تغيّر الكلّ وسورية ثابتة…
} ربا يوسف شاهين
يبدو أنّ الطاولة السياسية التي انعقدت لشن الحرب على سورية، بدأت بنزع الأغطية الاحتدامية التي أُلقيت عليها تباعاً، ويعود الفضل في ذلك، إلى انتصارات الجيش السوري، والحلفاء في المقاومة وإيران وروسيا والصين، والدول التي ناهضت الحرب الإرهابية على سورية، وهذا ما أكده وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد، إبان عودته من نيويورك، وفي خضمّ التطلعات التي أرادتها دمشق، من اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي ترتكز على احترام ميثاق الأمم المتحدة، والقوانين الدولية، في احترام سيادة الدول، بدا جلياً الاهتمام الذي لاقته الشخصيات السورية الحاضرة في الاجتماع، الأمر الذي يؤكد تغيّر المناخ السياسي لجهة التعاطي مع الدولة السورية.
سورية التي عانت على مدى عشر سنوات من الإرهاب، لم تتغيّر في مواقفها، أو تحيد عن ثوابتها الوطنية والمركزية، في إنهاء الإرهاب من كلّ شبر من الجغرافيا السورية، وهي في خضمّ مواجهاتها السياسية والعسكرية، لم تألُ جهداً لإظهار حقيقة ما جرى ويجري في سورية، وقد أثبتت للعالم بأسره، أنّ الحرب الإرهابية تشكل خطراً كبيراً على جميع الدول، ويجب أن تحرص جميع الدول على أن لا يمسّها هذا البركان القاتل للإنسان.
في جانب مواز ويتسق مع الأحداث السياسية بشقيها الإقليمي والدولي، جاء لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي الروسية، بالتزامن مع اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لروسيا الاتحادية، ومع اقتراب انعقاد الجولة السادسة من مباحثات جنيف بشأن صياغة الدستور السوري، يوم غد الأربعاء…
كلّ ذلك مؤشرات تدلل على أنّ الدولة السورية، استطاعت وعبر جملة تحركاتها السياسية والعسكرية، من تحقيق التقدّم على المستويين العسكري والسياسي، ففي الجنوب السوري ومع اتفاق المصالحة الذي تمّ مع الجيش السوري، وإنهاء حالة التمرّد المسلح في المناطق التابعة لدرعا البلد، شكل انتصاراً كبيراً للحدود الجنوبية لسورية، كونها تُعد منطقة هامة وحيوية، خاصة أنها على الحدود مع الأردن وفلسطين المحتلة، فقد أغلقت البؤرة الإرهابية التي كانت تشكل عائقاً كبيراً لاستمرار الحياة الآمنة لأهلنا في درعا، وبالتالي لدول الجوار في الأردن، وضمن ذلك، تم افتتاح معبر نصيب وتأمينه من قبل الدولتين السورية والأردنية، الأمر الذي يُشكل نجاحاً في إعادة روح الانتعاش الاقتصادي، وبالتالي الاجتماعي والأمني لكلا البلدين، ما يعني الحدّ من تأثيرات «قانون قيصر» الأميركي، الذي فُرض على سورية.
ولا يبتعد الشمال السوري في الأهمية عن الجنوب السوري، واجتماع الرئيسين الروسي والتركي في سوتشي، انتهى على التوافق على حلّ مسألة إدلب، عبر إنهاء الوجود للفصائل الإرهابية، ورغم أنّ المتابع للمشهد السوري يُدرك تماماً أنّ المجموعات والفصائل الإرهابية التابعة للنظام التركي، ما زالت تُنفذ هجماتها الإرهابية، مُستهدفة الجيش السوري، ومناطق المدنيين، وكان آخر تلك الهجمات في مناطق خفض التصعيد، وإرسال طائرة مسيّرة باتجاه مطار حميميم حيث القاعدة الروسية الضخمة، وهنا لا بدّ من سؤال يُطرح، لماذا لا يتمّ الإيعاز من قبل النظام التركي لهذه الفصائل الإرهابية بالتراجع؟ وما هو المقابل الذي سيجنيه أردوغان من خلال الاتفاقيات التي وصفت من قبل الرئيس بوتين بالإيجابية؟ فالأساس في كلّ هذا التحرك السياسي، نقطة وحيدة هامة، ترتكز على جزئية أنّ الحليف الروسي، يدرك جيداً أنّ سورية لن تتنازل عن شبر من أرضها، وأنّ احترام سيادتها تكفله القوانين والمواثيق الدولية، ويبقى الحلّ السياسي من وجهة النظر السورية، هو لحفظ الدم السوري، والذي لن يتمّ إلا بانهزام المحتلّ التركي والأميركي، وتوابعهم من الفصائل الإرهابية وميليشيا «قسد».
في المحصلة، سورية كانت ولا تزال هي التي تمتلك الشرعية الحقيقية في الدفاع عن أرضها، وهي عازمة على دحر الإرهاب عن جميع أراضيها، سواء بالحلّ السياسي أو العسكري.