تاريخ البشرية هي عصر الصلب (الفولاذ) بجدارة.
يشكل هذا المعدن أساس حياة البشر الآن، ومنه تصنع المباني والمركبات وتقوم عليه الصناعات المختلفة، حتى أن معدلات إنتاجه واستهلاكه أصبحت مقياساً على التنمية في البلدان، بحسب تقرير لموقع “فيجوال كابيتليست” الإحصائي.
يعد الصلب حالياً، المعدن الأكثر استخداماً في العالم وكذلك أكثر المواد التي يعاد تدويرها. في العام الماضي فقط، وهو العام الذي شهد أشد لحظات الوباء خوفاً وتقييداً، أنتج العالم مجتمعاً 1.8 مليار طن متري من الصلب.
ويتشكل الصلب أساساً من خام الحديد، وتحتوي سبائكه على أقل من 2 في المئة كربون و1 في المئة منغنيز وعناصر أخرى، وعلى رغم أن الاختلاف يبدو محدوداً، فيمكن للصلب أن يمنح الإنسان معدناً أقوى 1000 مرة من الحديد.
وعلى رغم ذلك أيضاً، فهذه ليست مكمن القوة الذي يتميز به الصلب، وإنما قابليته لإعادة التدوير اللامحدودة من دون فقدان الجودة، وبصرف النظر عن النقاء أو الاستخدام، فإن منتجات الصلب يمكن إعادة تدويرها، لإنتاج منتجات صلب جديدة (تحتوي 30 في المئة من المادة المعاد تدويرها).
بفضل الخصائص المغناطيسية لسبيكة الصلب، يمكن لهذا المعدن بسهولة أن يتعافي، ويمكن استخدام 100 في المئة تقريباً من المنتجات المشتركة لصناعة الصلب في أعمال أخرى أو لتوليد الكهرباء.
وتكشف بيانات الاتحاد العالمي للصلب كيف هيمنت الصين على هذه الصناعة الحيوية خلال الخمسين عاماً الماضية، حيث تضاعف إنتاجها مرات عدة ليصل إلى مستويات مذهلة منذ أواخر ستينيات القرن السابق، عندما تجاوزت إمداداتها بالكاد 10 ملايين طن متري.
كانت أوروبا هي المنتج المهيمن في هذه الصناعة قبل استيقاظ التنين الصيني، حيث بلغ إنتاجها في أواخر الستينيات نحو 165 مليون طن متري، تليها الولايات المتحدة الأميركية بنحو 115 مليون طن متري، ثم الاتحاد السوفياتي بـ102 مليون طن متري، وبعد ذلك اليابان بـ62 مليون طن متري.
في حين أن إنتاج هذه الدول الكبرى لم تحدث له أية تغيرات دراماتيكية، بعضها انخفض وبعضها الآخر زاد بنسب ملحوظة، فإن التغير الملحمي كان في الإنتاج الصيني، الذي لولاه، لربما واجه العالم أزمة في الإمدادات، وفيما يلي نظرة على أكبر المنتجين عالمياً وفقاً لبيانات عام 2020.
الصين 1053
الهند 99.6
اليابان 83.2
روسيا 73.4
أميركا 72.7
كوريا.ج 67.1
تركيا 35.8
ألمانيا 35.7
البرازيل 31.0
إيران 29.0
هذه الأرقام تشير إلى الإنتاج في عام 2020 (بالمليون طن متري). اعتمدت بيانات الاتحاد الدولي للصلب على تقدير الإنتاج في روسيا وإيران، لعدم توافر البيانات الرسمية بعد.
وكما يتضح من البيانات، فإن الإنتاج الصيني قفز تقريباً إلى 75 ضعف المستوى الذي كان عليه في أواخر الستينيات، لتصبح الدولة الآسيوية هي مغذي العالم الأول باحتياجاته من المعدن الذي يقود النمو في كل الأنحاء.
وكشف التقرير أيضاً أنه خلال عام الوباء، تراجع إنتاج العالم من الصلب بمقدار يقل عن 1 في المئة على أساس سنوي، مع العلم أن بعض البلدان تأثرت أكثر من غيرها، وعلى سبيل المثال، في حين انخفض إنتاج أميركا واليابان وأوروبا بنسب 17 في المئة و16 في المئة و9 في المئة على التوالي، نما إنتاج الصين بنسبة 5 في المئة.
يبدو أن هذه الصناعة لم تلتفت حتى إلى الوباء، فبالمقارنة، وخلال الأزمة المالية العالمية، وتحديداً في عام 2009، انخفض الإنتاج العالمي بنسبة 8 في المئة على أساس سنوي.
لكن، ولأن الأداء الصيني كان مذهلاً على طول الطريق، فإن إمدادات البلاد من الصلب زادت بنسبة 13 في المئة، في الوقت الذي هبط فيه الإنتاج بشكل حاد في مناطق مثل أميركا بنسبة 35 في المئة، وأوروبا 27 في المئة، واليابان 26 في المئة.
من بين أبرز التحولات التي شهدتها هذه الصناعة أيضاً، كان انخفاض الإنتاج والتوظيف في الولايات المتحدة بنسبة 50 في المئة بين عامي 1974 و1984، وفي ذلك الوقت اتسعت حصة الاتحاد السوفياتي من السوق العالمية، حتى أنه أصبح أكبر منتج للصلب الخام.
وفي عام 2017، بلغ إنتاج الصين من الصلب 870 مليون طن متري، لتتجاوز للمرة الأولى إجمالي إنتاج العالم مجتمعاً، والذي بلغ آنذاك 865 مليون طن متري.
على جانب آخر، بلغ إنتاج بلدان الشرق الأوسط مجتمعة في عام 2020، نحو 45.4 مليون طن متري، فيما سجل إنتاج دول أفريقيا نحو 17.2 مليون طن متري.